تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    سجناء حماية الأراضي يعيشون أوضاع غير إنسانية    قراءة في مذكرة البرلمان البريطاني    مجلس النواب يحذّر من التماهي مع الكيان الصهيوني في الاعتداء على أسطول الصمود    تغييرات هائلة وريح عاصفة تعصف بالمنطقة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطمئن على صحة المناضل أحمد بامعلم بالمكلا    مرتب الموظف الجنوبي بين الأمس واليوم    الرئيس المشاط يهنئ الرئيس العراقي بالعيد الوطني لبلاده    ضبط 21 من الصقور العربية كانت معدة للتهريب في صعدة    الرئيس المشاط يشيد بموقف الرئيس الكولمبي الداعم لغزة    اختتام المسابقات المنهجية العلمية والثقافية لأبناء الشهداء في العاصمة    أمريكا تمنع دخول الوفد الإيراني لقرعة مونديال 2026    البخيتي يفتتح أكبر خزان حصاد مياه أمطار بجهران يتسع ل31 مليون لتر    محافظ شبوة يوجه بتقييم تنفيذ تكليفات المكتب التنفيذي    تدشين عمليات جراحة القلب المفتوح في مستشفى الثورة بالحديدة    تدشين مبادرة مجتمعية لردم الحفر في عدد من شوارع مدينة إب    روسيا ترفع تمثيلها الدبلوماسي لدى اليمن    شعب حضرموت يودع بطولة الأندية العربية لكرة السلة بعد خسارته من أهلي طرابلس    التحالف الإسلامي يختتم برنامجاً لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    الجرافات الإسرائيلية في الضفة الغربية تسحق آمال إقامة دولة فلسطينية    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    السيد القائد: خطة ترامب صُممت لتحويل غزة إلى منطقة مستباحة    #عاجل وفد الانتقالي الجنوبي يقدم إحاطة مهمة للكونغرس الأمريكي (صور)    خطة ترمب للسلام في غزة.. سلام أم استسلام؟    نقطة سناح خطر على ميناء عدن    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    محافظ حضرموت يتابع أوضاع جوازات منفذ ميناء الوديعة    القوات الجنوبية تُفشل محاولة تسلل حوثية بجبهة كرش وتكبّد المليشيات خسائر فادحة    اتحاد كرة القدم يُمدد فترة تسجيل أندية الدرجة الثانية لملحق الدوري    بعد عام.. النصر يعود بالزوراء إلى الانتصارات السبعة    أرسنال يسقط أولمبياكوس.. ودورتموند يكتسح بلباو    بهدف "+90".. سان جيرمان يقلب الطاولة على برشلونة في كتالونيا    "علي عنتر".. الجاهل غير المتعلم صانع المشاكل في القومية والاشتراكي    طقس شبه بارد على أجزاء من المرتفعات وتوقعات بهطول خفيف على بعض السواحل    الاحتجاجات تتوسع في المغرب رغم إعلان الحكومة تفهمها لمطالب المحتجين    الشرطة تضبط متهماً بقتل زوجته في بعدان    سان جيرمان يقهر البارشا بثنائية    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    العراسي يتساءل: كيف تم الإفراج عن المتورطين في شحنات الوقود المغشوش والمبيدات السامة..؟! ويثير فساد محطة الحديدة    البيض: خطاب الانتقالي متناقض بين إدارة الحرب وخيارات المستقبل    «المرور السري» يضبط 110 سيارات مخالفة في شوارع العاصمة    في رثاء يحيي السنوار    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    طائر السمو.. وجراح الصمت    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    من تدمير الأشجار إلى نهب التونة: سقطرى تواجه عبث الاحتلال الإماراتي البري والبحري    لا تستغربوا… إنهم يعودون إلى وطنهم!    ضحك الزمان وبكى الوطن    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن المثقف والسلطة (2_2)
نشر في يمنات يوم 04 - 07 - 2025


محمد اللوزي
تكالبت الظروف البالغة الصعوبة على المثقف اللامتشكل أو اللامدجن، الرافض للسقوط والبقاء في الآسن، والذي يريده السلطوي مثقفا تبريريا وشاهد زور على مرحلة من أسوأ المراحل في التاريخ اليمني المعاصر، فلم يبلغ المثقف من الإذلال والإمتهان ومحاولة تعطيل قدراته الذهنية، كما هو اليوم من جميع الفرقاء. فهو مطالب مقابل قوت يومه أن يكون بوقا وشاهد زور لصراع طال مداه، في سياق لاقيمي تشكل من أيديولوجيا الموت والإقصاء والأحقية في امتلاك الآخر وجعله خانعا قابلا للتكون في المحدود المقنن اللامعقلن، والمستلب في وجوده وتواجده، كحالة اغتراب حقيقي للذات عن واقعها وقد آل إلى الفوضى والدمار المشرعن له والموعود بالعوض الاخروي..
