المكتب الاعلامي للفريق السامعي يوضح حول شائعات مغادرته صنعاء    أبين.. مقتل وإصابة 5 جنود بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دورية عسكرية بمودية    الشهيد علي حسن المعلم    الأمم المتحدة تحذر من ارتفاع معدل سوء التغذية بين أطفال غزة    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    أبناء صعدة يؤكدون في 35 مسيرة الثبات مع غزة والجهوزية لمواجهة الأعداء    200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل    تحذير هام من الأرصاد    خلود وخديجة.. عمرة وسلة آسيوية    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    صحيفة روسية تكشف من هو الشيباني    بايرن ميونخ يكتسح توتنهام الإنجليزي برباعية نظيفة    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    فوز شاق للتعاون على الشروق في بطولة بيسان    رونالدو يسجل هاتريك ويقود النصر للفوز وديا على ريو آفي    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    وسط هشاشة أمنية وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة.. اختطاف خامس حافلة لشركة الاسمنت خلال شهرين    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    إجراءات الحكومة كشفت مافيا العملة والمتاجرة بمعاناة الناس    كنت هناك.. وكما كان اليوم، لبنان في عين العاصفة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محگحك الضروس ورادار العقول.. أفيون اليمانيين عبر العصور
نشر في يمنات يوم 26 - 02 - 2013

لم يترك الشعراء اليمنييون بابا يمكن للشعر أن يدخل منه إلا وطرقوه، فنظموا فيه القصائد وسطروا فيه أجمل ما جاءت به قرائحهم الشعرية، وإذا كان الشعر وخصوصاً الشعبي منه بحاجة إلى مجالس يتبادلون فيها مساجلاتهم الشعرية في مختلف شؤون الحياة اليومية، فإن من شبه المؤكد أن لا تخلو هذه المجالس من تناول القات..
لقد أصبحت حياة اليمنيين مرتبطة إلى حدٍ بعيد بالقات ومجالسه اليومية سواء في المقيل خلال النهار، أو السمر الليلي، ومع ذلك يظل القات في منظور أكثر المتناولين له والمدمنين عليه عادة سلبية يتوقون إلى التخلص منها ذات يوم، والتحرر من أسرها، ومن بين هؤلاء الأشخاص الشعراء، الذين نظموا قصائدهم التي تبرر بشكل واضح سلبيات هذه العادة السيئة، مع وجود قلة قليلة ممن تغنى بالقات ومدح تناوله..
ويعتبر علي ولد زايد من أبرز منتقدي ظاهرة تعاطي القات لدى الشعب اليمني واعتبرها آفة من الآفات التي ينبغي التخلص منها وجاء في بعض ما سطره في هذا الشأن قوله:
قد قلت ما في بنفسي.. القات آفة وأفيون
من قارب القات يمسي.. مهموم بالدين مديون
القات أفيون أخضر.. والشعب بالقات مفتون
من كان بالقات يسكر.. منبوذ يصبح وملعون
ونفس هذا الموقف أتخذه الإمام البيحاني حيث ذم القات بقوله:
القات قتل للمواهب والنهى..
ومولد للهم والحسرات
ما القات إلا فكرة مسمومة..
ترمي النفوس بأبشع النكبات
يذر العقول تتيه في أوهامها..
ويذيقها كأس الشقاء العاتي
يغتال عمر المرء مع أمواله..
