تراجع الذهب مع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    محمد عبد السلام يبارك الاحتفال باليوم الوطني ال 55 لسلطنة عمان    البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن    10578 شهيدا وجريحاً من الأطفال في اليمن    الغيثي: استمرار شراكة الانتقالي مع حكومة الشرعية يدفن القضية الجنوبية    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    أحسم الأمر قبل تفاقمه    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    خدمة لاسرائيل..وفد بريطاني رفيع في عدن لزعزعة أمن البحر الأحمر    إسبانيا تواصل الصدارة في تصنيف الفيفا    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    الكشف عن بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    تريليون دولار بلا مقابل: كيف تحوّلت الرياض إلى ممول للاقتصاد الأمريكي؟    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    تعز.. مسلح يعتدي على قيادي تربوي وزوجته    المبعوث الأممي يناقش في مسقط جهود التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صحفي: السماح لأسرة غازي الأحول بزيارته    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    غداً... انطلاق بطولة غرب آسيا للجودو في عمّان بمشاركة يمنية    العراق يستفيد من نتائج القارات ويخوض مباراة واحدة في الملحق العالمي    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    رودريغو: نحن نملك هوية واضحة مع انشيلوتي    مسؤول بريطاني ل"الصحوة": نسعى لتعزيز الشراكة مع اليمن لمواجهة التهديدات    رئيس هيئة حقوق الإنسان يناقش مع رئيس مركز عين الإنسانية آليات الشراكة وتعزيز العمل الحقوقي    تنافس قوي على رئاسة الإعلام الرياضي بعدن    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    الهيئة العليا للأدوية تختتم الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مواطن في إب لإجبار أسرته على دفع تكاليف تحقيقات مقتله    خطوة تاريخية للأسطورة.. رونالدو في البيت الأبيض    عملية نوعية في مركز القلب العسكري    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    13 قتيلاً وعشرات الإصابات في غارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة جنوب لبنان    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة المنزوية.. سياسات «بن سلمان» تدفع السعودية إلى الهامش
نشر في يمنات يوم 03 - 03 - 2018


الكاتب: جاكوب شابيرو – جيوبوليتيكال فيوتشرز
لا يوجد منطقة أكثر نشاطا في العالم مع مطلع العام الجديد أكثر من الشرق الأوسط ويأتي هذا النشاط مدفوعا من قبل إيران التي تسعى لملأ الفراغ الذي خلفته هزيمة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. ولكن في خضم هذا الاقتتال الدبلوماسي الشرس، بدى أحد الفاعلين صامتا بشكل واضح خلال الشهرين الماضيين، والغريب أن هذا الفاعل لم يكن سوى المملكة العربية السعودية، أكبر القوى العربية السنية المعادية لإيران. ولكن هذا الصمت انتهى خلال هذا الأسبوع حيث قامت المملكة فى 26 فبراير/شباط الماضى، بتغييرات في أكبر المناصب العسكرية، وبعد ذلك بيومين، استضافت رئيس الوزراء اللبنانى فى الرياض فى زيارة ودية. ولا يبشر أي من الحدثين بمستقبل حسن للمملكة التي تتجه نحو المزيد من عدم اليقين في كل يوم.
وكان الغموض السعودي ملحوظا بشكل خاص بسبب مفاجأته. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بدا أن الأحداث في المملكة العربية السعودية قد تكون الأكثر أهمية في المنطقة بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وكان هذا هو الشهر الذي أقالت فيه المملكة وزيري الاقتصاد والحرس الوطني قبل أن تشرع في حملة مزعومة لمكافحة الفساد احتجز بموجب عدد كبير من أمراء العائلة المالكة ورجال الأعمال في فندق «ريتز كارلتون» للحصول على أموالهم كما هددت السعودية خلال الشهر نفسه بمحاربة لبنان. وقد أشارت هذه التطورات إلى أن ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» ربما كان يشعر بتهديدات محتملة لخلافته للعرش. ولكن قضية لبنان على وجه الخصوص أحرجت المملكة وأظهرت أنها لم تتبين حدود قوتها.
الانزواء إلى الهامش
ومنذ تلك التطورات، انزوت الرياض نسبيا إلى هامش المشهد. في بداية الحرب السورية، كانت المملكة العربية السعودية راعية رئيسية للمجموعات المعارضة لنظام «الأسد»، ولكن المملكة تحولت اليوم إلى متفرج يراقب إيران وتركيا و(إسرائيل) وروسيا والولايات المتحدة يتنافسون لإعادة تشكيل المنطقة. ولا يأتي التراجع السعودي مدفوعا بعدم الاهتمام ولكنه مدفوع بشكل أساسي بانعدام القدرة. فالمملكة غارقة في صراع طال أمده في اليمن، وهي لا تزال تواصل حرق احتياطاتها المالية في ظل كون الزيادات الطفيفة في أسعار النفط غير قادرة على سد الفجوة المتوسعة في الموازنة.
ويكفي القول أنه ليس بإمكان المملكة فعل الكثير اليوم في سوريا. وبدلا من ذلك، تركز السعودية على الشؤون الداخلية وعلى رأسها ابتزاز الأموال من الأمراء وغيرهم من المسؤولين في حملة مكافحة الفساد لتجديد خزائن الدولة. ولكن المملكة شهدت تطورات أخرى ملحوظة حتى وإن بدت صغيرة. في يناير/كانون الثاني، انتهت المملكة من حظر دام 35 عاما على الفحص العام للأفلام عندما عرض فيلم «إيموجي موفي» على جهاز عرض في خيمة. وفي الأسبوع الماضي، أعلن رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية أنه سيتم إنفاق 64 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة على مشاريع ترفيهية مثل دور السينما ودار الأوبرا.
