جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    كاس خادم الحرمين الشريفين: النصر يهزم الخليج بثلاثية    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    "أنتم لعنة التاريخ على اليمن"..قيادي حوثي ينتقد ويهاجم جماعته    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يحسم معركة الذهاب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    خبراء بحريون يحذرون: هذا ما سيحدث بعد وصول هجمات الحوثيين إلى المحيط الهندي    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    عاجل: الرئيس الإماراتي ينعي الشيخ طحنون آل نهيان وإعلان الحداد وتنكيس الأعلام ل7 أيام    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    صحيفة قطرية: الحوثيون فشلوا في معالجة العملة التالفة وسحبوا المعدنية المزورة    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    بعشرة لاعبين...الهلال يتأهل إلى نهائى كأس خادم الحرمين بفوز صعب على الاتحاد    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم بن يحيى حميد الدين .. لماذا تجاهله تاريخ الثورة
نشر في يمنات يوم 14 - 02 - 2009

شهدت اليمن منذُ فترات سابقة من عهد الإمام يحيى تمرد كثير ممن رفضوا الظلم والاستكانة بل وكانت في ذلك الزمان أعنف وأقسى وهذا ما نفتقر إليه اليوم، فرغم الفساد الذي يملأ البر والبحر إلاّ أننا لم نجد من بيت الحكم من يتمرد علانية ويخرج الى صفوف الجماهير كما حدث في عهد الإمام.. ففي ديسمبر عام 1946 وصل الأمير إبراهيم بن يحيى حميد الدين إلى "عدن" معلناً براءته من الوضع القائم في صنعاء من قبل المملكة المتوكلية اليمنية وانضمامه إلى صفوف الأحرار، مجاهداً في سبيل القضية اليمنية وتغيير الأوضاع وإنقاذ اليمن من المستقبل المظلم.
وقد أحدث خروج الأمير إبراهيم من أرض الوطن ثورة عظيمة وهزة عنيفة في القصر الحاكم والعالمين العربي والإسلامي، وتناقلت الإذاعات والصحف خبر فرار الأمير إبراهيم إلى عدن، مفارقاً الأهل والراحة والسيارات الفارهة ونعيم القصر وعرش الخلافة، مطالباً بحقوق الشعب وعدالة الحكم وتغيير الأوضاع من منطلق فلسفة الفكر الزيدي "الخروج على الإمام أو ولي الأمر الظالم رحمة" - خلافاً لما هو عليه الأمر عند الفكر السلفي.
وبمجرد أن استقر الأمير إبراهيم في مدينة عدن, أم الثوار والثورات اليمنية، انهالت عليه البرقيات من الأحرار تؤيده بالانضمام إلى حزب الأحرار الدستوري وأطلقت عليه لقب "سيف الحق"، وأثار خروجه إعجاب أصدقائه الثوار أمثال محمد محمود الزبيري والنعمان وأحمد البراق وآخرين...
وعلق اليمنيون في الداخل والخارج عليه الآمال ورأوا في سموه منقذاً للبلاد من الذين أكلوا حقوق العباد.
اتهمه والده بالمجون
الإمام يحيى ملك المملكة المتوكلية اليمنية وصف ابنه إبراهيم "بالعقوق والهوس والمجون والتآمر على الأسرة الحاكمة" وبادر بإرسال رسالة إلى نجله إبراهيم يطلب منه الأسباب التي دفعته إلى الثورة، ورد الأمير سيف الحق على والده برسالة يقول فيها:
"مولانا أمير المؤمنين، ملك اليمن المعظم.. ماذا قد بلغكم عني؟ لم أفعل غير إعلان براءتي من قساوة الحكام وتأييدي للساعين في إصلاح البلاد والعباد وتوطين النفس على تحمل المشاق من أجل المحافظة على استقلال اليمن ووحدتها المهددة بالتمزق والانقسام وأنا أعلم أن التلغراف من وحي أخوي الحسن والحسين اللذين لا يمحضان النصح لكم ومن الغريب طلبكم لي الرجوع بينما غاب أخي الحسين ثلاث سنوات في الأقطار يصرف أعظم المبالغ من حق الشعب ولم نجد منها نفعاً وكذا أخي عبد الله."
