شيع عشرات الآلاف في صنعاء, جثمان الشهيد عبد الغني الحمزي, الذي قتل برصاص جنود الفرقة الأولى مدرع, في ساحة التغيير بصنعاء في 18 مارس الجاري. وانطلقت حشود المشيعين الذين توافدوا من ساحة التغيير, ومرت مسيرة التشييع بالشوارع الرئيسية في العاصمة صنعاء, متجه الى مقبرة خزيمة. وخلال مسيرة التشييع التي نظمها "شباب الصمود" المحسوبون على جماعة الحوثي, طالب المشيعون رئيس الجمهورية والنائب العام بتسليم جنود الفرقة المتهمين بقتل الشاب الحمزي. وأظهرت الصور قيام عدد من الجنود بقتل الشهيد ومنع إسعافه وإطلاق الرصاص على أي شخص يحاول إسعافه أثناء إصابته بالرصاص, ما أدى الى وفاته في اليوم التالي متأثراً بجراحه. واتهم المشاركون جنود الفرقة بإطلاق الرصاص على شباب الثورة في الذكرى الثانية لمجزرة جمعة الكرامة, ما أسفر عن استشهاد الثائر الحمزي, وجرح اثنين آخرين إصاباتهما خطيرة, وقالوا إن "قتلة الثوار بالأمس واليوم هم عصابة واحدة, وإن تلونت ألواناً, وتبادلت المواقع والأدوار", حسب قولهم. وأعلنوا أن خروجهم في مسيرة التشييع إعلان لانطلاق ثورة ضد الفساد وجرائم القتل التي يرتكبها القادة والجنود ضد شباب الساحة والمواطنين الأبرياء, حسب تعبيرهم. وطالب المشاركون في المسيرة برحيل جنود الفرقة الأولى مدرع, الذين يفرضون حصاراً على ساحة التغيير منذ انطلاق ثورة الشباب, وقالوا: "آن الأوان لتحرير ساحات التغيير من الحصار المفروض عليها من قبل المجاميع العسكرية التابعة لعلي محسن الأحمر, الذي لم يألُ جهداً خلال العامين السابقين, هو وفرقته, في محاصرة ساحاتها وفعاليتها ويحاول اليوم استكمال مؤامراته بمحاولة إخلاء ساحاتها ولو بالقوة". كما طالبوا بإخراج مواقع الفرقة من داخل المدن وعلى رأسها العاصمة صنعاء, حسب قولهم. وقال بيان المشيعين: "نخرج اليوم لنزف الجثمان الطاهر لشهيد الكرامة الثانية, الذي ارتقى الى البارئ عز وجل شهيداً ليلتحق بركب شهداء الثورة العظماء الذين سقطوا في ميادين الحرية والتغيير على امتداد وطننا الغالي, وهم مدججون بأحلامهم ببناء دولة مدنية لا مكان فيها للعمالة والظالم والإجرام والفساد", مضيفاً: "إن الثائر عبد الغني الحمزي في ذكرى جمعة الكرامة الثانية, بعث بدمائه الطاهرة رسالة لكل أبناء اليمن عموماً, ولإخوانه الثوار خصوصاً, مفادها أن قتلة الثوار بالأمس واليوم هم عصابة واحدة, وإن تلونت ألواناً, وتبادلت المواقع والأدوار". وتابع البيان: "إننا لم نخرج اليوم لنذرف الدموع ولا لنعلن الحزن (فالقتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة), بل قد خرجنا لنعلن أن الثورة انطلقت من جديد ضد النظام الفاسد العميل والمجرم, خرجنا لنعلن أن الأوان قد حان لتحرير ساحات التغيير من الحصار المفروض عليها من قبل المجاميع العسكرية التابعة لعلي محسن الأحمر, الذي لم يألُ جهداً خلال العامين السابقين هو وفرقته في محاصرة ساحاتها وفعاليتها, ويحاول اليوم استكمال مؤامراته بمحاولة إخلاء ساحاتها ولو بالقوة وهيهات له ذلك". وأشار الى أن الشباب عانوا من تعسفات وانتهاكات واعتداءات