تحذير أممي من انهيار كارثي للريال في عدن    أسطورة وقائد الزمالك يعلن اعتزاله كرة القدم ويحدد وجهته القادمة    استقرار أسعار الذهب مستفيدة من قرار خفض الضرائب في الكونغرس    ريال مدريد يتفق على ضم مهاجم مغربي    أتعرفون لماذا نحن مهزومون؟    تهديد إسرائيلي علني بالاعتداء على مصر بعد إيران!    لوجه الله.. استشعروا المسؤولية ودعوا الأنانية والحساسيات جانبا    الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك "أحيا الصلاة" بعد إماتتها وقمع الطاغية الحجاج بن يوسف    معنويات السوق تدفع البيتكوين نحو 110000 دولار    تطبيق "تليغرام" يحصل على ميزات جديدة    وفاة اللاعب الفلسطيني مهند الليلي في قصف إسرائيلي    الحظر اليمني يدفع الشركات مواصلة الغاء رحلاتها الى الكيان    العميد بن عامر يحذر.. ما يحدث في غزة اليوم قد يتكرر في أماكن أخرى إذا استمر الصمت    اكتشاف مذهل في الأهرامات.. نقوش هيروغليفية تُغيّر تاريخ مصر القديمة    الإمام الحسين وثورة كربلاء (1)    وفاة أسترالي نتيجة الإصابة بفيروس خفافيش نادر وغير قابل للعلاج    السقلدي يدعو لاعتصام جماهيري امام بوابة القصر الرئاسي بعدن    تغاريد حرة .. حقبة ملعونة بالغباء والجهل    زيارة لجنة البركاني لابين لفتح طريق ثرة هدفها تسهيل دخول الحوثي والقاعدة وداعش    مايجري في عدن ليس أزمة عابرة بل إنهيار ممنهج وعقوبة جماعية    انتقالي شبوة يرفض لجان البركاني اليمنية ومجلسه المنتهي الصلاحية    نادية الهمداني تناشد القضاء ومحافظ صنعاء ضبط متلاعبين بقضيتها    مصافي عدن تكشف عن اعمال صيانة واعادة تشغيل وحدات حيوية ورفع القدرة التخزينية    الأمم المتحدة تعلن عن اتفاق طرفي الصراع في تعز لإدارة منظومات إمدادات المياه    عناقيد العطش… ومآذن الجوع في وطنٍ يُصلب كل يوم    لماذا امتنعت إيران ومحور المقاومة عن قصف مفاعل ديمونة في حين قصفت إسرائيل منشآت نووية إيرانية..؟    ما هي "مهمة الرب" التي قال ترامب إنه مرسل لتنفيذها، وإنه لا يمكن لأحد إيقاف ما هو قادم؟    صرخة في الفضاء الفارغ    عفرا حريري ومها عوض نجمتان في سماء عدن    احتجاز الناشط سند العبسي في ظروف سيئة بصنعاء وشروع في ترحيله إلى تعز    الضالع: وفد من منظمة "سيفيك" الدوليةيزور النقاط الأمنية المؤمّنة لطريق الضالع–صنعاء في منطقة مريس    الجرادي: القرآن يهدم خرافات الحوثي لذلك يشنون حملات ضد معلميه    شرطة المهرة تضبط 129 مطلوبًا وتفكك شبكات تهريب خلال النصف الأول من 2025    الحميري .."مقاوم مع سبق الإصرار" !    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الحاج محمد ذياب المقراني    العثور على ترنيمة بابلية عمرها 2100 عام    عدن تغرق في الظلام والحر.. والحكومة تقر جلسة استثنائية "قادمة"!    