ولدكم الراجي عطفكم إبراهيم
وقد أثارت هذه الرسالة ثائرة الإمام وأزعجت أولاده وأصبح القصر في جحيم، ثم بدأ بعد ذلك ومعه الثوار للمطالبة بعرض القضية اليمنية على العالمين العربي والإسلامي وطالب الجامعة العربية بالتدخل فوراً لإقناع المسئولين في صنعاء بإقامة العدل ونشر الثقافة وتحقيق المشاريع العمرانية في اليمن، وكان لهذا الطلب أثر كبير هز الأوساط العربية والدولية ونشر الذعر والخوف في قصور الإمام وأمراء سيوف الإسلام وعملاء العرش الملكي ..
شركة الفضيل الورتلاني
ومن جراء تداعيات ثورة إبراهيم وصل إلى صنعاء في نفس العام المجاهد الجزائري الفضيل الورتلاني بدعوة من الإمام يحيى للتعرف على أحوال اليمن، وتمكن الورتلاني من إقناع الإمام يحيى وولي العهد أحمد بالخروج من العزلة التي فرضت على اليمن وتشجيع رأس المال الوطني، وكان إنشاء أول شركة مساهمة تبناها الورتلاني (الشركة اليمنية للصناعة والتجارة والزراعة والنقل) ولكن كانت كثيرا من فوائد تلك الشركة تصب في جيوب المقربين من القصر الملكي وحال الشعب مزرٍ ومؤلم، جياع في الداخل ومغتربين بدون حماية في الخارج، فوجه الأمير إبراهيم الملقب (بسيف الحق) خطاباً إلى والده الإمام يحيى يناشده فيه بإصلاح البلاد وتلافي البقية من عمره، حيث وصل سنه إلى 70 عاماً، ولأهمية الخطاب تناقلته الإذاعات والصحف ..
اسمعوا أنين الأمة
"جلالة ملك اليمن المعظم .. يا أبتاه إن ضميري الحي وإرادة الشعب القوية قد انتزعتني من بين أيديكم، إن المهاجرين في الخارج والمناصرين لنا في الداخل لا يحملون حقداً على أحد وإنما يريدون من ولي الأمر إسعاد الشعب وإبراره ، فما لنا لا نضع أيدينا في أيديهم؟ يا أبتاه إن سخط الأمة على الأسرة الحاكمة ناشئ من أولئك الذين يستعبدون الشعب ويجمعون الثروة من النفوس الجائعة العارية المظلومة ويزعمون أنهم يجمعون لنا قوة وعتاداً، يا أبتاه هل سألتم عن أبناء اليمن؟ أما أهالي لواء تعز وإب فقد ضاقت مدينة عدن بمهاجريهم عبر الحدود. يا أبتاه إن من يستر عنكم الحقائق ويقول إن الحالة في اللواءين كما يرضى فقد كذب. يا أبتاه ألفت نظركم إلى قضاء رداع وما يلاقيه من ظلم الحكام الذين شدوا سكانه في أنحاء المعمورة، تكرموا يا مولاي الملك بمطالعة صحيفة "صوت اليمن" لتطلعوا على كل ما يجري في مملكتكم. يا أبتاه إن إغرائي بإرسال الأموال الضخمة لن يسكت بها صوتي، اسمعوا أنين الأمة ومزقوا الستار الذي بينكم وبين الشعب."
ولدكم إبراهيم
فما أحوج الحاكم اليوم أن يسمع أنين الأمة ويمزق الستار الذي بينه وبين الشعب.
