ينفق القائمون على سجن “هالدن Halden” في النرويج ما يقارب المليون دولار على رسومات الحائط و الإضاءة و الصور (كما يظهر في الصورة) لخلق جو من الراحة النفسية للنزلاء ! و ما هذه الا واحدة فقط من اساليب الراحة العديدة التي يحرص هذا السجن على تأمينها بشتى الوسائل. في هذا السجن الاستثنائي توجد مواصفات الحياة التي يعيشها أي مواطن في النرويج بل و أكثر حرصا على تحضير النزلاء للعودة الى حياتهم الاعتيادية بروح مقبلة و بنفسية متوازنة. لغرف في سجن هالدن تحتوي على حمام ببلاط سيراميك وثلاجة وشاشة تلفاز مسطحة وهي ليست للرفاهية فقط ولكن لمنع استخدامها كمخبأ للمخدرات وللممنوعات من قبل بعض النزلاء. يوجد لكل 10-12 غرفة مطبخ و غرفة معيشة حيث يسمح للنزلاء بطبخ طعامهم في المساء بعد يوم حافل بالنشاطات و الفعاليات المفيدة. كما أن النوافذ في سجن هالدن خالية من أية قضبان. النشاطات والفعاليات في السجن ينظمها الحراس طوال اليوم ابتداء من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساءا وهي معدة خصيصا لتنمية المواهب عند السجناء لتعبئة أوقات فراغهم بما هو مفيد سواء في حياة السجن أو كمهارات يكتسبونها لما بعدها ومن هذه النشاطات كرة السلة وتسلق الصخور والركض وكرة القدم. قد تبدو هذه النشاطات عادية ومتواجدة في عدد من السجون الأخرى و لكن ما هو غير عادي هو وجود ستوديو تسجيل خاص في السجن مع مختص بتسجيل الصوت ومعلمي موسيقى يتعاملون مع النزلاء كتلاميذ وليس كمساجين. الجدير ذكره أن عددا من الكورال من حراس السجن اشتركوا في النسخة النرويجية من برنامج المواهب “أميريكان أيديل American Idol” و هم يأملون بإنتاج أول أغنية للسجن بمشاركة النزلاء. تصميم السجن يسمح للنزلاء بالإحساس بجميع فصول السنة بالرغم من وجود السور الذي يصل طوله لستة امتار، ويوجد في السجن أيضا حديقة مزودة بممرات للركض و مقاعد للجلوس. تم الاستعانة بمصمم داخلي متخصص لخلق جو يجمع بين الراحة و الارتخاء مع جو من النشاط والحيوية حتى لا يشعر النزلاء بالملل أو الروتين، استخدم المصمم أكثر من 18 لونا في أجزاء السجن الداخلية مثل درجات الأخضر في الغرف لمزيد من الراحة بينما كان اللون البرتقالي في المكتبة و غيرها من القاعات لبث روح النشاط. يوجد في سجن هالدن غرف نوم مخصصة لأهالي النزلاء اذا أحبوا استضافتهم في حال كانت رحلتهم لرؤية ذويهم المسجونين طويلة وكانوا من خارج البلدة..! يتم تدريب الحراس في سجن هالدن وفق برامج مخصصة و أحد أهم المهام الوظيفية التي توكل اليهم هي رفع الروح المعنوية لدى النزلاء وحثهم لتكون فترة محكوميتهم محفزة وداعمة قدر الامكان لحياة ما بعد السجن، يقوم الحراس أيضا بتناول الطعام واللعب مع النزلاء. أكثر من نصف الحراس من الجنس اللطيف “النساء” اذ تؤمن ادارة السجن بأن وجود النساء يقلل من التوتر و يشجع على السلوك الجيد. الجدير ذكره هنا أن بلدان كالسويد “البلاد التي لا يوجد فيها فقراء!” والنرويج ارتكز نسيج المجتمع فيها على الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للأفراد في مقابل الضرائب العالية التي يدفعها الفرد فتجد أنهم يعتمدون على الدولة في كل شيء فتتداخل الدولة مع أفراد المجتمع في التأمين الصحي والنفسي وتأمين المسكن وتأمين كل من العمل والبطالة والتعليم وكل جوانب الحياة اللازمة وحتى في تأمين العاملات المنزليات “الخادمات” والممرضات إن دعت الحاجة.