أصدر وزير الكهرباء والطاقة، عبد الله محسن الأكوع، 20 قرار تعيين وتكليف لأشخاص ينتمون إلى حزبه التجمع اليمني للإصلاح بتولي إدارات ومواقع وظيفية عليا في الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء، فيما يقول عدد من موظفي الوزارة إن العدد الفعلي لهذه القرارات تتجاوز ذلك. صحيفة "الشارع" حصلت على صور ل 20 قراراً أصدرها الوزير، إلا أن عدداً من موظفي الوزارة يقولون إن الوزير أصدر 27 قرار تعيين لأشخاص من حزبه، والبعض يقول إن العدد يصل إلى 30 قراراً. وأصدر الوزير الأكوع، الذي يشغل موقع نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة باسندوة المقالة، قراراً قضى بتكليف مدير مكتبه المنتمي لحزبه للعمل وكيلاً مساعداً لوزارة الكهرباء. في تاريخ 17/9/2014، أصدر الوزير الأكوع قرارا قضى بتكليف مدير مكتبه، محمد أحمد الكوكباني، وكيلاً مساعداً بوزارة الكهرباء والطاقة. وحصلت "الشارع" على نسخة من هذا القرار. وتقول المعلومات إن محمد الكوكباني هو إصلاحي وخطيب لأحد المساجد في العاصمة، وكان يعمل في إدارة السلامة بكهرباء المنطقة الثانية في أمانة العاصمة. وبعد تشكيل حكومة الوفاق تم تعيينه مديرا عاما لمكتب وزير الكهرباء السابق، صالح سميع. وظل في موقعه هذا عند تعيين الأكوع وزيراً للكهرباء، حتى أصدر الأخير، في 17 سبتمبر الفائت، قراراً كلفه فيه بالعمل وكيلا مساعداً للوزارة، وهو غير مؤهل، وهناك كفاءات أقدم وأكثر خبرة أحق منه بهذا الموقع. ويؤكد موظفون أن جميع الأسماء التي صدرت لها قرارات التعيين والتكليف من قبل الوزير هم أعضاء في التجمع اليمني للإصلاح، ماعدا اسما واحدا ليس إصلاحيا، واسمين أو ثلاثة وصفوهم ب "المطبلين للإصلاح". جميع هذه القرارات، التي حصلت الصحيفة على نسخ منها، أصدرها الوزير الأكوع في يوم واحد، ماعدا قرارا واحدا. وتُظهر الوثائق أن 19 قرارا من هذه القرارات وقعها الوزير الأكوع في 24/9/2014م؛ (أي قبل حوالي شهر من الآن)، ماعدا قرار تكليف مدير مكتبه للعمل وكيلاً مساعداً للوزارة. ومن المؤكد أن جميع قرارات التعيين هذه التي أصدرها وزير الكهرباء، عبد الله الأكوع، هي قرارات غير قانونية؛ كونه أصدرها بعد إقالة حكومة باسندوة، وتكليفها بتسيير الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة. والمعروف أن حكومة تسيير الأعمال لا يحق لها، أو لوزرائها، إصدار قرارات تعيين أو تكليف أثناء قيامها بتسيير الأعمال مهما كان السبب. في هذه القرارات التي أصدرها الأكوع، يبلغ عدد الأشخاص الذين تم تعيينهم مدراء عموم 12 شخصا، أربعة منهم مدراء عموم في المؤسسة العامة للكهرباء، و8 مدراء عموم لمناطق الكهرباء في أمانة العاصمة وبعض المحافظات. وتم تعيين أربعة أشخاص مدراء للإدارة التجارية في كل من كهرباء المنطقة الثالثة بالأمانة، وكهرباء المنطقة الأولى بالأمانة، وكهرباء المنطقة الرابعة بالأمانة، وكهرباء منطقة محافظة صنعاء. هناك أيضاً 3 قرارات أخرى؛ الأول قضى بتكليف شخص للقيام بأعمال نائب مدير عام كهرباء الأمانة، والثاني قضى بتكليف شخص للقيام بأعمال مستشار لمدير عام الشؤون الإدارية بالمؤسسة العامة للكهرباء، فيما القرار الثالث نص على تكليف رشيد يحيى النمر (ابن أخ نائب مدير عام المؤسسة العامة للشؤون المالية والإدارية، أحمد النمر) للقيام بأعمال مستشار لمدير عام كهرباء منطقة عمران. ورشيد يحيى النمر ورد اسمه باعتباره المتهم الرئيسي في جريمة الاعتداء على المسؤول الإعلامي لنقابة موظفي الإدارة العامة للمؤسسة، عدنان المداني، الذي تعرض في سبتمبر الماضي للاعتداء بواسطة مادة الأسيد الخام على وجهه وجسده، ما أدى إلى تشويهه وإصابته بحروق بليغة لا يزال يتعالج على إثرها في مملكة الأردن، وحالته خطيرة جداً. وطبقاً للمصادر، هناك مذكرات عدة للمطالبة بإلقاء القبض على رشيد النمر، وإحالته للتحقيق في جريمة الاعتداء على عدنان المداني بواسطة مادة الأسيد الخام، في سبتمبر قبل الماضي. إحدى هذه المذكرات صدرت في 21 أكتوبر الحالي، وهو اليوم الذي كنت أتواجد فيه بالصدفة داخل مكتب الشؤون القانونية في المؤسسة