صحيفة لندنية تكشف عن حيلة حوثية للسطو على أموال المودعين وتصيب البنوك اليمنية في مقتل .. والحوثيون يوافقون على نقل البنوك إلى عدن بشرط واحد    يوفنتوس يتعادل مع ساليرنيتانا    مارب.. الخدمة المدنية تدعو الراغبين في التوظيف للحضور إلى مكتبها .. وهذه الوثائق المطلوبة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    مليشيا الحوثي تحتجز عشرات الشاحنات شرقي تعز وتفرض جبايات جديدة على السائقين    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي 2023-24    الحوثيون يبدؤون بمحاكمة العراسي بعد فتحه لملف إدخال المبيدات الإسرائيلية لليمن (وثيقة)    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    النفط يواصل التراجع وسط مؤشرات على ضعف الطلب    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    باريس يسقط في وداعية مبابي    الرعب يجتاح قيادات الحوثي.. وثلاث شخصيات بمناطق سيطرتها تتحول إلى كابوس للجماعة (الأسماء والصور)    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    استشهاد جندي من قوات درع الوطن خلال التصدي لهجوم حوثي شمالي لحج    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    عدن.. ارتفاع ساعات انطفاء الكهرباء جراء نفاد الوقود    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    لو كان معه رجال!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات الرئيس القاضي عبد الرحمن بن يحيى الإرياني – الجزء الأول 1910-1962م
قراءة في كتاب*
نشر في الجمهورية يوم 25 - 04 - 2013

يرى مطهر الإرياني في مقدمته لمذكرات الرئيس القاضي الارياني أن الحركة الوطنية قد بدأت في اليمن منذ القرن الثالث الهجري “منذ ميلادها الأول لمواجهة الدعوة إلى الحكم (الإمامي )عند بداية ظهورها في عهد الداعتين الهادي يحيى بن الحسين المتوفى عام 298ه ،وابنه الناصر أحمد بن يحيى بن الحسين المتوفى عام 325ه،إلى أن حان ميعاد ميلادها الجديد كحركة وطنية عصرية حديثة ،فظهرت باسمها العام «حركة الأحرار اليمنيين» ،وبأسمائها الخاصة التي أطلقت عليها مرحلياً مثل (هيئة النضال)و(جمعية الإصلاح )و(حزب الأحرار اليمنيين)و(الجمعية اليمانية الكبرى )و(الاتحاد اليمني )وبهذا الميلاد الجديد في ثلاثينيات القرن الماضي ،دخلت الحركة الوطنية اليمنية،مرحلتها النضالية الحاسمة ،ضد النظام الذي واجهته في مطلع الدعوة إليه ،في عهد الهادي يحيى بن الحسين وابنه الناصر احمد بن يحيى ،وها هي تجد نفسها في مرحلة الحسم ،تواجه الإمامين المتوكل يحيى بن محمد ،وابنه الناصر أحمد بن يحيى .) ص 32 ..
ولعلّ التوافق في الأسماء بين الإمامين يحيى وأحمد كمؤسسين ،وبين آخر إمامين في اليمن واضحة في إشارة مطهر الإرياني .وإذا كان مطهر الإرياني مصيباً في حديثه عن مسار الحركة الوطنية في النصف الأول من القرن العشرين ،إلاّ أن زعمه بأن الحركة الوطنية ممتدة منذ بداية مناهضة بعض القبائل للإمام الهادي يصبح قولاً أيديولوجياً ،يجعل صراع القبائل على السلطة مساراً للحركة الوطنية ،وهو ما يقتضي وضوحاً لمفهوم الوطن والوطنية ،في ذلك العصر ،وذلك بالتأكيد غائب ومستبعد عن نسق التفكير في القرن الثالث الهجري ،والذي كان فيه عنصرا القبيلة والدين أساس وجوهر الصراع على السلطة .
لقد كان الموقف العدائي من قبل السعودية ضد الجمهورية أمراً حتمياً ولا علاقة له بدعم مصر للثورة اليمنية ،بل إن الدور المصري كان استباقاً لتدخل سعودي مرتقب “كان القاضي العلامة عبد الرحمن الإرياني ،من أكثر الأحرار معرفة بما تضمره السعودية من العداء لأي ثورة دستورية إصلاحية ،وبدرجة أشد وأعنف لأي ثورة تغير النظام الملكي ،وذلك لأنه سمعها بأذنيه من فم الملك –ولي العهد آنذاك –فيصل بن عبدالعزيز، أثناء لقائه معه عام 1379ه (1960م) عند الحديث عن التغيير في اليمن ،إذ قال فيصل (لنا شرط واحد وهو أن لا تعلنوا الجمهورية فإذا أعلنتموها فإنني أقول لك من الآن بأنّا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنحارب حتى النهاية )38ص.”