جنود الفرقة "وإننا كثوار عانوا الأمرين من تعسف الفرقة وقمعها, نطالب بكل وضوح برحيل الفرقة من ساحات الثورة أولاً, ومن ثم إخراج مواقعها من داخل المدن, وعلى رأسها العاصمة صنعاء", موضحاً أنه لمن المحال الانخداع بأن التغيير قد حصل, وأن النظام قد سقط, "فلا يمكن لمن لا يزال يسمع أو يعقل أن يقتنع بذلك, ونحن نرى جميعاً القوى التقليدية المسيطرة على النظام, لم تتوقف عن القتل والإجرام والفساد, ولو لأجل إنجاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي لطالما طبلت له. بل لقد تمادت في طيشها مع انطلاقه, وحولت اليمن شمالاً وجنوباً الى مسرح لجرائمها, فاستقبلت الحوار من يومه الأول باعتداء آثم على شباب الثورة, وضاقت في أيامه الأولى أن ترى للحرية والعدالة والاستقلال تمثيلاً داخل قاعات المؤتمر, فأقدمت على محاولة اغتيال عضو مؤتمر الحوار الوطني الشيخ عبد الواحد أبو رأس, فسقط جراء ذلك 3 من مرافقيه". وقال: "إننا ومن هنا نؤكد على أن تسليم القتلة للمحاكمة هو مطلبنا الجماهيري الذي يعد من أبسط حقوق المواطنة, وإن عبارات الإدانة والاستنكار والتوعد بملاحقة الجناة أمام هذه الجرائم الواضحة والعلنية, وأمام المجرمين المعروفين بأسمائهم وصفاتهم وانتمائهم, والمعروف أيضاً من يقف خلفهم, لتثبيت عجز الأجهزة الرسمية, وتؤكد أنها لا زالت أسيرة النظام الذي لم يسقط, ولذا فلا خيار للشعب إلا الثورة حتى يستعيد الدولة التي تمثله ولا تمثل أجنحة النظام الخادمة لأمريكا وأدواتها الإقليمية", مشيراً الى أن بقاء المواطنة المتساوية وتحقيق العدالة "لا يمكن أن يأتي في ظل تواجد القوى النافذة المدعومة من قبل بعض الأطراف الدولية, لذلك ندعو الشعب اليمني الى رفض هذه التدخلات باستمرارهم في ثورتهم حتى النصر وتحقيق الأهداف التي ضحى لأجلها الشهداء الأحرار الذين نجدد اليوم لهم العهد, ونحن نودع شهيد الكرامة, بأن نبقى سائرين على خطاهم, لا نساوم ولا نرتهن ولا نتراجع, نرفض الذل والانبطاح لأمريكا وعملائها, نعيش أعزاء أو نسقط كما هم في ساحات الوطن كرماء". الحشود الكبيرة التي شاركت في التشييع كان على رأسها صالح هبرة, نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني, ورئيس المكتب السياسي في جماعة "أنصار الله"؛ اعتبرها مراقبون عرضا آخر للقوة الجماهيرية من جانب الحوثيين داخل العاصمة صنعاء في رسالة من الجماعة الى خصومها وعلى رأسهم تديداً اللواء علي محسن الأحمر وأولاد الشيخ الأحمر. وطبقاً لتعليقات سياسية رصدت أمس الأول الخميس وأمس الجمعة, فإن المخاوف تتزايد من إمكان تصاعد التوتر بين الطرفين ليصل في النهاية الى صراع مسلح داخل العاصمة. وقال مراقب: "الصراع المسلح بين محسن والحوثيين قد يصبح مسألة وقت ما لم تتوقف الاستفزازات وما لم يناقش مؤتمر الحوار العداء الكامن والشديد بين الطرفين وصولا الى عقد هدنة". ولم تعلق الفرقة الأولى مدرع على رسائل التشييع الذي هتف فيه المشاركون ب"الموت لعلي محسن" بينما كانت علقت على سقوط القتيل والجرحى في 19 مارس بالقول إنهم هم من اعتدوا على جنود الفرقة.