ثم أرسلت رسالة إلى أمين الجامعة العربية وأعضائها، نصها ما يلي:
"أمين الجامعة العربية عزام باشا - أعضاء الجامعة العربية القاهرة - إنه على خطورة الحالة في اليمن فقد قررت مع المخلصين من رجالات اليمن وبعض إخوتي سيوف الإسلام أن نتلافى الخطر بتأييد الجمعية اليمنية الكبرى ونصرة الأحرار اليمانيين وضم أصواتنا إلى أصواتهم للمطالبة بالحقوق الشرعية العادلة التي لا تسيء إلى أحد والتي هي ضرورية لسلامة البلاد وسعادتها، فأرجو من الجامعة العربية أن تتدخل لحل مشكلة اليمن الخطيرة قبل أن يفلت الزمام من أيدي المخلصين ويحدث ما لا يحمد عقباه وما لا نحمده جميعاً والسلام"
إبراهيم ابن الإمام.
شعب مجيد كمرآة مغطاة بالصدى
في شهر يوليو 1947م عاد الأمير عبد الله من الولايات المتحدة الأمريكية الذي كان يدرس فيها عن طريق عدن واجتمع بأخيه إبراهيم وحاول إقناعه بالرجوع معه إلى صنعاء وتدارس الأمر مع رئيس الوزراء والمسئول الأول بعد الإمام في إقامة مشاريع النهضة باليمن ولكن ابراهيم لم يقتنع لأنه يعلم أن هناك من إخوته من يرفض مثل تلك التوجهات وغادر الأمير عبد الله عدن واستقبلته الجماهير في صنعاء بالهتافات والأمل والأفراح وأقيمت له الاحتفالات وألقيت أمامه الخطب والقصائد، وبطبيعة نظام الحكم فمنصبه جاهز وأشهر تلك الخطب بمناسبة قدوم الأمير كانت ل: لشهيد جمال جميل في ميدان العرضي عند احتفال "الجيش"، وأهم ما قيل في كلمة جميل:
"إن الحالة في اليمن أصبحت لا تتحمل الصبر ولم يبقِ مجال للكذب والمغالطة والتظليل، فلا أكون مبالغاً إذا قلت إنكم لا تملكون جيشاً ولا سلاحاً، اتقوا الله أيها المسئولون في جيشكم وشعبكم، إن هذا الشعب كريم مجيد ولكنه كالمرآة المغطاة بالصدى أو الغبار فمن منكم الشجاع الذي سيمسح هذه المرآة؟ ورغم المدح الزائد بالسيف العائد لم يتغير شيء من حال الشعب.
الإمام يجتمع برئيس الوزراء وابنائه
وعندما بدأ الإمام يحيى يشعر بتدهور السلطة وتدهور صحته وتبرم الشعب فاستدعى أولاده وطلب منهم الاجتماع برئيس وزرائه والمسئول الأول بعده القاضي عبد الله العمري لمعرفة إمكانيات إقامة بعض المشاريع وبعد اجتماعهم بالعمري توجهوا إلى الإمام يحيى ليطلعوه على قراراتهم التي كانت كالآتي : لقد فكرنا بالأمر ودرسنا الحال بالتفصيل ورأينا عدم الضرورة لمجارات التطورات في الدول العربية ما دام المال والجيش والسلاح بأيدينا والشعب أعزل فقير جاهل لا يستطيع أن يرفع رأسه بحال من الأحوال ولا خوف من الخارج فالإنجليز بيننا وبينهم معاهدة حسن جوار والسعودية كذلك فالأبواب مغلقة أمام الثوار.
النداء الابراهيمي الأخير
وبعد أن فقد سيف الحق إبراهيم الأمل بأخيه عبد الله في الإصلاح وبعد قرار أبناء الإمام مع رئيس الوزراء العمري، ذلك القرار السلبي الذي أيد الظلم، أصدر الأمير إبراهيم نداءً للعلماء ومشايخ البلاد ونقباء القبائل والجنود والمزارعين قال فيه: "للعلماء إنه لولا إغضاؤكم عن أعمال الظالمين وسكوتكم عما يلاقيه المسلمون لما بلغ الحال إلى ما بلغ إليه وقال للمشايخ لقد كان لكم بين قبائلكم مقام كريم فكنتم إذا قلتم فعلتم وإذا أمرتم بالحق أُطعتم ولقد أذلوكم فماذا أنتم فاعلون وإلى متى أنتم على الذل مقيمون؟ وقال للجنود والجيش أيها الجندي اليماني لا يعتبرك الحاكمون الظالمون والطغاة المستبدون إلا خادماً مأجوراً لحراستهم وتنفيذ مقاصدهم الشخصية، تسهر الليالي ليناموا مطمئنين هادئين وتفترش الحصير وتلتحف السماء ليهنئوا في دورهم وقصورهم الشامخة وتمشي حافياً ليركبوا الخيول المطهمة وأنت تأكل "الكدم" .
