تظاهر العشرات من أنصار تنظيم القاعدة, ومتعاطفون معهم, أمس, أمام منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي, في العاصمة صنعاء, احتجاجا على استمرار الغارات الجوية, التي تنفذها الطائرات الأمريكية بدون طيار, ضد عناصر من «القاعدة» في عدد من المحافظات والمناطق اليمنية. ونظمت التظاهرة أمس تحت شعار «كرامة وطن», ظهر فيها ملتحون, وعدد من أقارب الضحايا, ورفعت فيها أعلام تنظيم القاعدة, وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها أعلام «القاعدة» في العاصمة. واحتشد المتظاهرون أمام مقر الجامعة صنعاء في «شارع الدائري», قبل أن ينطلقوا في مسيرة صامتة سيراً على الأقدام, إلى أمام منزل الرئيس هادي في «شارع الستين الغربي».. وأكد المتظاهرون رفضهم لما وصفوه ب"الوصاية الأجنبية" ورددوا هتافات تتهم الحكومة اليمنية ب"التفريط في السيادة الوطنية والسماح للطيران الأمريكي بممارسة عمليات قتل المواطنين اليمنيين خارج إطار القانون". وقال ل"الشارع" محمد الأحمد, أحد المتظاهرين, إنه وزملاءه المحتجين, يرفضون الغارات الأمريكية «لأنها تعد من جرائم الإعدام خارج القانون, فضلا عن أنها تمثل انتهاكا للسيادة الوطنية لليمن, وهي جرائم يعاقب عليها في القانون اليمني». وأضاف الأحمدي أن تظاهرة أمس تمت «للتأكيد على أن استمرار الغارات الجوية في اليمن يضع البلاد على كف عفريت». وتابع الأحمدي, المنسق القانوني لمنظمة الكرامة في اليمن: «إضافة إلى كونها خروقات صارخة لحقوق الإنسان, هي تثير المزيد من المشاكل وتزيد تعقيد الأمور خاصة فيما يتعلق بملف القاعدة في اليمن». وقال أحد المتظاهرين للصحيفة إن التقديرات تقول إن ألف شخص قتل في غارات الطائرات الأمريكية منذ بدايتها وحتى الغارة الأخيرة التي استهدفت عددا من العناصر في «منطقة سنحان», الخميس الماضي. وأضاف هذا الشخص رافضاً ذكر اسمه: «نحن نعتقد أن كل عمليات الإعدام, سواء كان الضحية متهما بكونه منتميا إلى جماعة إرهابية, كلها عمليات إعدام خارج عن القانون, لأن المتهم, حتى لو كان منتمياً إلى تنظيم القاعدة, أو يشتبه بعلاقته بجماعة مسلحة, من حقه الحصول على محاكمة عادلة». وقال متظاهر آخر, فضل عدم ذكر اسمه: «نطالب من الرئيس هادي, وحكومة الوفاق, سرعة وقف الغارات الأمريكية باعتبارها خرقاً للقانون اليمني والدولي الخاص بحقوق الإنسان, وانتهاكا للسيادة اليمنية». وأضاف: «خروجنا اليوم ومعنا عدد من أسر وأهالي الضحايا الذين طالتهم الغارات الجوية للطائرات الأمريكية بدون طيار, بهدف إلى إيصال رسالة واضحة إلى القيادة اليمنية والعالم بما يحدث من عملية إبادة جماعية وانتهاكات لا حدود لها يتعرض لها عدد من أبناء الشعب اليمني». وتابع: «ما يحدث في اليمن هو عبث وقتل جماعي دونهما مراعاة للقوانين الدولية التي تحرم القيام بمثل هذه الأعمال التي تعد من أكبر المخالفات والانتهاكات على مر التاريخ». وقال محتج رابع للصحيفة: « خروجنا مطالبين ومناشدين للمجتمع الدولي, وكل الأحرار في العالم, بتوقيف هذا العدوان الأمريكي على المواطنين اليمنيين, وكذا احترام المعتقلين في السجون خارج الحدود اليمنية». وأوضح أنه وبقية المحتجين يطالبون «بتفعيل دور القانون والقضاء في محاكمة كل من ارتكب جرماً, أو أمرا مخالفا للقانون, أو اعتداء على كرامة الإنسان والوطن». وأضاف: «هناك تقارير, وغالبا ما تكون تقارير رصد أجنبية, تقول إن أكثر من إلفي شخص قتلوا في عمليات القصف الأمريكية في اليمن, خلال العامين الماضيين, أغلبهم من المدنيين. وكل من يقتل خارج إطار القضاء والقانون يعتبر مدنياً, وقتله جرماً يحاكم ويحاسب عليه القانون ما لم يكن بحكم قضائي بات». وقال محتج خامس: «أتينا إلى هنا من أجل المطالبة برفع الظلم, وعدم ضرب اليمنيين, واستهداف المواطنين اليمنيين الأبرياء». وأضاف: «لقد تم ضرب اليمنيين في عدد من المحافظات غالبيتهم أبرياء, لا علاقة لهم بأي جماعة من الجماعات, أم منظمة من المنظمات التي تدعي تلك الحكومات أنهم مطلوبين في قضايا ما يسمى بمكافحة الإرهاب في اليمن». من جانبه, أوضح المحامي عبد الرحمن برمان من منظمة "هود" بأن هجمات الطيران الأمريكي في اليمن تعد جريمة انتهاك للسيادة الوطنية بحسب الدستور اليمني, ناهيك عن أنها تمثل انتكاسة فادحة لحالة حقوق الإنسان في البلد, باعتبارها عمليات إعدام خارج القانون. وفيما أكد برمان أن «القضاء اليمني وأجهزة الدولة هي المعنية بمسؤولية حماية الامن في البلاد وضبط أي شخص يثبت تورطه بارتكاب فعل مجرم قانوناً», جدد دعوته الى الحوار مع عناصر تنظيم القاعدة. وقال: «إن الحوار مع كافة القوى والجماعات المسلحة, دون شروط مسبقة, هو الخيار الأفضل للخروج من دوامة العنف التي يخشى أن تنزلق إليها البلاد, كما هو الحال في بلدان من العالم». وقال القيادي الجهادي السابق ورئيس اللجنة التحضيرية لحزب الإنقاذ الوطني (تحت التأسيس) رشاد محمد سعيد: «المعالجات الأمنية التي تتبعها السلطات اليمنية في التعاطي مع ملف "القاعدة" في اليمن يدفع بالبلد إلى مربع الهاوية, خصوصاً مع الارتهان إلى القوى الخارجية, وارتفاع وتيرة العنف», مشيراً إلى أن هذا الأمر «يزيد من الاضطرابات الأمنية في وقت أحوج ما يكون فيه البلد إلى الأمن والاستقرار تمهيداً للدخول في مؤتمر الحوار الوطني الفاعلة, ومتحرراً من كل الضغوط والوصاية الخارجية والداخلية». وتشير تقديرات منظمات حقوق الإنسان في اليمن إلى سقوط مئات القتلى في هجمات الطيران الأمريكي في اليمن, بينهم ما يزيد عن مائتي شخص على الأقل من المدنيين, بينهم أطفال ونساء.