بعد وفاة جوتا.. من هم الرياضيون الذين رحلوا بحوادث سير؟    حكيم العرب "أكثم بن صيفي" يصف رسول الله وهو الرابعة عشر من عمره الشريف    فكري الحبيشي يسدل الستار على 18 عاماً من التألق: مهرجان اعتزال يكرّم أسطورة الهجوم اليمني    هيئة التامينات تعلن صرف نصف معاش    الأمانة العامة للانتقالي تختتم ورشة تدريبية حول مهارات التواصل وإدارة الحوار الدعوي    وزير التربية يلتقي مدير أمن عدن لمناقشة التعاون والعمل المشترك    الخسارات الضافرة    حمد الله تاسع مغربي يحمل الشعار الأزرق    بندر عدن.. ومآسي الزمن    - خلاف حاد بين الغرفة التجارية ووزارتي الاقتصاد والمالية في صنعاء اقرا السبب    إن لم يُنصَف الأكاديمي والمعلم اليوم، فأي جنوب سنبنيه غداً؟    ثنائية لونا تصعد بأمريكا لمواجهة المكسيك في نهائي الكأس الذهبية    "النمر" يكشف خطأ شائعًا: خفض الكوليسترول لا يقي من الجلطات والوفيات إلا باتباع طرق مثبتة طبيًا    "ملائكة السيدة ماريا" رواية جديدة ل"عبد الفتاح اسماعيل"    دراسة : ممارسة الرياضة تساهم في التغلب على مرحلة ما قبل السكرى    مونديال الاندية : ريال مدريد يتخطى يوفنتوس الايطالي بصعوبة ويتأهل للدور المقبل    الجوبة وماهلية ورحبة في مأرب تحيي ذكرى الهجرة النبوية    الكثيري يشيد بجهود وزارة الاوقاف والإرشاد في تنظيم موسم الحج ويؤكد أهمية ترشيد الخطاب الدعوي الديني    تصورات خاطئة عن الآيس كريم    استخراج 117 مسمارا من بطن مريض في لحج (صور)    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن المثقف والسلطة (2_2)
نشر في يمنات يوم 04 - 07 - 2025


محمد اللوزي
تكالبت الظروف البالغة الصعوبة على المثقف اللامتشكل أو اللامدجن، الرافض للسقوط والبقاء في الآسن، والذي يريده السلطوي مثقفا تبريريا وشاهد زور على مرحلة من أسوأ المراحل في التاريخ اليمني المعاصر، فلم يبلغ المثقف من الإذلال والإمتهان ومحاولة تعطيل قدراته الذهنية، كما هو اليوم من جميع الفرقاء. فهو مطالب مقابل قوت يومه أن يكون بوقا وشاهد زور لصراع طال مداه، في سياق لاقيمي تشكل من أيديولوجيا الموت والإقصاء والأحقية في امتلاك الآخر وجعله خانعا قابلا للتكون في المحدود المقنن اللامعقلن، والمستلب في وجوده وتواجده، كحالة اغتراب حقيقي للذات عن واقعها وقد آل إلى الفوضى والدمار المشرعن له والموعود بالعوض الاخروي..
في هذا المنحى المثقف يعيش صراعا مريرا بين الصمود والنفور من هذا الفج الذي يصنعه الساسه، أو التنازل عن القيمة الأخلاقية للفكري والرضوخ والإستسلام في زحمة الادعياء الثورنجيون الذين يريدون صناعة تأريخ خاص بهم، يمنحهم استحقاق السيطرة والإقصاء. ولعل المثقف هو أول الضحايا في هذا المشهد المؤلم والمرعب..