على النقيض مما يطرحه البعض من تقاعس الإمام يحيى في ضم المحميات إلى حكم المملكة المتوكلية ،يرى القاضي الإرياني “أن حكومة الإمام يحيى بعد جلاء الأتراك قد أسرعت في إرسال ولاتها إلى المحميات فانضوى كثير منها تحت حكمه كالضالع وجحاف وحالمين والشعيب والأجعود وبلاد القطيبي وحتى نهاية (ملاح )القريبة من لحج ،ومثلها الصبيحة وبلاد جعبل وغيرها .كما قدمت بلاد بيحان وغيرها مراسم الولاء ،ووصلت وفود العلماء من حضرموت بالبيعة للإمام يحيى .ص35،برغم من أن العثمانيين كانوا قد وقعوا عام 1904م على اتفاقية حدود ،وتشطير ،وقد أشار الباحث عبدالحكيم العفيري إلى أن هذه الاتفاقية محفوظة لدى البريطانيين إلى جوار اتفاقية سيكس بيكو ،في إشارة إلى أهمية اعتبارها جزءاً من هذه الاتفاقية !وكان الإمام يحيى قد اعتبر أن هذه الاتفاقية لم تتجاوز كونها” إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق ص53.ولذلك استمر رفض الإمام يحيى لهذه الاتفاقية ،ولم يرضخ للبريطانيين إلاّ بعد هزيمة 1928م حين قامت بريطانيا باستخدام الطيران والقصف على الضالع وتعز والحديدة وزبيد ...الخ بل وهددت بقصف صنعاء مما جعل الإمام يحيى يخرج منها إلى كوكبان ...
ويذكر الإرياني في مذكراته أن حكومة المملكة المتوكلية لم تعترف بحدود تفصل بين شطري اليمن ،وظلت الحكومة في شمال اليمن تدعم أحرار الجنوب في موجهة الاستعمار البريطاني ص54.
حين جاء ولي العهد أحمد إلى تعز أواخر الثلاثينيات ،وشعر الأمير علي الوزير بتقليص نفوذه كأمير على لواء تعز ،ومباشرة سيف الإسلام أحمد لمعالجة مشاكل الناس – طلب الإذن من الإمام يحيى كي يذهب إلى الحج ،وهناك “تمكن من اللقاء مع الملك عبد العزيز وتعهد له الملك بأن يكون نصيراً له بعد وفاة الإمام يحيى وأن يعملوا معاً على إبعاد ولي العهد عن الملك على أن يتولى أحد ثلاثة هم علي الوزير أو عبد الله الوزير أو سيف الإسلام الحسين .وقد أخذ على الملك السعودي أنه لم يفِ بعهده فقد ناصر الإمام أحمد بعد مقتل أبيه عام 1948م وساق الأمير وابن عمه الإمام عبد الله الوزير بخذلانه لهما ونصرته لأحمد إلى الموت فأعدما مع من أعدم في حجة بعد فشل الثورة .ولما ذهب إليه السيد عبد الله بن علي الوزير بعد الثورة وقبل انتصار أحمد وظهور موقفه المتحيز يطالبه بالوفاء بالعهد اعتل بأنه قد وعد بنصرة المناهضين لأحمد على أساس أن يموت أبوه موتاً طبيعياً بل قال بلغته النجدية (ما اتفقنا على قتل الشيبة)ص99.
يرجع الرئيس الإرياني هزيمة حرب 1934م مع السعودية إلى سيف الإسلام عبد الله الذي قاد الجيش في الحديدة ،فقد هوّل عبد الله على أبيه حجم وعتاد الجيش الذي يقوده الأمير فيصل ،مما جعل الإمام يحيى يأمر بالانسحاب من الحديدة وحرض رغم رفض السياني في البداية للأمر –إلى بيت الفقيه ،،مما أدى إلى احتلال الحديدة دون مواجهة تذكر ،وبالرغم من أن سيف الإسلام أحمد كان قد واجه الجيش الذي قاده ولي العهد السعودي ،سعود بن عبد العزيز ،واحتل معسكره ،مما أدى إلى فرار سعود وتركه للمعسكر غنيمة لسيف الإسلام أحمد ،أي أن سيطرة أحمد على نجران كانت بعد انتصار عسكري كبير، على الجيش الذي قاده ولي العهد السعودي سعود بن عبد العزيز ،وأما الجيش الذي كان يقوده الأمير خالد بن عبد العزيز فلم يستطع التقدم داخل المملكة المتوكلية ،أي أنه لولا خوف وضعف سيف الإسلام عبد الله لما كانت هزيمة 1934م - ص 87 91.