قد تبدو تلك التطورات تافهة، لكنها ليست كذلك وهي تخبرنا حول أعمق تحديات المملكة: 64 مليار دولار هو حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي لعام 2017 وهو مبلغ ضخم لحكومة تعاني ضائقة مالية ولكن بطبيعة الحال، فإن القضية هنا ليست مجرد الترفيه ولكن إبقاء الشعب السعودي ملهيا في الوقت الذي يعيد فيه ولي العهد تشكيل الهيكل الاقتصادي والسياسي في المملكة وتوسيع دائرة الموالاة واستثمار المدفوعات النفطية للحفاظ على ولاء القبائل. على سبيل المثال، ساعد الخبز والمسارح الرومانية على الحفاظ على الإمبراطورية الرومانية لعدة قرون بعد انحدارها. ويعتقد ولي العهد أنه يجب أن يصل إلى عام 2030، ومن ثم فإن رؤيته سوف تحل جميع مشاكل المملكة العربية السعودية بحلول ذلك التوقيت.
يبدو الأمر لطيفا من الناحية النظرية ولكنه أعقد بكثير في شقه العملي. وحتى لو كنا نضمن -ونحن لا نعتقد ذلك- أن خطط ولي العهد سوف تحل مشاكل السعودية فإن كل خطوة يخطوها تخلق له المزيد من الأعداء سواء بين المحافظين المتدينين في المجتمع السعودي أو بين الأمراء الذين سلبهم مناصبهم ثم أموالهم بدعوى مكافحة الفساد. ومن أجل ضمان البقاء فإن ولي العهد أدرك أهمية أن ينحاز الجيش السعودي إلى جانبه وهو الهدف الذي صممت التعديلات الأخيرة لتحقيقه بالأساس. وفي 26 فبراير/شباط، أصدرت وكالة الأنباء السعودية بيانا موجزا أعلنت فيه تقاعد رئيس هيئة الأركان المشتركة، وقائد قوات الدفاع الجوي، وقائد القوات البرية وتم استبدالهم جميعا تقريبا لصالح ضباط غير معروفين نسبيا، ويبقى مؤهلهم الوحيد هو الولاء لولي العهد.
تهديدات خطيرة
وعلى الرغم من خطورة القضايا الداخلية في المملكة، تبقى التهديدات الخارجية المحيطة بها أكثر خطورة. كان عام 2017 عاما كارثيا للسياسة الخارجية للمملكة. حاولت السعودية منع قطر من تعميق علاقتها مع إيران وفشلت وحاولت أن تحشد تحالفا في لبنان لإعلان الحرب على حزب الله، وبدلا من ذلك كشفت عن ضعف النفوذ السعودي على الأرض في بيروت. ولم تحقق المملكة العربية السعودية تقدما يذكر في الحرب اليمنية، وشاهدت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران تكتسب الشرعية في عام 2016 ونظيرتها في سوريا تحقق مكاسب عسكرية متواصلة. وحتى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، التي كانت المملكة العربية السعودية تريدها بشدة، لم تأت من دون تهديداتها المصاحبة حيث ستصبح المملكة هدفا جذابا لعمليات تنظيم الدولة في المستقبل.
وليس من المفاجئ أن السعودية قررت إعادة النظر في استراتيجيتها وحلت محل التهديدات السابقة لرئيس الوزراء اللبناني دعوة للقدوم إلى الرياض، ومن دون شك وعدت المملكة بتقديم مبالغ كبيرة من المال الذي اعتادت تقديمه لشراء حلفائها. عندما طلب العراق مؤخرا الحصول على المال للمساعدة في تمويل إعادة إعماره بعد الحرب ضد تنظيم الدولة، تعهدت السعودية بمبلغ 1.5 مليار دولار، ومن المرجح أن تتعهد بأكثر من ذلك بكثير إذا رأت أن ذلك يمكن أن يخفض من النفوذ الإيراني في بغداد. المال هو في نهاية المطاف كل ما تملكه المملكة في جعبتها، وهذا ما يفسر لماذا أقدمت البلاد على جمع الأموال من أمرائها في حين أنها لا تزال تحتفظ بأكثر من 500 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية. الخلاصة أن المملكة ترى التحديات المحلية والخارجية التي تواجهها، وتعرف أن مبلغا كبيرا يصل إلى 500 مليار دولار لن يكون كافيا لحلها.
ولكن المفارقة هنا تكمن في أن السعودية لديها أفضل المعدات العسكرية في المنطقة، ولكنها أدركت أن المعدات وحدها لا تكفي ما لم تملك أشخاصا مؤهلين لاستخدامها. وإلى أن تتمكن المملكة العربية السعودية من حل هذه المشكلة، فإنها لن تكون لاعبا رئيسيا، وفي حين أن المملكة العربية السعودية تبحث عن وكلاء للحصول على أموالها، فإن تركيا وإيران تزودان وكلاءهما بدعم من المدرعات والمدفعية. ولهذا السبب لا يهم ما إذا كانت المملكة العربية السعودية تطور مجمعا عسكريا صناعيا أو أن تزيد ميزانيتها الدفاعية بنسبة 9% في عام 2017، أو بنسبة 12% المتوقعة في عام 2018. في هذه الحالة يبدو أفضل سيناريوهات المملكة هو الخروج من الفقاعة ومد الجذور مع تركيا والأمل في أن الإصلاحات سوف تؤتي أكلها في حين أن أسوأ السيناريوهات هو حرب أهلية سعودية. وفي حين لا يعد الأمل وحده سياسة جيدة فإن استبدال القادة العسكريين يبدو حلا أفضل ولكنه لا يتعامل مع المشكلة الأساسية وكل ما يقدمه هو شراء بعض الوقت لولي العهد، الذي يداهمه الزمان بأسرع مما يتوقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.