رفض اليونانيون بوضوح في استفتاء الأحد 5 يوليو/تموز، خطة الدائنين لبلدهم ما يثير شكوكا بشان بقاء اثينا في منطقة اليورو. و بعد فرز 95 بالمئة من الاصوات تقدم معسكر “لا” بنسبة 61,31 بالمئة في حين بدت المانيا من جهة وفرنسا وايطاليا من جهة اخرى غير متفقين على كيفية الرد على هذه النتيجة، في حين تتظاهر اثينا بعدم وجود اي مشكلة تعيق عودتها للتفاوض بداية من الاثنين. واتفق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل على وجوب “احترام تصويت” اليونانيين وعلى الدعوة لقمة لمنطقة اليورو ستعقد الثلاثاء الساعة 16,00 تغ ببروكسل. واكدت المفوضية الاوروبية من جهتها انها “تحترم نتيجة” الاستفتاء. وفي حين كان انصار “لا” يحتفلون في صخب بفوزهم في اثينا، كانت برلين قد ردت الفعل بشكل قوي. وقال وزير الاقتصاد الالماني سيغمار غابرييل الاحد انه “يصعب تصور” اجراء مفاوضات جديدة بين الاوروبيين واثينا بعد رفض غالبية اليونانيين خطة الدائنين. بل ان غابرييل وهو ايضا نائب المستشارة في حكومة انغيلا ميركل اعتبر في مقابلة مع صحيفة تاغسبيغل تنشر الاثنين ان تسيبراس “قطع آخر الجسور” بين بلاده واوروبا. اما روسيا التي تتابع باهتمام الوضع فقد اعتبر نائب وزير اقتصادها الكسي ليكاتشاف انه “لا يمكن عدم ادراك” ان ما حصل يشكل “خطوة باتجاه الخروج من منطقة اليورو”. اما وزير المالية السلوفاكي بيتر كازيمير فقد اعتبر ان خروج اليونان من منطقة اليورو اصبح “سيناريو معقولا”. كما اعتبر يروين ديسلبلوم رئيس منطقة اليورو ان فوز لا في الاستفتاء “امر مؤسف جدا لمستقبل اليونان”. لكن في الاثناء اكد تسيبراس لمواطنيه ان نتيجة الاستفتاء لا تعني ابدا “قطيعة مع اوروبا” بل بالعكس “تعزيزا لقدرتنا على التفاوض” واضاف وذلك حتى وان “ستطرح هذه المرة مسالة الديون على طاولة” المفاوضات. من جهته اعتبر وزير المالية يانيس فاروفاكيس ان نتيجة الاستفتاء تمثل “اداة لمد اليد لشركائنا”. ويصعب معرفة من يقول الحقيقة ومن يرسم اوهاما في هذه القضية. غير انه في صباح الاحد قالت باريس وروما على لسان رئيس الوزراء الايطالي ماتيو ارينزي ووزير الاقتصاد الفرنسي ايمانويل ماكرون، انه حتى في حال فوز لا فانه سيتم استئناف المفاوضات. وتباحث هولاند مساء الاحد مع ميركل هاتفيا وسيستقبلها مساء الاثنين في باريس “لتقييم انعكاسات الاستفتاء في اليونان” قبل قمة منطقة اليورو. واضعفت هذه التطورات العملة الاوروبية الموحدة الذي تراجع بنسبة 0,90 بالمئة مقارنة بمساء الجمعة ليبلغ سعره مقابل الدولار 1,1014 عند الساعة 20,00 تغ. ويلف الغموض التام اتجاه تطور الاحداث. فاليونان لم تعد تملك مالا وبنوكها مغلقة منذ اسبوع وتاثرت بعمليات السحب المكثفة الاخيرة لليونانيين القلقين من هذا الوضع. وقال المتحدث باسم الحكومة غابرييل ساكيلاريدس ان بنك اليونان المركزي سيرسل مساء الاحد طلبا للبنك المركزي الاوروبي لانه هناك “حجج متينة لرفع سقف” المساعدة الطارئة للبنوك اليونانية. ومن المقرر ان يجتمع مجلس حكام البنك المركزي الاوروبي الاثنين، بحسب ما اعلن الجمعة حاكم بنك النمسا ايوالد نووتني. لكن من دون افق اتفاق بين اثينا ودائنيها “فان البنك المركزي الاوروبي لا يملك سندا لمواصلة ارسال اليورو الى اثينا”، بحسب الخبير الاقتصادي هولغر شميدينغ. وفي هذا الوضع الخطر يحق لرئيس وزراء اليونان الشاب (41 عاما)ان يشعر بالارتياح لانه فاز في الاستفتاء بعد خمسة اشهر من فوزه المريح في الانتخابات التشريعية. وقد بعث برسالة وحدة الى مواطنيه معتبرا بعد الاستفتاء “نحن (شعب) واحد”. في المقابل استقال زعيم حزب الديمقراطية الجديدة (يمين محافظ) ابرز احزاب المعارضة انتونيس سامارس اثر هذه النتيجة المخيبة بالنسبة له. وجاء هذا الفوز الواضح لرافضي خطة الدائنين رغم ان الكثير من الاراء كانت تتوقع منافسة محتدمة بين الفريقين وفوزا طفيفا لاحد المعسكرين، بحسب استطلاعات الراي. ونظم الاستفتاء بعد اشهر من المباحثات غير المثمرة بين اليونان والجهات الدائنة وهي الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي. ومنحت هذه الجهات الدائنة منذ 2010 اليونان 240 مليار يورو من المساعدات او وعود بقروض لكنها لم تدفع شيئا لاثينا منذ نحو عام. وتوقف الدفع بسبب رفض اثينا تنفيذ بعض الاصلاحات التي اعتبرتها صعبة جدا اجتماعيا. ومنذ يوم الجمعة، اعتبرت اليونان متخلفة عن السداد اذ كان عليها تسديد 1,5 مليار يورو لصندوق النقد الدولي بحلول نهاية حزيران/يونيو. وعمدت الحكومة اليونانية الى اغلاق المصارف وفرض رقابة على حركة الرساميل ومنعت المواطنين من سحب اكثر من 60 يورو يوميا من آليات الصرف. ومن المتوقع ان تنفد السيولة خلال يومين او ثلاثة فقط اذا لم يعمد البنك المركزي الاوروبي الى ضخ الاموال في المصارف. وبعد التصويت تجمع آلاف الاشخاص في ساحة سينتاغما للاحتفال رغم الغموض بشان المستقبل. ورفعوا اعلاما يونانية وهتفوا “اوخي” (لا باليونانية). وقال جورج نوتساكيس (55 عاما) وهو يحمل علم بلاده في يده “انا سعيد هذا ممتاز ، الحياة ستختلف بداية من الان”. وفي باقي العواصم الاوروبية ساد القلق هذا المساء. وقال مقربون من رئيس الوزراء الايطالي ماتيو ارينزي ان منطقة اليورو “ستكون قادرة على مواجهة” ردة فعل الاسواق الاثنين. وحذر الحزب الاشتراكي البرتغالي م الآثار الممكنة “لزلزال يوناني” على البرتغال. وفي اسبانيا يعقد مجلس وزاري الاثنين بمدريد لبحث الوضع. وفي المقابل بدا الارتياح الكبير على زعيم حزب بودوموس الاسباني المناهض لليبرالية. وقال بابلو ايغليسياس في تغريدة “اليوم في اليونان انتصرت الديمقراطية”.