العامة للكهرباء، وشاهدت بأم عيني إحدى الموظفات هناك وهي تقوم بطباعة هذه المذكرة التي تم توجيهها إلى مدير شرطة 26 سبتمبر، بخصوص إلقاء القبض على رشيد النمر، كونه متهما في جريمة الاعتداء على المداني. إضافة إلى ما سبق، فقد صدر بحق رشيد النمر حكم قضائي العام 2012، من محكمة الأموال العامة بالأمانة، دانه مع خمسه آخرين بارتكاب جريمة "الاستيلاء على مال عام" من الوحدة التنفيذية لمشاريع الكهرباء. وحصلت "الشارع" على صورة من هذا الحكم القضائي الذي نص على معاقبة رشيد النمر، والمتهم الثاني عبد المعين علي داود، بالحبس لمدة سنتين، وإلزامه (أي رشيد) بتسليم مبلغ مليوني ريال للمدان الثالث ماجد العديني. إلا أن هذا الحكم، الصادر من قبل محكمة الأموال العامة بالأمانة في تاريخ 22/9/2012، لم ينفذ منذ صدوره حتى الآن، حسب تأكيدات كثيرة من موظفي مؤسسة الكهرباء التي يعمل فيها رشيد النمر. ورغم هذا الحكم الذي يدين رشيد بجريمة فساد والاستيلاء على المال العام؛ إلا أن وزير الكهرباء قام بإصدار قرار نص على تكليفه للقيام بأعمال مستشار لمدير عام كهرباء منطقة محافظة عمران. الكارثة أن قرار تكليف رشيد النمر هذا صدر بعد 18 يوما فقط من جريمة الاعتداء بمادة الأسيد الخام على وجه وجسد النقابي عدنان المداني. والمحزن في الأمر أن وزير الكهرباء، عبد الله محسن الأكوع، عندما زار عدنان المداني في المستشفى الاستشاري الذي نقل إليه بعد تعرضه للاعتداء، قال له عدنان: "أنا ضحيت بنفسي في سبيل محاربة الفساد داخل المؤسسة، وأنا آمل يا معالي الوزير أن تقوم باجتثاث الفساد، وألا تروح تضحيتي هباء". لكن الوزير الإصلاحي، عبد الله الأكوع، خيب أمل عدنان المداني، وقام بتكليف المتهم الرئيسي في الاعتداء عليه مستشاراً لمدير عام كهرباء منطقة محافظة عمران، راشد مرشد الغرازي، حيث وهذا الأخير كان يعمل مديرا عاما لمنطقة كهرباء صعدة، وتم طرده منها في 2013 على خلفية جرائم فساد. وفي بداية العام 2014، قام وزير الكهرباء السابق، صالح سميع، بتعيين راشد مرشد الغرازي مديراً عاماً لكهرباء المنطقة الثالثة في العاصمة، وبعد أشهر حصل ضده احتجاجات من قبل الموظفين الذين طالبوا بإقالته بسبب ممارسته للفساد والاستقواء عليهم بأطقم من قوات الأمن الخاصة. وعند اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر، ترك راشد الغرازي كهرباء المنطقة الثالثة، وفر خوفاً منهم. إلا أن وزير الكهرباء، عبد الله الأكوع، أصدر له قرارا بعد أربعة أيام، كلفه فيه بالقيام بأعمال مدير عام لكهرباء منطقة عمران. وكان الوزير عبد الله الأكوع أصدر، في تاريخ 11/9/2014، قرارا وزاريا رقم (237)، نص على إلغاء كافة القرارات الصادرة بتكليف مدراء إدارات في المؤسسة العام للكهرباء ومناطقها. وجاء في القرار الوزاري: "مادة (1): تلغى كافة القرارات بتكليف مدراء إدارات في المؤسسة العام للكهرباء ومناطقها، الصادرة في الفترة من تاريخ 15/6/2014 وحتى تاريخ صدور هذا القرار، واعتبارها كأن لم تكن". وطالب في المادة الثانية من هذا القرار المؤسسة العامة للكهرباء ب"الالتزام مستقبلاً بالإجراءات القانونية المنظمة لعملية الترشح والتعيين لشغل الوظائف في المؤسسة بحسب القوانين واللوائح". ومن قرارات التعيينات والتكاليف التي أصدرها الوزير الأكوع بعد 16 يوما من إصداره للقرار الوزاري رقم (237)، لم نجد أياً من الإجراءات القانونية المنظمة لعملية الترشح والتعيين لشغل الوظائف في المؤسسة، حيث نكتشف هذا من الوثائق التي بين أيدينا. توضح الوثائق أنه من أصل 19 شخصا أصدر لهم قرارات مدراء عموم، ونواب، ومستشارين، ومدراء إدارات، هناك 3 مهندسين فقط، ورابع دكتور، هم من تنطبق عليهم الإجراءات القانونية لتعيينهم، رغم أن شهادة الدكتوراه التي يحملها الشخص الرابع لا نعرف في أي مجال تخصصي هي. وبهذه القرارات الجديدة، يكون الوزير الجديد عبد الله الأكوع قد قام باستكمال المشوار الذي بدأه سلفه، صالح سميع، في عملية السيطرة على وزارة الكهرباء ومؤسستها، من خلال تعيين أعضاء تجمع الإصلاح لشغل الوظائف العليا لدى الوزارة والمؤسسة.