في عام 1943م رفع القاضي الإرياني ،بقصيدة إلى الإمام يحيى –حين كان القاضي الإرياني في مقام سيف الإسلام الحسن بلواء إب يحاول التخلص من العمل في العدين حاكما ،وقد كان يتنقل حينها في مناطق اللواء لحل بعض القضايا الشرعية –وقد أرسل بالقصيدة إلى الإمام يحيى موقعة باسم “أبناء اللواء” وبخط غير خطه ،وقد جاء فيها هذه الأبيات:
والعصيمات مالنا من أذاهم
قط في هذه البلاد اعتصام
قد غدا من بيوتنا لهم المأ
وى ومن أهلنا لهم الخدام
فلهم في البلاد هذي انتشار
ولهم في البيوت تلك ازدحام “ ص 113.
لقد كان التواصل مع “حسن البنا “قبل حركة “48م”من خلال معرفة الأستاذ الزبيري والسيد عبد الله بن علي الوزير والأستاذ المسمري والأستاذ محيي الدين العنسي ،ولم يكونوا منضمين لجماعة الإخوان المسلمين حسب طرح الرئيس القاضي الإرياني في هذه المذكرات ،وقد سمع حسن البنا منهم عن أحوال اليمن ،فوعدهم بالمساعدة والعون لعله حسب قول البنا “ولعلنا ننجح في إنشاء حكومة إسلامية يجد الإخوان المسلمون فيها مناخهم الصالح لبذر بذور الدين الصحيح ووعدهم بإرسال من يعتمده ليدرس الأوضاع ،ويعمل بالتعاون مع الأحرار ورجالات اليمن على وضع أقدام الأحرار على طريق الثورة الصحيح ودفع العجلة إلى الأمام بالسرعة الممكنة ص131.وقد كان رجله الأثير لديه هو الفضيل الورتلاني .وحين قامت الحركة حدث التباين بين الإمام عبد الله الوزير والأحرار من الأيام الأولى حين اختلف المطاع مع الإمام عبد الله ،فقد طالب المطاع الإمام بضرورة الالتزام بالميثاق المقدس ،فما كان من الإمام إلاّ أن غضب واحتد في الطرح بسبب قول المطاع بأن الأحرار لن يقبلوا بحكم استبدادي ،والفدية في الحكم يجب أن تنتهي ،ولقد روى للأحرار، رئيس حرس الإمام عبد الله ،عزيز يعني في سجن حجة –أنه راجع الإمام في ضرورة أن يقتنع برأي المطاع ،فرد عليه الإمام عبد الله قائلاً “ ماشي يا عزيز .إنهم يريدون أن يجعلوني لعبة في أيديهم ،دع الأمور تستقر وسترى أنه سيكون لي ولهؤلاء الملحدين يوم أصفيهم فيه وأريح اليمن من أفكارهم الملحدة ص138.
إن التخطيط لقتل الإمام يحيى بدأ بقرار من الفضيل الورتلاني ثم فتوى من إمام الحركة عبد الله الوزير ،ثم تنفيذ مجموعة من رجال القبائل وسيارة من الجيش عليها رشاش ،إلاّ أن القاضي الإرياني يحدد التنفيذ بمجموعة من رجال القبائل اتخذوا من سيارة نقل للبضائع ووضعوا عليها “طربال” وسيلتهم للتنفيذ ،ويحدد الذين تبعوا ركب الإمام يحيى حين خرج في سيارته لزيارة “بعض المزارع التي تخص الإمام في المنطقة الجنوبية فيما وراء منطقة حزيز وتبع الركب السيد أحمد الشامي والرائد حسن العمري والقاضي عبد الله الشماحي على الدراجات ليعرفوا وجهة الإمام .وبعد أن عرفوا ذلك عادوا ليخبروا عن الوجهة ويقولوا أن القاضي عبد الله العمري في السيارة مع الإمام وكان هذا قد اتفق مع السيد عبد الله الوزير على التعاون معه والانتفاع بمقدراته وتجاربه ولهذا عين في الميثاق المقدس وزيراً للدولة .وخشي الوزير من التأجيل وعزم على أن يضحي بالعمري ليتغدى بالإمام قبل أن يتعشى به ص135.