والواقع إن الثقافة بندرتها واتساع جغرافيا الجهل قد عجزت عن المقاومة وإيجاد حلول حقيقية للقضايا الوطنية، ليبرز الإدعاء عنوان مرحلة في التاريخ اليمني المعاصر، واحتكار الحقيقة وجعلها بين هلالين تخص مجموعة دون أخرى، هذا خلق الكثير من المعقد الشائك، وأوجد شروخات وطنية صعب التآمها، كما أوجد هوة سحيقة، تجسيرها ثقافيا يبدو إنه من المهام الصعبة للغاية، وقد آل المثقف إلى حالة شبه مدمرة لم تعد تجدي معها الشعاراتية المستهلكة ولاالتنظير في ظل غياب الفعل الثقافي المؤسسي المستكنه للواقع والقاريئ أبعاده وتداعيات اليومي التي تجر إلى مزيد من التشردو الضياع لوطن بأسره. الأمر الذي سيجد المتسلطون أنفسهم في مأزق حقيقي تحاسبهم الجماهير بعد أن عجز ضميرهم أن يردعهم عن تماديهم في صراع خفاياه شراهة لاشراكة، ومنطوقه غير المسكوت عنه أيديولوجيا.
واللامعقول هو السائد الذي أزاح بلا بصيرة المثقف للوصول إلى ذروة الاشتغال على الانتهازي بدغدة العواطف، وهو ما سيرتد هزيمة على ذات القوى التي اعتمدت إقصاء الفكر المستنير، لتحضر بدلا عنه التبريري المدافع عن خصوماتها واختلاقها الأزمات المتعددة. والحقيقة أن أي قوى تضيق ذرعا بالعقل والمثقف المستنير وتغلب الأدلوجة وتجعلها هي المهيمن على قراراتها، وترتكز على البعد الديني في خطابها مع الآخر محلي أو دولي، إنما تضع جدارا شاهقا في وجه أي تفتح يعمل العقل ويعمل على الإنتصار للقيم الحضارية. وبكل تأكيد فإن هذه القوى المتطرفة لم تصل إلى هذا المستوى من النزوع إلى العنف وافتقادها للصواب، الا بعد أن قهرت المثقف الواعي واقصته من الاشتغال على المستقبل .
لعل الغياب الكامل لمراكز البحوث والدراسات شاهد قوى على ما نذهب إليه، وبكل تأكيد فإن أي تغيير نحو الأفضل لابد أن يكون المثقف الطليعي هو المتصدر لمهام الرقي والتقدم، وتحضرنا هناالثورة الفرنسية لقدكان من مداميكها (مونتسكيو ورسو) والكثير من الفلاسفة والفنانين، حتى اضحت ثورة إنسانية ومرجعية فكرية للقوى التحررية وللنضال من أجل الإعلاءمن قيمة العقل وأهمية الحرية للبشرجميعا. وكل ثورة أرادت أن تتجه نحو المستقبل وتصنع حياة تليق بالإنساني، كان المثقف هو المحتفى به وهو المتصدر مهام الفعل الحضاري والمعبر عن ضمير الإنسان ببعده القيمي، وهو الرائي إلى ماذا بعد! بمعزل عن السلطوي الذي يريده تابع وخانع ومسوغ للقمع والدكتاتورية، ضمن هذه الرؤية نجد التحدي الكبير الذي يواجه الوطني، هو البعد الثقافي وتحديدا المثقف الذي أرادته السلطات مهزوما ليبقى تابعا للسلطوي، في حين أن اقصائه هو مايجر إلى دورات عنف رهيبة، لن يكون بمعزل عنها المتسلطون. وسيكونون في مقدمة من يكتوي بنار هذه الحروب والسؤال الملح: هل يدرك القمعيون أن القادم لم يعد مسيطرا عليه؟! وهل يدركون أهمية الوعي للخروج من محنة الدم؟ أم سيظلون في ذات المحرقة والشواء الآدمي حتى يصلوا إلى مالايعقلونه بعد ولات مندم؟
إن اهمية الوعي بالواقع ومآلاته تجنب الوطن مزالق خطيرة، وتفتح أبواب حوار مبني على الشراكة والتنوع في إطار الوحدة، والعمل من أجل وطن ناهض رافعته المثقف التنويري المعبر عن ضمير المجتمع في تطلعاته. ولعل هذا مانفتقده اليوم ومايعطل الحياة من أن تكون حياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.