ثم وجه خطابه للشعب على اختلاف طبقاته قائلاً: لقد أدرك العرب والمسلمون جميعاً أن الحالة في اليمن خطيرة وأنه لا يمكن الصبر عليها وأناشدكم اليوم أن توحدوا كلمتكم وتضموا صفوفكم ولا تعينوا الظالمين على أنفسكم".
هذا الخطاب الإبراهيمي أوجد غلياناً في صفوف الشعب وتكاثر عدد الثوار والمناصرين للمناضل سيف الحق مما دفع القصر الحاكم لاتخاذ الحيل والمكائد.
من طرائف مكائد الإمام
كان الإمام يحيى طاغية ظريفاً ويعلم أن هناك مؤامرة يقودها ابراهيم والسيد عبد الله بن أحمد الوزير من أجل قيام مملكة دستورية ديمقراطية مثل مملكة بريطانيا، وفي شهر يناير 1948 فوجئ الشعب والثوار بإشاعة خبر وفاة الإمام يحيى، وتناقلت الخبر الصحف والإذاعات العالمية وأن الأمة أجمعت أمرها وانتخبت ملكاً لها هو السيد "عبد الله الوزير" مقيداً بالدستور والميثاق الوطني، وصدق الناس والثوار هذه الإشاعة خاصة عند وصول حاكم عدن إلى مقر إقامة ابراهيم لتقديم التعازي في وفاة والده الإمام يحيى ولكنهم فوجئوا أن الإمام يحيى حي يرزق ولكنه اختلق هذه الإشاعة مع ولي عهده الإمام أحمد ليوقع الثوار داخل اليمن في خدعة وكشفهم، وهذا ما تم حين تمكن من اقتياد العديد منهم إلى السجون ومقاصل الإعدام.
قتل الإمام والمملكة الدستورية
في ظهر يوم الثلاثاء الموافق 17 مارس 1948م نصب كميناً في منطقة "حزيز" بصنعاء للإمام يحيى وهو في طريق عودته من بيت "حاضر" وتم اغتياله بالرصاص وفي صباح اليوم الثاني الأربعاء 18 مارس اجتمعت جموع من الشباب والعلماء ورجال الدولة من الموظفين والمشايخ في قصر غمدان وعقدوا اجتماعاً قرروا فيه تنصيب السيد عبد الله الوزير إماماً شرعياً وملكاً دستورياً وبايعوه على ذلك وانهالت برقيات التهاني من رؤساء العشائر والقبائل والثوار وتم تمجيد الثوار الذين نفذوا مهمة قتل الإمام وهم "علي ناصر القردعي" و"محسن هارون" "وآل الحسيني" و"آل سنهوب" و"محمد ريحان" و"علي العتمي"، كما أعلن الأمراء، القاسم وإسماعيل والعباس وعلي ويحيى والبدر بن أحمد مبايعة الملك الجديد ونظام الحكم الدستوري، وفي يوم الخميس أذيع أول بيان للثورة من إذاعة صنعاء.