عن مصطلح “أنصار الله”:
يبدو أن استخدام مصطلح «أنصار الله» أقدم من تاريخ استخدام الحوثيين له ،فلقد جاء في رد الإمام الناصر أحمد بن يحيى حميد الدين على رسالة جاءته من عبد الله الوزير ،حين طلب الأخير من ولي العهد مبايعته ،والدخول فيما دخل به الآخرون ،فردّ عليه الإمام أحمد بالرسالة التالية “من أمير المؤمنين المتوكل على الله أحمد بن أمير المؤمنين المتوكل على الله يحيى بن أمير المؤمنين المنصور بالله محمد بن يحيى بن رسول الله إلى الناكث الغادر الذليل الحقير عبد الله الوزير. لقد ركبت مركباً صعباً عن طريق الغدر والخيانة وإنك ستسقط في الهاوية في القريب ذليلاً حقيراً وإني زاحف إليك بأنصار الله الذين سترى نفسك تحت ضرباتهم معفراً فريداً ولا يحيق المكر السيء إلاّ بأهله والعاقبة للمتقين والله المستعان “ ص139-138.
الفرق بين الرعية في إب والقبائل في الشمال :
يصف القاضي الارياني الفرق بين الرعية في إب والقاعدة وبين موقف القبائل من أحرار 48م،فيقول “وخرجنا من إب متجهين إلى القاعدة والناس على جانبي الطريق يدعون لنا بحسن المخرج والنساء يبكين ويندبن بأصوات مرتفعة بينما الخارجون من صنعاء وعلى رأسهم الإمام الوزير وكثيرون من رجالات اليمن قد خرجوا بين لعنات المواطنين ورميهم بالتراب والقاذورات .وبهذا يمكنك أن تقارن بين المشاعر هنا وهناك ،وأين تكمن الروح الحضارية والإنسانية ورقة الأفئدة والإيمان اليماني “165ص.والحقيقة أن المقارنة يمكن أن تكون من ذمار ،فلقد كان تعاملهم مع الأستاذ النعمان ومحمد الفسيل وغيرهم ممن جاءوا من عدن إلى تعز ثم نصحهم الارياني بعدم الذهاب عن طريق يريم وذمار لأن القبائل قد تأسرهم ،لكن القدر كان أمضى من التحذير ،وحين تم اعتقالهم في يريم وساقوهم مكبلين بالقيود ،تلقوا إضافة إلى القيود اللعنات ،والرمي بالقاذورات ،وكانت الزوامل تلعن النعمان وصحبه ،وتعتبرهم كفاراً !-ومع ذلك فالأمر من وجهة نظري له علاقة باعتقاد الناس في المناطق الشمالية بأن الإمامة أصل من أصول الدين ،في حين أن المناطق الشافعية لا تعيره أصلاً ،أي أن هذا السلوك محكوم بالمعتقد وليس بالتحضر أو التخلف ...
الدعوة للبدر بولاية العهد :
على عكس ما ذكره النعمان في مذكراته من أن الدعوة بولاية العهد للبدر لم تكن منظمة ومخططا لها بغرض بذر الشقاق بين الإمام احمد وإخوته – رأى القاضي الإرياني أن “محاولة نفخ روح الطموح في سيف الإسلام محمد البدر إلى ولاية العهد .وهذا ما يحاربه أعمامه وأبناء عمه الحسن ويعارضونه أشد المعارضة .إذاً فالعمل في هذا المجال معناه بذر بذرة التفرقة بين الإمام أحمد وإخوته ص191.
