أعاد تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي الذي كشف أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) استخدمت وسائل استجواب عنيفة وغير فعالة بحق معتقلين مرتبطين بتنظيم القاعدة، إحياء الجدل حول التعذيب وأثار موجة استنكار واسعة في العالم وصلت إلى حد المطالبة بإطلاق ملاحقات جنائية . وبعد نحو 6 أعوام على رحيل جورج بوش عن البيت الأبيض، نشر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون من لجنة الاستخبارات الثلاثاء تقريرا استثنائيا يفصل البرنامج السري الذي أدارته "السي آي ايه" لاعتقال واستجواب أشخاص يشتبه في علاقتهم بالقاعدة، خارج إطار القضاء . وكشف التقرير أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية دفعت 80 مليون دولار لشركة يديرها اثنان من الاختصاصيين النفسيين كانا يعملان لدى سلاح الجو الأمريكي ليست لديهما خبرة في الاستجواب أو في مكافحة الإرهاب وانهما أوصيا بأساليب محاكاة الغرق واللطم على الوجه والدفن الوهمي لمعتقلين تشتبه الولاياتالمتحدة بأنهم إرهابيون . وأشار التقرير إلى صاحبي الشركة بالاسم المستعار "دونبار" و"سويجرت" لكن مصادر بالمخابرات الأمريكية قالت إنهما جيمس ميتشل وبروس جيسن . واعتمدت وكالة المخابرات المركزية على شركة (ميتشل آند جيسن وشركاؤهما في سبوكين) بولاية واشنطن لتنفيذ أكثر من 80 في المئة من برنامج الاستجواب في الفترة من عام 2005 وحتى انتهاء هذا الترتيب في عام 2009 . ودفعت الوكالة ايضا للشركة مليون دولار لحمايتها هي وموظفيها من المسؤولية القانونية . واعادة فتح هذا الفصل الأسود من "الحرب على الارهاب" اثارت جدلا في الولاياتالمتحدة وخارجها حول حدود الشفافية وحول فعالية التعذيب عموما . ففي الولاياتالمتحدة ندد المدير العام للاتحاد الأمريكي للدفاع عن الحريات انتوني روميرو بوقوع "جرائم بشعة" قائلا "انه تقرير فاضح ويتعذر قراءته بدون الشعور بالسخط لواقع ان حكومتنا قامت بهذه الجرائم الشنيعة" . ودعا مقرر الاممالمتحدة حول حقوق الانسان بن ايمرسون إلى اطلاق ملاحقات قضائية بحق المسؤولين الضالعين في هذه القضية . لكن وزارة العدل الأمريكية قالت ان الملف سيبقى مغلقا بسبب عدم وجود ادلة كافية . ودعت منظمة الدفاع عن حقوق الانسان البريطانية "كايج" إلى ملاحقات قضائية ايضا مؤكدة ان "هناك في التقرير أدلة واضحة تبرر فتح ملاحقات قضائية" . من جهته قال الرئيس البولندي السابق الكسندر كواشينسكي الذي استقبلت بلاده سجونا سرية لل"سي آي ايه"، ان عمليات الاستجواب الامريكية في بولندا توقفت اثر ضغوط بولندية عام 2003 وانه "في البداية لم تكن بولندا تعلم بالتعذيب" . وأعلنت وارسو انها ستطلب الحصول على نسخة من التقرير الذي كشف ان المخابرات الأمريكية دفعت لبولندا أموالا لإبداء المرونة بشأن السجون السرية . وأشاد الاتحاد الأوروبي أمس، بنشر التقرير ورأى فيه "مرحلة ايجابية" . وقالت كاترين راي المتحدثة باسم القسم الدبلوماسي في الاتحاد الأوروبي "ان التقرير يمثل مرحلة إيجابية لمواجهة برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية للاعتقال والاستجواب، علنا ونقده" معتبرة ان الرئيس باراك اوباما "وضع رسميا حدا لها" عند توليه مهامه في 2009 . كما أشاد الامين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند امس بنشر التقرير، معتبرا انه يؤكد الخلاصات التي وصلت إليها المنظمة الأوروبية والمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان . واعتبر وزير الخارجية الالماني فرنك فالتر شتاينماير في مقابلة تنشر اليوم ان ممارسات التعذيب للسي آي إيه تشكل "انتهاكا خطيرا للقيم الديمقراطية" . وحثت الصينالولاياتالمتحدة إلى "تصحيح أساليبها" بعدما قال مجلس الشيوخ الأمريكي في تقرير إن وكالة المخابرات المركزية ضللت البيت الأبيض والرأي العام بشأن تعذيب المحتجزين وعملت بأسلوب أكثر وحشية مما أقرت به . وطالبت كوريا الشمالية التي تتهمها الاممالمتحدة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، مجلس الامن الدولي بإدانة الولاياتالمتحدة، معتبرة ان ما كشفه هذا التقرير من انتهاكات يشكل اختبارا جديا لمصداقية مجلس الامن . ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي في تغريدة أمس الحكومة الامريكية بأنها "رمز الطغيان على البشرية"، وقال "يقولون انهم امة فخورة جدا (بأدائها) . لقد استخفت الحكومات الأمريكية وخدعت شعبها الذي لا يدرك الكثير من الحقائق" . ودان الرئيس الافغاني الجديد اشرف غني التعذيب في ال"سي آي إيه"، معتبرا انها أعمال غير إنسانية . (وكالات) "العفو الدولية" تطالب بمعاقبة المسؤولين وتعويض الضحايا طالبت منظمة العفو الدولية بمعاقبة المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عن برنامج لاستجواب الأشخاص المشتبه في صلتهم في أنشطة إرهابية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 . وفي أعقاب نشر مجلس الشيوخ الثلاثاء تقريراً، بشأن قيام وكالة الاستخبارات المركزية بتعذيب أشخاص يشتبه بضلوعهم في أنشطة إرهابية، طالبت منظمة العفو الدولية بتعويض ضحايا "الاستجواب الوحشي في الحرب على الإرهاب" . وأضافت المنظمة أن التقرير يؤكد "بصورة جلية أن الحكومة الأمريكية استخدمت التعذيب" . وقالت المنظمة إن اتفاقية الأممالمتحدة تنص على أنه لا يمكن تبرير التعذيب تحت أي ظرف . (د ب ا) ماريان لوبان تتراجع وتنفي تبريرها اللجوء للتعذيب نفت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف ماريان لوبان، أمس، أن تكون بررت اللجوء للتعذيب بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلت بها تعليقاً على تقرير أمريكي حول أساليب التعذيب البشعة التي مارستها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في القضايا الإرهابية . وقالت في تغريدة "هذا استنتاج خبيث . لا توجد قداسة في مواجهة الإرهاب . (ما قصدت ب) الوسائل الممكنة طبعاً الوسائل القانونية وليس التعذيب" وذلك تعليقاً على ما أدلت به في مقابلة مع قناة "بي اف ام تي في" من تصريحات اعتبرت فيها أنه في بعض قضايا الإرهاب "من المفيد جعل الشخص (الإرهابي) يتكلم" . وفي وقت لاحق حرصت لوبان على تأكيد "أن فرنسا لا تمارس التعذيب وهذا أمر مفرح جدا" . وكانت في الصباح قالت في تعليق على التقرير الأمريكي إنها لم تندد بهذه الممارسات . واعتبرت أنه "يجب التوقف عن رؤية الولاياتالمتحدة باعتبارها رمزاً للشر" . وقالت "أنا لا أدين" هذه الممارسات، مضيفة "اعتقد أن من يتعاملون مع الإرهابيين ويقومون لهذا الهدف بانتزاع معلومات تتيح انقاذ أرواح مدنيين، هم أناس مسؤولون" . (ا ف ب)