ويرويه ألواناً من النقمات
ويتحدث أحد الشعراء الشعبيين الجدد عن بعض سلبيات القات ومساوئه، فيتغنى في قصيدة مسجلة على موقع “يتيوب” قائلاً:
الله لا سامح القات..ذي كم حوى من مضرات
وكم قلع من زرعات.. لذمة القات ذية
البعض خزن بألفي.. والبعض تخزينته بين
والبعض يشيك بثنتين.. هذي وتيه وتيه
يقلل القات لازم.. يخاف لاجاه رازم
ضعيف ما هو بحازم.. وصحته هي عييَّة
أما أحد الشعراء المسافرين فيستغل النشيد القومي الشهيد “الله أكبر”، والذي رددته الشعوب العربية خلال نضالها وكفاحها ضد الاستعمار إبان حركة التحرر، ويصوغ على منواله موالاً كوميدياً ساخراً حول العلاقة المضطربة التي تربط بين المولعي والمقوت قائلاً:
يا هذه الدنيا افيقي واسمعي
هذا المقوت جاء يبغي مصرعي
قد جاء يحمل في يديه شوالةً
ومن الدبور معاش فبراير معي
وضع الشوال على الرصيف وقال لي
خزن فليس المرء يولد مولعي
فأخذت علاقي قطل من كيسه
وسحبت سبعاً من مئات تلمعي
ورجعت أدراجي وكلي لهفةً
قاتي ومائي والشعير قد هو معي
وبدأت أمضغ ما تيسر مضغه
وسددت أخزاق المكان بأصبعي
وبنيت قصراً شامخاً ومزخرفاً
وخرطت خرطاً لا يطابق واقعي
وسبق أن زار الأديب اللبناني الشهير أمين الريحاني اليمن قبل عقود من الزمن وأدهشه تناول اليمنيين لأوراق هذه الشجرة، فسأل عن السبب الذي جعلهم يتناولونها وعندما أخبروه بتأثير القات، سألهم عن طريقة اكتشافهم لها، فقالوا له بأن شاة من الغنم تناولت قبل عدة قرون من أوراق شجرة القات، فاعتراها نشاط وحيوية، فتذوق الراعي من هذه الشجرة واكتشف تأثير القات، فسخر الريحاني من هذه القصة واعتبره نوعاً من الحشيش وأنشد قائلاً:
القات فيه عجائب كما يقول الصحاب
درت به الشاة لما طاردتها الذئاب
ذاقته فاستعذبته وسال منها اللعاب
مشت تحدث عنه وفي الحديث الصواب
فصدقوها وذاقوا مثله واستطابوا
ما نفعه نبئوني هل عند شخصٍ جوابُ
خلال أيام الثورة الشعبية السلمية، كانت المسيرة الشبابية تخرج كل مساء بعد المقيل على خلاف ما هو معروف لدى اليمنيين في السنوات والعقود السابقة حيث كانت المسيرات صباحية، وحول هذا التغيير الذي طرأ على المسيرات والمظاهرات يصور لنا شاعر مفعول القات وأثره كونه محفزاً أساسياً لدى الشباب نحو التغيير فكتب:
مرحباً يا قات نزِّي مبودر
وردُّه أكبر مقوت وغشاش
بعد هذا القات ممكن نخدر
وآخر المقيل نخرج نطالب بعفاش
ومن الانعكاسات السلبية التي يفرزها القات الديون المالية المتراكمة على المولعي، والتي تصبح فيما بعد هماً ثقيلاً يرهق صاحبه ويشغله عن متطلبات منزله وأسرته فلا يفكر إلا في القات.. يقول الشاعر:
كل من خزن ومدكاه عالي
أمس فقير القطل ذي في الأكياس
ما عاد حد وفر لنفسه ريال
ومن توظف ومعه معاش لقى اليأس
ديون تزيد مالها أول وتالي
ولا لها في الكشف عدٍ ومقياس
المستريح اللي من الدين خالي
ليس الذي بأكياس الملفات غطاس
وعن هذا الحال الذي يؤول إليه وضع المولعي يقول شاعر آخر:
المولعي قال يا قات الدبور
يا عودي القات يا فقر الجيوب
مرتبي ما يكفيني فطور
وأهل الديون هاربي كم يا هروب