انقلاب 1955:
في انقلاب 1955م الذي قاده سيف الإسلام عبد الله والمقدم الثلايا حين بدأت بوادر الفشل ،وبدأ الضرب على مقر القيادة بالعرضي ،من جبل القاهرة ،وصبر “وحينما اشتد ضرب المدفعية على عبد الله ومن معه ،طرح على العلماء فكرة الاستعانة ببريطانيا بطلب طائرات لضرب القصر وتهديد القبائل المتجمعة في عمران .وأراد أن ينتزع منهم الموافقة ،فقالوا له ولكن كيف سيقابل الشعب استعانتكم بالأجنبي واستدعاءكم له ليتدخل في شئون البلاد .إن ذلك سيزيدهم التفافا حول الإمام أحمد ونقمة علينا ،فقال يمكن أن نعلن أنا استأجرنا ذلك ،فقالوا له ولكن من يصدق أن هناك طائرات حربية للإيجار ،فصرف النظر.ص231.وهذا يتفق مع وجود دور بريطاني في انقلاب 55م .لأن طلب الطائرات يعني أن هناك ضوءاً أخضر من الإنجليز لسيف الإسلام عبد الله للقيام بانقلابه !
جنود حاشد وبكيل :
ما يلفت النظر أن جنود القبائل الشمالية كانوا يأخذون الرشوة من المساجين “الأحرار” في سجون حجة أو غيرها من السجون ،بل إن بعضهم التحق بثورة 26سبتمبر ،وسجل اسمه من المناضلين ! فالارياني يذكر أن قائد الحرس الملكي النقيب علي بن علي الجائفي كان يماطل حين يجيئه أمر من الإمام بفك قيود الارياني ،ولا يقوم بإزالتها إلاّ بعد أن يأخذ مالاً مقابل ذلك ،وكذلك فعل الحاشدي مسئول سجن نافع ،وغيرهم من الجنود والنقباء ،فهو سلوك مستمر حتى يومنا هذا في الجيش والأمن ،ولم يعد سلوكا يخص الجنود والنقباء من حاشد وبكيل!
عن رباطة جأش الثلايا :
يصف الارياني رباطة جأش الثلايا وشجاعته حين تم اعتقاله وإيداعه السجن ،وكيف رد على “أحد عبيد الإمام يوبخه فنهض ينازله وهو بقيوده ويقول له اسكت يا كلب ،مع سيدك سيف ونحن في انتظاره ولكني لا أريد أن اسمع توبيخاً من كلب مثلك .وانصرف العبد ولم ينبس بكلمة واحدة ص232،وهذه الرواية توحي بعنصرية لدى الثلايا في مواجهة أحد عبيد القصر ،لأن موقف الثلايا حين تم اعتقاله في قرية «اللوازم»وكيف بكى واستعطفهم كي يطلقوا سراحه ،وأعطاهم سلاحه ،والذهب الذي بحوزته ،ومع ذلك قاموا بتسليمه إلى الإمام أحمد !
يذكر الارياني مشهد إعدام الثلايا ،فيقول “خطب الإمام في الجيش قبل تنفيذ الإعدام معدداً إنعاماته على المقدم الثلايا وكيف أنه غرر بالجيش ،وأثار فتنة في البلاد ،ثم قال لهم أترون هذا حقيقياً بالحكم عليه بالإعدام ،فقالوا نعم ..نعم ،وفي المقدمة الجيش الثائر ،وكان أراد أن يسبر غورهم وهل سيقول قائلهم لقد أخطأ المقدم ولكن عفو الإمام أعظم ليغير حكمه عليه ،ولكن الإيجاب كان جواب سؤاله فأمر بإعدامه ص223.وهنا نجد أن المقولة المختلقة التي قيلت على لسان المقدم أحمد الثلايا “لعن الله شعباً أردت له الحياة ،فأراد لي الموت «هي اختلاق من اختلاقات ما بعد ثورة سبتمبر» !
