– الصحيفة الورقية - جميل الجعدبي لعبت الأغنية ومازالت تلعب دوراً هاماً وركيزة أساسية في مسيرة تاريخ الثورات التحررية عند جميع الشعوب وفي مختلف العصور، ولا يقل هذا الدور شأنا عن دور البندقية والرصاصة في مقاومة الطغاة والمحتلين.. ويمكن اعتبار الأغنية بما تضمنته من كلمات عاطفية وألحان موسيقية حماسية وهتافات جماهيرية وجدانية، يمكن اعتبار هذا الخليط جذوة ايقاد شعلة النضال الوطني التحرري عبر التاريخ، فبواسطة الأغنية تمكن الثوار من ايقاد الحماس الجماهيري ضد الطغاة والمستعمرين، وتمكن الثوار عبر اللحن العذب والموسيقى الحماسية من تبادل الرسائل الإخبارية فيما بينهم ومؤازرة بعضهم البعض وتوسيع رقعة مساحة نضالهم الثوري وتوحيد اهدافهم .. ولعل أهمية دور الأغنية في صناعة الثورات يتضح بجلاء في حجم الرقابة الصارمة والقيود التي فرضها النظام الإمامي شمال الوطن والاستعمار الأجنبي جنوب الوطن على الأغنية والموسيقى قبيل ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، الأمر الذي تطلب تدخلا مصريا لمطربة الثورات العربية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي الفنانة فايدة كامل بالأنشودة المعروفة لدى كل الأجيال من خلال كلماتها «بالإرادة والعزيمة والجهاد / اليمن اشعلها ثورة ع الفساد».. والملاحظ أن الأغاني المرتبطة بالثورات سواء كانت أغانٍ عاطفية أو أناشيد وطنية كروائع الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) ورفيق دربه الفنان الكبير أيوب طارش، والتي شكلت وجدان الجماهير اليمنية شمال الوطن وجنوبه، وكسرت حواجز الخوف، وألهبت حماس الأحرار للتسابق على التضحية بأرواحهم في سبيل تحقيق أهداف الثورة اليمنية «سبتمبر، اكتوبر، نوفمبر» ثم تحقيق الوحدة اليمنية في ال22 من مايو 1990م .الملاحظ- أن هذه الأغاني مازالت تعبر عن وجدان الجماهير وطموحاتهم، وحتى في ظل انقسام الجماهير عام 2011م بين مؤيد للتغيير عبر ما عرف بثورات الربيع العربي وبين مؤيد للتغيير عبر الانتخابات، بقي صوت أيوب طارش صادحا خفاقا في ساحتي الطرفين بنفس اللحن والأنشودة في ارتباط جماهيري وتناغم وجداني يمثل بحد ذاته ظاهرة فريدة ومثيرة للتأمل والدراسة والتحليل..