في جلسة القات تحتل الأمور
تخديرة القات كالريح الهبوب
وبعد ما ينصرف على الحضور
تقبل عليك الهموم مثل النسور
وتعتبر الأسرة والعائلة هي المتضرر الأكبر سواء الأطفال أو الزوجة أو بقية الأرحام، حيث ينصب اهتمام رب الأسرة على القات سواء البحث عنه أو الساعات التي يقضيها في تناوله ومضغه، فلا يجد الوقت الكافي لأطفاله، الذين لا يتبقى لهم المصروف الكافي.. يقول أحد الشعراء على لسان أطفال يخاطبون والدهم:
إلى متى نبحث عنك يا أبي
فنجدك شريداً كالسحبِ
بين غصون القات الأخضر
تهدر عمراً كالذهبِ
بين وساوس وأوهام
تبقى مسلوباً كالذهب
ويمثل القات جانباً رئيسياً ضد الأرض والتربة الخصبة والمزروعات وخصوصاً الحبوب الغذائية والخضروات والفواكه، بسبب المساحات التي غزاها وتعمقت فيها جذوره يقول الشاعر:
اغتالوا الأرض يا ابني
اغتالوا بغصن أخضر
من أجل القات احرقوا
زهرة البن الأسمر
من أجل القات باعوا
كل اليابس والأخضر
لكن في الجوانب الآخرى يرى البعض ان للقات فوائد حيث يمثل فرصة للتواصل والاجتماعات ومناقشة القضايا والهموم الاجتماعية العامة والخاصة يقول الشاعر:
يا غصن القات يا فهنة عيوني
يا راحة البال يا منبع شجوني
في محضرك تأتي المودة والوصال
في مسمرك تسهر بالحب جفوني
اشتاق لك كل ليلة وكل يوم
وأنت معي ما تفارق سنوني
ما فرقت الوطن لأجلك وحدك
البعد عنك هم ما تحمله متوني
كان الفلاح اليمني وما يزال يعتبر القات رفيقاً أساسياً لدربه وحياته في الحقل والمدرجات الزراعية مثله مثل الماء لا يستطيع الاستغناء عنهما يقول شاعر فلاح حول ذلك:
الكوز والكلوات نعمة الله
لو هم بجنبي ما شاش أنا شي
القات يشد الركائب والمعين الله
لا قلت ما اشتيش اخزن ما شقدر أمشي
الضمد تشتي له شدة يا عبيد الله
والغصن هو قوتي لما أرقد بنعش
وتكونت علاقة مودة غير قابلة للانفصام بين القات والمولعي، حتى صارت الأوراق الخضراء ذات مكانة روحية عالية لدى المولعي، الذي يؤكد أنه لن يتخلى عن عادته اليومية مهما حدث له حتى آخر يوم في حياته، يقول الشاعر:
القات قوت القلوب.. ما هو قلق أو عيوب
صحيح فقر الجيوب.. لكنه للنفس محبوب
ولو يقولوا لي توب.. عن ولعته والله ما أتوب
ونجد أن للقات بسلبياته وإيجابياته نكهة خاصة ومذاقاً مختلفاً لدى اليمنيين، الرجال بدرجة أساسية، غير أن الأمر لم يعد مقتصراً عليهم، فقد انضمت قوافل من النساء إلى عالم المولعة وتخزين القات بشكل غير مسبوق يقول الشاعر:
كنت أطرح القات عند المرة
وأرجع وقاتي كما هو بمكانه
أيام زمان أما ذلحين
ما عاد شلاقي النص منه
بعد مولعة المرة خلاص
دورت له مخبأ بعيد عنه
وهكذا يتضح لنا مدى ما يمثله القات، الذي صار فلكلوراً شعبياً، وموروثاً تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، حيث يعتبر مكوناً ثقافياً واجتماعياً، رغم آثاره الخطيرة على الصحة والمال والأرض والأسرة، وهذه المكانة رسم تفاصيلها الشعراء بقصائد وأبيات شعرية، لم نتمكن من سردها كاملة سوى جزء ضئيل من مخزونها الوفير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.