مداهنة الشيخ البيحاني للإنجليز :
لقد كانت مواقف الشيخ محمد سالم البيحاني من الاستعمار البريطاني بحسب وصف الارياني في رسالة وجهها له عام 1958م حين “أذيع من لندن نبأ قبول أمير بيحان وسلاطين الجنوب لمشروع الاتحاد الفيدرالي وإقامة دولة الجنوب العربي ص311.حينها كان الإنجليز قد استصدروا فتوى من الشيخ البيحاني “تفيد الفت في عضد المجاهدين ضد الاستعمار ،وتجريد من يقوم منهم بإلقاء القنابل على المستعمرين من دينهم وعروبتهم ص313،مما جعل القاضي الارياني يرسل إليه برسالة لعله يرجع عن فتواه ،جاء فيها “وكان ضمن الأسماء التي دار حولها الحديث اسم فضيلتكم ،وقلنا إن وجودكم في هذا العصر وفي عدن بالذات نعمة كبرى حفظ الله بها للدين هذا البلد المستعمر كيانه ،وكدنا نتفق على ذلك لولا أن صوتاً قد ارتفع يقول :إني أقدر الشيخ البيحاني واحترم علمه والجهود التي بذل فيها جهده في سبيل الإصلاح ،لولا أنه يهادن المستعمرين ويلاينهم وربما سايرهم أو على الأقل أن يضعف أمام ضغطهم “314ص.ويلاحظ أن الارياني من باب أدب النصح قد أورد تلك المآخذ على لسان آخر مجهول ،حين قال “وكدنا نتفق على ذلك لولا أن صوتاً قد ارتفع يقول ...الخ” ويواصل الإرياني رسالته الموجهة للبيحاني ،فيرد فيها “إننا سمعنا على لسان شيخان الحبشي من إذاعة صوت العرب أن مؤتمرا عقد في الجنوب وأن المؤتمرين (قد استطاعوا أن يستصدروا منكم فتوى بتجريد القائمين بإلقاء القنابل على المستعمرين من دينهم وعروبتهم وأنكم قلتم إن عدن بلد مسلم لا يجوز فيه أحداث أي شيء من الإرهاب ،وطالبتم الحكومة بأن تحضر إليكم هؤلاء الإرهابيين لتبصقوا عليهم”ص 314.
عودة الإمام أحمد من إيطاليا:
حين عاد الإمام أحمد من إيطاليا بعد تمرد أمراء من الجيش في صنعاء وتعز ،ودخل مشايخ حاشد وبكيل إلى صنعاء ،عام 1959م خطب في الحديدة خطبته المشهورة ،والتي توعد فيها من تسول له نفسه انتزاع الأمر من أهله بالقتل مختتماً خطبته قائلا “هذا الفرس وهذا الميدان ،ومن كذب جرب”، مما جعل مشائخ حاشد وبكيل ،وفيهم الشيخ حسين الأحمر ،وابنه حميد الأحمر ،وسنان أبو لحوم وغيرهم من المشائخ ،يفرون من صنعاء في ليلة واحدة ،حتى أن “كبارهم الذين كانوا بجانب البدر لم يخرجوا من أبواب صنعاء وإنما تسلقوا أسوارها وفروا هاربين .وشعر الفارون بالهوان الذي أوقعهم فيه فرارهم من صنعاء لمجرد سماع صوت أحمد ،وعاد بعض المشايخ إلى صنعاء وعقدوا مؤتمراً سرياً حضره القاضي عبد السلام صبره والقاضي عبد الله محمد الإرياني والشيخ حميد بن حسين الأحمر والنقيب سنان أبو لحوم والنقيب عبد اللطيف بن قايد ومن الضباط عبد الله السلال وعبد الله الضبي وحمود الجائفي ،وقرروا وضع خطتين إحداهما ترمي إلى اغتيال الإمام أحمد في السخنة ،وانتدبوا لذلك الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والنقيب علي أبو لحوم وأخاه محمد والنقيب عبد الولي القيري والشيخ علي ناصر طريق وجار الله القردعي والأستاذ سعيد إبليس ،وكان هذا أكثرهم إخلاصاً وجدية ووعياً ،والثانية أن يعملوا على التفاهم بين رجالات حاشد وبكيل لجمع كلمتهم ص348،لكن الإمام أحمد عرف بالخطتين ،فالأولى افتضحت قبل أن ينفذها سعيد إبليس ،فمن ذهب إليهم ليساعدوه بتنفيذ الخطة قاموا بتبليغ الإمام ،ومن ثم اعتقاله ،والثانية “بإرسال الجيوش إلى حاشد وخولان والجوف وبرط وغيرها ص348.ويرى الارياني أن الإمام أحمد قد اعتقل الشيخ حسين الأحمر وابنه حميد بالحيلة ،والصحيح هو أنه استدعاهما إلى السخنة ،وقد جاءا إلى تعز ،وأرادا اقتراض “الف وخمسمائة ريال” تكاليف الرحلة لهم ولأتباعهم من المناضل عبد الغني مطهر ،وقد عرضوا عليه بنادقهم رهنا ،لكنه نصحهم بعدم الذهاب لأن المصريين أخبروه بأن الإمام ينوي قتلهم ،وأعطاهم المبلغ منه هبة وليس قرضا ،لكنهم لا يستطيعون رفض أوامر الإمام أحمد فذهبوا لقدرهم .