في هذا المنحى المثقف يعيش صراعا مريرا بين الصمود والنفور من هذا الفج الذي يصنعه الساسه، أو التنازل عن القيمة الأخلاقية للفكري والرضوخ والإستسلام في زحمة الادعياء الثورنجيون الذين يريدون صناعة تأريخ خاص بهم، يمنحهم استحقاق السيطرة والإقصاء. ولعل المثقف هو أول الضحايا في هذا المشهد المؤلم والمرعب..
والواقع إن الثقافة بندرتها واتساع جغرافيا الجهل قد عجزت عن المقاومة وإيجاد حلول حقيقية للقضايا الوطنية، ليبرز الإدعاء عنوان مرحلة في التاريخ اليمني المعاصر، واحتكار الحقيقة وجعلها بين هلالين تخص مجموعة دون أخرى، هذا خلق الكثير من المعقد الشائك، وأوجد شروخات وطنية صعب التآمها، كما أوجد هوة سحيقة، تجسيرها ثقافيا يبدو إنه من المهام الصعبة للغاية، وقد آل المثقف إلى حالة شبه مدمرة لم تعد تجدي معها الشعاراتية المستهلكة ولاالتنظير في ظل غياب الفعل الثقافي المؤسسي المستكنه للواقع والقاريئ أبعاده وتداعيات اليومي التي تجر إلى مزيد من التشردو الضياع لوطن بأسره. الأمر الذي سيجد المتسلطون أنفسهم في مأزق حقيقي تحاسبهم الجماهير بعد أن عجز ضميرهم أن يردعهم عن تماديهم في صراع خفاياه شراهة لاشراكة، ومنطوقه غير المسكوت عنه أيديولوجيا.
واللامعقول هو السائد الذي أزاح بلا بصيرة المثقف للوصول إلى ذروة الاشتغال على الانتهازي بدغدة العواطف، وهو ما سيرتد هزيمة على ذات القوى التي اعتمدت إقصاء الفكر المستنير، لتحضر بدلا عنه التبريري المدافع عن خصوماتها واختلاقها الأزمات المتعددة. والحقيقة أن أي قوى تضيق ذرعا بالعقل والمثقف المستنير وتغلب الأدلوجة وتجعلها هي المهيمن على قراراتها، وترتكز على البعد الديني في خطابها مع الآخر محلي أو دولي، إنما تضع جدارا شاهقا في وجه أي تفتح يعمل العقل ويعمل على الإنتصار للقيم الحضارية. وبكل تأكيد فإن هذه القوى المتطرفة لم تصل إلى هذا المستوى من النزوع إلى العنف وافتقادها للصواب، الا بعد أن قهرت المثقف الواعي واقصته من الاشتغال على المستقبل .
لعل الغياب الكامل لمراكز البحوث والدراسات شاهد قوى على ما نذهب إليه، وبكل تأكيد فإن أي تغيير نحو الأفضل لابد أن يكون المثقف الطليعي هو المتصدر لمهام الرقي والتقدم، وتحضرنا هناالثورة الفرنسية لقدكان من مداميكها (مونتسكيو ورسو) والكثير من الفلاسفة والفنانين، حتى اضحت ثورة إنسانية ومرجعية فكرية للقوى التحررية وللنضال من أجل الإعلاءمن قيمة العقل وأهمية الحرية للبشرجميعا. وكل ثورة أرادت أن تتجه نحو المستقبل وتصنع حياة تليق بالإنساني، كان المثقف هو المحتفى به وهو المتصدر مهام الفعل الحضاري والمعبر عن ضمير الإنسان ببعده القيمي، وهو الرائي إلى ماذا بعد! بمعزل عن السلطوي الذي يريده تابع وخانع ومسوغ للقمع والدكتاتورية، ضمن هذه الرؤية نجد التحدي الكبير الذي يواجه الوطني، هو البعد الثقافي وتحديدا المثقف الذي أرادته السلطات مهزوما ليبقى تابعا للسلطوي، في حين أن اقصائه هو مايجر إلى دورات عنف رهيبة، لن يكون بمعزل عنها المتسلطون. وسيكونون في مقدمة من يكتوي بنار هذه الحروب والسؤال الملح: هل يدرك القمعيون أن القادم لم يعد مسيطرا عليه؟! وهل يدركون أهمية الوعي للخروج من محنة الدم؟ أم سيظلون في ذات المحرقة والشواء الآدمي حتى يصلوا إلى مالايعقلونه بعد ولات مندم؟
إن اهمية الوعي بالواقع ومآلاته تجنب الوطن مزالق خطيرة، وتفتح أبواب حوار مبني على الشراكة والتنوع في إطار الوحدة، والعمل من أجل وطن ناهض رافعته المثقف التنويري المعبر عن ضمير المجتمع في تطلعاته. ولعل هذا مانفتقده اليوم ومايعطل الحياة من أن تكون حياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.