الرد الروسي سيكون مناسبا في حال نشر أسلحة أمريكية ثقيلة في أوروبا الشرقية، إذ تدرس موسكو إمكانية تعزيز قواتها في الشريط الحدودي بصواريخ "اسكندر" ووسائل أخرى. تؤكد ذلك وزارة الدفاع الروسية باستمرار، على خلفية سلسلة من التسريبات الصحفية، تحدثت خلال الأسابيع الماضية عن وجود خطط قيد الدراسة في واشنطن لنشر صواريخ مجنحة وبالستية في أوروبا، وأسلحة نووية في بريطانيا، وأخيرا عن نية البنتاغون تزويد 5 آلاف جندي أمريكي في شرق أوروبا بدبابات وعربات مصفحة وغير ذلك من المعدات العسكرية. و نقلت وكالة "انترفاكس" الروسية الاثنين 15 يونيو/حزيران عن الجنرال يوري ياكوبوف منسق مديرية المفتشين العامين لدى وزارة الدفاع الروسية قوله: "إذا ظهرت الأسلحة الأمريكية الثقيلة، بما في ذلك دبابات ومنظومات مدفعية ومعدات قتالية أخرى، في دول أوروبا الشرقية والبلطيق فعلا، فسيعد ذلك الخطوة الأكثر عدوانية من قبل البنتاغون والناتو منذ انتهاء الحرب الباردة في القرن الماضي". و أردف قائلا: "وفي هذه الحال، لن يبقى أمام روسيا خيار آخر سوى تعزيز قواتها ووسائلها العسكرية على الاتجاه الغربي الاستراتيجي". و رجح الجنرال أن تكون الخطوة الروسية الأولى في هذا الاتجاه مرتبطة بتعزيز القوات المنتشرة في الشريط الحدودي غرب البلاد، بما في ذلك التشكيلات الجديدة في صفوف قوات الدبابات والمدفعية وسلاح الجو. و اعتبر ياكوبوف أن روسيا ستعمل أيضا على تسريع وتائر تسليح لواء الصواريخ المرابط في مقاطعة كالينينغرد المطلة على بحر البلطيق بمنظومات صواريخ "اسكندر" الحديثة. و جاءت تصريحات الجنرال تعليقا على تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" السبت الماضي جاء فيه أن واشنطن تدرس إمكانية تركيز آلياتها القتالية بالقرب من الحدود الروسية في قواعد عسكرية بدول شرق أوروبا والبلطيق، وتحديدا في ليتوانيا ولاتفيا واستونيا وبولندا ورومانيا وبلغاريا وهنغاريا. و في هذا السياق اعاد الجنرال ياكوبوف إلى الأذهان أن روسيا خرجت نهائيا من معاهدة القوات التقليدية في أوروبا، ولذلك لم تعد مقيدة في الرد على مثل هذه الخطوات العدوانية. و قال: "لقد خرجنا نهائيا من هذه المعاهدة، علما بأن العديد من الدول الأوروبية لم تكن ملتزمة بها، ولم تعد أيدينا مكتوفة لدى اتخاذ إجراءات جوابية ترمي إلى تعزيز حدودنا الغربية". ردا على التسريبات الصحفية أكدت وارسو الأحد 14 يونيو/حزيران، أنها تجري محادثات مع الولاياتالمتحدة لبحث احتمال تخزين واشنطن أسلحة ثقيلة على الأراضي البولندية. و أعلن وزير الدفاع البولندي توماس شيمونياك أن هذه المحادثات جزء من مناقشات حول زيادة التواجد العسكري الأمريكي في بولندا وغيرها من الدول الأعضاء في حلف الأطلسي بشرق أوروبا. و أكد أن بلاده تجري مثل هذه المحادثات مع الولاياتالمتحدة مضيفا أنه ناقش هذه المسألة مع نظيره الأمريكي آشتون كارتر خلال زيارته إلى واشنطن في مايو/أيار الماضي. و قال "نحن نعمل منذ فترة على زيادة التواجد العسكري الأمريكي في بولندا وعلى الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي"، مضيفا أنه "من السهل نسبيا نقل الجنود، ولكن سيكون من الجيد وجود معدات قريبة من مناطق الخطر". و في مقابلة صحفية أخرى نشرت الاثنين 15 يونيو/حزيران، أوضح شيمونياك أن قرار نشر مخازن عسكرية أمريكية في أراضي بولندا سيتخذ في القريب العاجل. و أعرب الوزير عن قناعته بأن هذه الخطوة في حال اتخاذها لن تعد انتهاكا للاتفاقية الموقعة مع روسيا في عام 1997 والتي تحظر نشر قوات تابعة لحلف الناتو بالقرب من الحدود الروسية. و تابع أن وارسو تأمل في أن يكتسب الوجود العسكري الأمريكي في أراضيها صفة دائمة. و رجح شيمونياك أن تكون دوافع الأمريكيين في هذا السياق مرتبطة بإدراكهم "الطابع طويل الأمد للأزمة الأوكرانية" و"تباطؤ عملية مينسك السلمية". أما حلف الناتو، فامتنع عن التعليق على التسريبات التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، مبررا ذلك بأن مبادرة الولاياتالمتحدة إلى نشر أسلحتها الثقيلة في شرق أوروبا غير مرتبطة بالحلف. و قال مصدر بالحلف طلب عدم الكشف عن اسمه: "إنه ليس مبادرة من جانب حلف الناتو".