وفي السخنة تم اعتقالهم ثم إعدامهم والنقيب عبد اللطيف بن قايد الخولاني .
الميثاق المقدس :
من خلال الاطلاع على نصوص ما سمي ب«الميثاق الوطني المقدس لثورة عام 1367ه - 1948م» سنجد أن الميثاق كان يعد حالة متقدمة نظريا ،من حيث الرغبة في نقل اليمن إلى مصاف الدول الدستورية ،ولذلك سنجد المادة السابعة قد نصت على أن يتم تمثيل المدن في مجلس الشورى ،بما لا يقل عن الثلثين ،وأن يكون هناك تمثيل للقبائل والقضوات والمهاجرين ،وهو بهذه المادة أراد أن يجعل القرار والحكم بعيداً عن العصبويات القبلية والقروية ،إلاّ أن هذا الطموح لم ينعكس على تشكيل مجلس الوزراء ،والشورى وكبار موظفي الدولة ،حيث كانت الغالبية في هذه المجالس للقوى التي قامت بهذه الحركة ،أي أن الغالبية للسادة ثم في مرتبة أقل القضاة والمشائخ ،ولا يوجد تمثيل لمن هم خارج هذه الشرائح ،إلاّ وزارة المالية للحاج الخادم بن احمد غالب الوجيه ،وأحمد البراق كمدير لمكتب رئيس الوزراء ،ومع ذلك فالقاضي عبد الرحمن الإرياني كونه ينتمي لشريحة القضاة يراها ثورة مقارنة بالظروف الموضوعية “فإن الالتزام بمثل هذا المقياس يجعل الهوية الثورية لذلك الحدث أكثر وضوحاً على ضوء الظروف القائمة حينها ص466. وبحسب رأيه عن مفهوم الثورة نشره ضمن مقابلة أجرتها معه مجلة الحكمة في عام 1973م
معاملة المملكة السعودية لليمنيين :
حين تولى القاضي الإرياني إمارة الحج عام 1960م ،وجد المملكة قد وضعت ضريبة على الحجاج اليمنيين ،وأنه قد تم احتجاز الحجاج على طريق نجران ،فقام الإرياني بعمل برقية للملك سعود وأخرى لولي العهد رئيس الوزراء الأمير فيصل ،واعتبر ذلك صدا عن بيت الله الحرام ،وكان رد الملك سعود أن أمر الجهات المختصة بتسهيل سفر الحجاج وإعفائهم من الضريبة ،إلاّ أن الأمير فيصل حسب شهادة الارياني كان مع التضييق على الحجاج والعمال اليمنيين ،على عكس الملك سعود الذي كان متعاطفاً معهم .فقد كان الكثير من اليمنيين الذين يعملون في المملكة السعودية ،وكان عدد كبير منهم في السجون ،يقدر بثلاثة آلاف ،لأنهم «لا يحملون إقامة» ص351. وقد كانت الجالية اليمنية وقتها تقدر بنصف مليون .فقد أصدر الأمير فيصل “عدة قرارات ضد اليمنيين تضرر منها كثيرون بأموالهم وأعمالهم ،وكان الأمير فيصل متشددا ضدهم بينما الملك سعود بجانبهم ص352.يروي القاضي الإرياني ما يتعرض له الحجاج اليمنيون من سوء معاملة ،وتضييق ،فحين وصلت الباخرة “تعز” وعليها أكثر من الف حاج منع من فيها من النزول بحجة أن الباخرة في القائمة السوداء لتعاملها مع إسرائيل ،وأعادوها إلى خارج المياه الإقليمية ،تلفحهم الشمس ،ومنعوا من التزود بالماء والطعام ،واستمر القاضي عبد الرحمن الارياني ،يتواصل مع المعنيين في الحكومة السعودية فلم يتم السماح لهم بالنزول إلاّ بعد أن أمر بذلك الأمير فيصل وكذلك الشأن مع الباخرة” ظفار” إضافة إلى ما يتعرض له اليمنيون بسبب الإقامة من سجن ،وابتزاز واضطهاد ومضايقات .لقد كان تواصل القاضي الارياني مع الأمير فيصل ،فرصة لمعالجة ما يعاني منه اليمنيون ،فمن تغرير بالحجاج ، و أخذ أموالهم من خلال صاحب مكتب سفريات يدعى يوسف الناغي ،إلى شحن الحجاج اليمنيين في سفن ضيقة لا تتسع لخمسمائة حاج ،فيضعون فيها الفي حاج ،بسبب احتكار السعودية لعودة الحجاج بوكالات سعودية !إلى اختطاف يمنيين ويمنيات وبيعهم عبيداً وجواري في السعودية برضى الملك سعود والأمير فيصل ،واستمرار المشكلة التي حاول القاضي الارياني في حجه الثاني عام 1961م أن يعالجها ،وقد رفع الارياني باعتباره أميرا للحج برقية للملك سعود بخصوص استرقاق اليمنيين قال فيها “إن جلالتكم تعرفون أن الشعب اليمني شعب عربي مسلم حر أبي وأنه لم يعد يوجد رق في الدنيا كلها وإن وجود ذلك يشوه سمعة المملكة ويعتبر صفحة سوداء وأنتم تعرفون أنهم أحرار وبأي ملة تستباح فروج الحرائر دون عقد شرعي ص379.