الحكومة الجديدة تتبنى الثوار والديمقراطية
تم تشكيل الحكومة الجديدة ومجلس الشورى المؤقت واختير ستون عالماً وفقيهاً من أبناء اليمن تحت رئاسة الأمير إبراهيم وكانت الحكومة الجديدة برئاسة علي بن عبد الله الوزير وكان فيها الأستاذ أحمد محمد نعمان وزيراً للزراعة والشيخ محمد أحمد نعمان وزيراً للداخلية ومحمد محمود الزبيري وزيراً للمعارف والقاضي عبد الله الأغبري وزيراً للدولة وحسين عبد القادر وزيراً للدفاع والخادم غالب الوجيه وزيراُ للمالية والقاضي أحمد الجرافي وزيراً للاقتصاد والمناجم والسيد أحمد المطاع وزيراً التجارة والصناعة وأيضاً أعطي للأمير علي بن يحيى حميد الدين منصب وزير الدولة وعين القاضي العمري وزير الدولة وقد تضمن الميثاق الوطني في المادة "5" منه أن يكون نظام الحكم شوروياً دستورياً وكلفت المادة "7" منه أعضاء مجلس الشورى المعينين أن يضعوا قانوناً للانتخابات وأن يكون حق الانتخاب لكل يمني بالغ من العمر 20 عاماً غير محكوم عليه شرعاً بالإجرام وشهادة الزور وألا يقل عدد الممثلين من المدن عن الثلثين وأن تكون القوات المسلحة والقبائل ممثلة وأن يكون للمهاجرين من المغتربين حق إرسال ممثليهم في المجلس إذا كان فيهم ثلاثة ألاف شخص تتوفر فيهم شروط الانتخاب وإذا كان أكثر يكون لهم على كل ثلاثة ألاف ممثل واحد في المجلس وفي المادة "9" الفقرة "د" تم تقييد صلاحية الملك بألا يبرم أي معاهدة إلا إذا صادق عليها أكثرية المجلس المنتخب وألا يعزل وزيراً عضواً في مجلس الشورى قبل وضع الدستور ولا يكون عزله إلا بموجب حكم شرعي وتم تحديد مدة عام واحد من أجل صياغة دستور المملكة الدستورية اليمنية وأيضاً كانت المادة "25" تنص على سرعة إزالة الظلم والطغيان عن الرعايا في طريقة أخذ الواجبات والضرائب وإسقاط البواقي الكاذبة.
أحمد يا جناه
قام الملك عبد الله الوزير بإرسال برقية تعزية إلى ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين يطالبه فيها الدخول فيما دخلت فيه الناس في اختيار مملكة دستورية وكان رد ولي العهد أحمد عنيفاً ونص رده كان: "من أمير المؤمنين المؤيد بالله الناصر أحمد بن أمير المؤمنين المتوكل على الله ابن أمير المؤمنين المنصور بالله محمد بن يحيى بن رسول الله إلى الناكث العهد الذليل الحقير عبد الله الوزير لقد ركبت مركباً صعباً عن طريق الغدر والخيانة وإنك ستسقط إلى الهاوية في القريب ذليلاً حقيراً وأني زاحف عليك بأنصار الله الذي سترى نفسك تحت ضرباتهم معفراً فريداً ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله والعاقبة للمتقين والله المستعان . "
الإمام الشرعي أحمد بن يحيى حميد الدين ملك المملكة المتوكلية اليمنية
الشرعية والفيد
وبعد أسبوع من إعلان المملكة الدستورية بدأت الحرب الأهلية تظهر جلية وبدأ أنصار الإمام أحمد يتمركزون في المواقع وكانت محافظة حجة شرارة الانطلاق لعودة حكم أسرة حميد الدين وأخذ مناصرو الإمام أحمد، المندسون في أوساط الثوار، يخدعون ويمكرون فكانوا يتظاهرون بحب الثورة وهم يعملون مع الإمام أحمد ولم تستمر المملكة الجديدة غير شهر واحد نتيجة الغدر والخيانة من بعض المسئولين في قصر غمدان، وفي ليلة السبت الموافق 1 أبريل 1948 دخل الإمام أحمد صنعاء من "باب ستران" وأشعلت النيران والزغاريد والهتافات بدخول الإمام أحمد والقبض على الملك عبد الله الوزير وتم في ذلك اليوم استباحة ونهب صنعاء وتم مهاجمة البيوت والمحلات التجارية وقتل أطفال ونساء وتم إعدام الإمام الجديد ولاذ بالفرار أعضاء الحكومة من الوزراء وأصيب الحق إبراهيم بالصدمة جراء تصرف الخونة ورجال القبائل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.