يخيم شبح الجفاف على نحو 25 مليون نسمة في اليمن, فنظراً لازدياد ضحالة جداولها المائية وطبقات مياهها الجوفية الطبيعية كل يوم, تعتبر صنعاء نفسها معرضة لأن تصبح أول عاصمة في العالم تنفذ به إمدادات المياه الطبيعية, وقد انخفض منسوب المياه الجوفية في المدينة الى ما هو أقل بكثير من المستويات المستدامة, بسبب الانفجار السكاني, والافتقار الى إدارة المواد المائية, والأهم من ذلك كله بسبب الحفر غير المنظم. وتصنف اليمن في أكثر من دول العالم فقرا في الموارد المائية, وتعتمد بشكل كلي على المياه الجوفية سنوياً من 130 الى 127 مترا مكعبا, وهو يقل عن المستوى المعتمد عالمياً ب1000 متر مكعب. وفي مدنية تعز اليمنية, تضاعفت معاناة السكان بسبب اجتياح الجفاف عشرات المناطق الريفية وانعدام المياه في المدينة, وانعدمت شبه كليا مياه الشرب. وتحتل محافظة تعز اليمنية المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في البلاد, إذ يشكل سكانها ما نسبة (2‚12%) من إجمالي عدد السكان. وتحدث سكان محليون لوكالة أنباء "شينخوا" عن أوضاع مأساوية يعانونها نتيجة انعدام المياه عموما. وأكد هؤلاء أن الجفاف أجتاح عدة مناطق في ريف محافظة تعز, وأن مئات الأسر غير قادرة على توفير مياه الشرب حتى وأن كانت غير صالحة. وحسب السكان فإن عملية ضخ المياه من الآبار الجوفية توقفت في مناطق عدة نتيجة عدم وجود المياه في تلك الآبار. وأشار بعض السكان الى أن عملية البحث عن المياه تستغرق الكثير من الوقت والجهد والتنقل من منطقة لأخرى حتى يحصلون على كميات قليلة من المياه, وقد رفع هؤلاء السكان لافتات وشعارات منددة بالوضع المأساوي الذي يعيشونه. أعلن وزير المياه والبيئة اليمني عبد السلام رزاز, أم مدينة تعزجنوبصنعاء "مدينة منكوبة مائياً" بسبب اجتياح الجفاف من مناطقها وعدم حصول السكان على مياه الشرب الكافية. وقال رزاز: "إن تعز تعتبر مدينة منكوبة مائيا, وهي أول المدن في العالم التي تعاني من شح المياه". وتابع: "أن ما تعانيه تعز من شح في المياه هو نتائج لتراكم الإشكالات المائية منذ سبعينات القرن الماضي دون الحلول", ولافتاً الى "أن ما تنتجه 64 بئرا, والمقدرة بتسعة آلاف متر مكعب, لا يساوي ما تنتجه 3 آبار في أي مكان آخر". وأوضح رزاز أن مشكلات عدة, منها الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وأعمال التخريب والاعتداءات على آبار وأنابيب المياه ضاعفت من تفاقم مشكلة المياه. وأعلنت اللجنة الشعبية لإنقاذ مدينة تعز من الجفاف وشحه المياه بأن سكان المدينة وعدد من سكان المناطق الريفية التابعة للمحافظة مهددون بالموت عطشا. وحسب عضو الحملة الشعبية فأن المشكلة تمكن في تدني منسوب المياه في الآبار المخصصة لتغذية المدينة بالإضافة الى التواطؤ الحكومي حيث لا توجد أي معالجات حكومية جادة تجاه الوضع المأساوي. ولفت الى أن مشكلة المياه تتركز في المدينة المزدحمة بالسكان وفي معظم مناطقها الريفية. ووجهت اللجنة الشعبية نداء عاجلاً للحكومة اليمنية والمجتمع الدولي للوقوف الى جاني سكان مدينة تعز في مواجهة الأخطار التي تتهددهم نتيجة الجفاف الحاد والذي يعرض صحة المجتمع وأمنة بكوارث حقيقية. وفي مطلع يوليو الماضي, أكد تقرير اجتماعي في اليمن أن 72 % من المساكن لم تصلها شبكة أنابيب المياه المنزلية الصحية. وقال التقرير الوطني الأول لرصد الحماية الاجتماعية في اليمن, الذي أعدته منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونيسيف" ليست بالضرورة مياه صحية صالحة للشرب 100%. وحسب التقارير, فإن 43% من اليمنيين يحتاجون للمشي لمدة 30 دقيقة للوصول الى مصادر المياه. وأشار التقرير الى أن إجمالي الأسر التي تستخدم طرق المعالجة للمياه- كالغلي مثلا- تتمثل فقطط ب6‚2 % بما يعني بأن بقية الأسر تستخدم مياه غير صالحة للشرب. وقال حينها جوليان هارنيس ممثل المنظمة في اليمن, إن مشكلة الوصول الى مياه النظيفة واحدة من القضايا المهمة التي تؤثر على الأطفال في اليمن. وتابع: "يعتبر الوصول الى مياه نظيفة وآمنة للشرب وللاستخدام المحلي حق أساسي لكل إنسان زمع ذلك, تستخدم 8% فقط من الأسر الأشد فقرا مرافق صرف صحي جيدة مقارنة ب99% من الأسر الأغنى". وذكر ممثل المنظمة الدولية "يتعين 43% من اليمنيين في الأسر الفقيرة المشي على الإقدام لأكثر من 30 دقيقة للحصول على مياه مقارنة ب2% بين الأسر الغنية. ومن جهته, لم يبذل الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي, الذي تحاصره الأزمات على مختلف الجبهات, جهدا كبيرا من أجل حل أزمة المياه التي تهدد الغالبية العظمى من اليمنيين. بل إن غسان مضية, خبير المياه التابع لمنظمة اليونيسيف في صنعاء, قال إنه "لم يلحظ أي اهتمام جدي بمسألة ندرة المياه, أو بضعف التغطية في مجال المياه والصرف الصحي".