عبد الوهاب قطران كان يفترض ب"الشرعية" – إن كانت فعلًا شرعية – أن تكون رحبة الصدر، واسعة الأفق، تحتضن كل يمني، حتى وإن عاد من مناطق الحوثي. لماذا؟ لأنها تدّعي أنها تمثل كل اليمنيين، وتحمل اعترافًا دوليًا، وأن خصمها مجرد ميليشيا انقلابية خارجة عن القانون. فإن كانت كذلك، فمن دخل مطاراتها أو منافذها فلا يُعتقل، ولا يُساء إليه، بل يُؤمَّن، كما في الحديث: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن". كان الأجدر بالشرعية أن تكسب الزايدي لا أن تعتقله! فالرجل لم يرفع سلاحًا ضدها، ولم يتورط في أي قتال، بل ظل في سلطنة عُمان لعشر سنوات على الحياد، ثم عاد إلى صنعاء مؤخرًا في إطار وساطة قبلية بشأن قضية أحد أقربائه – عبدالرحمن الزايدي – المعتقل منذ ثلاث سنوات على خلفية قضية العقيد عبدالحكيم جغمان. الزايدي شخصية تحظى باحترام واسع بين قبائل مأرب، بما فيها عبيدة والجدعان، وهي قبائل تُعد من عماد الشرعية في الشرق، ولا تتخلى عن رجالها مهما تباينت المواقف السياسية. ألم يقف الزايدي وقبيلته جهم في صنعاء بوجه الحارس القضائي حين حاول الاستيلاء على منزل جعبل طعيمان؟ وطعيمان – كما هو معلوم – إصلاحي مؤيد للشرعية ويقيم بالرياض، ومع ذلك لم تمنعهم خلافاتهم السياسية من حمايته وحماية ممتلكاته! ما حدث مع الزايدي سيتكرر اليوم، لأن القبيلة لا تتنكر لأبنائها. ولو لم يسقط العقيد زايد خلال اشتباكات "صرفيت"، لكان الزايدي الآن حرًّا طليقًا. لكن الدم المسفوك أربك المشهد، وأحرج "الشرعية"، وأجَّل إطلاقه. أما هشام شرف، فقصته محزنة ومؤسفة: أكد لي بالأمس شخصان موثوقان – أحدهما رئيس نيابة عامة صادفته في شارع الزبيري – أن هشام يعاني من اضطرابات نفسية حادة، ويعيش حالة من الرهاب والارتياب. كان لا يُسلم على أحد إلا ويده اليسرى ممسكه على زناد المسدس، والمسدس لا يفارق خصره، والبندقية دائمًا على طاولة مكتبه… كل من رآه عن قرب لاحظ أنه غير متزن نفسيًا. كان الأجدر بهم ألا يعتقلوه، بل يتيحوا له فرصة العلاج والسفر، ليبثوا برسالة طمأنينة لا خوف. والله من وراء القصد.