الأمير فيصل وموقفه من التغيير في اليمن:
حاول القاضي الارياني أن يجس نبض الملك سعود بخصوص الأحوال في اليمن والتغيير ،مستغلاً المشكلة التي حدثت بين الإمام أحمد والملك سعود ،بسبب توغل السعودية داخل الحدود اليمنية بمائتي كيلو متر في الربع الخالي ،إلاّ أنه وجد الملك سعود يقف بحزم ضد التغيير ،فغير حديثه إلى ضرورة التوفيق بين الأسرة الحاكمة ،البدر والحسين حتى لا تقع اليمن في أسر الاستعمار .فقال له الملك سعود “أنا أعرف أنكم تخشون أن يميل إخواننا الشوافع إلى الدولة الجديدة بحكم أنها دولة شافعية مثلهم وأنا أطمئنك بأن إخواننا الشوافع في اليمن أصدقاء لنا و لا يقدمون على شيء إلاّ بعد استشارتنا ومؤاذنتنا ص382.وهذا يعني أن أصدقاء المملكة السعودية ليسوا فقط من مشايخ الشمال وإنما من مشايخ اليمن الأسفل ،وأن الصلات قديمة وتسبق ثورة سبتمبر !وبسبب عفوية الملك سعود هذه فقد اتضح للارياني” ضحالة تفكير الرجل ،وعرفت أن قلبه على طرف لسانه “وخطر له المثل العربي القائل “بلهاء تدلني على سرها ص382.وأما بالنسبة لقيام دولة اتحاد الجنوب العربي وموقف السعودية منها فيقول الارياني “بدا لي أن الملك راضٍ عن قيام هذه الدولة ومرتاح لها ص382.
لكن مقابلة الارياني مع الأمير فيصل ،عام 1960 حين كان أميرا للحج –وطرحه لأحوال اليمن ،بعد أن انتهى من شعائر الحج-قائلاً: وانتقلت إلى شرح سوء الأوضاع في اليمن وما ينتظر هذا البلد من تغييرات ،وما ينتظر من المملكة من الوقوف الموقف الذي يوجبه الدين والجوار .وفهم مرادي وقال المملكة مع اليمن ويهمها أمرها ونحن ننصح أن يعمل المخلصون لسيف الإسلام الحسن ،وأما البدر فهو مصري شيوعي ونحن نخاف على اليمن من اشتراكية مصر التي نعتبرها لا تختلف عن الشيوعية فكلاهما حرب على الدين ونخشى من الاتحاد المعقود مع مصر “وحين أوضح له الارياني أن الشعب اليمني يرفض الوقوف مع أي من أفراد الأسرة المالكة ،أجابه الأمير فيصل “إذا فاختاروا من ترونه من غيرهم ،ولكم علينا المساندة ،ولنا شرط واحد وهو أن لا تعلنوا الجمهورية ،فإذا أعلنتموها فإنني أقول لك من الآن بأنا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنحارب حتى النهاية ص368 369.وقد عمل القاضي عبد الرحمن الارياني بنصيحة القاضي محمد عبد الله الارياني حين قال له “إذا خطر لكم أن تتحدثوا مع المسئولين في السعودية عن أحوال اليمن فلا تتكلموا مع غير فيصل فإنه رصين ،وإذا لم يوافقكم على رأيكم فلن ينمّ بكم ص368.وهو الذي جعل القاضي عبد الرحمن يتطرق للموضوع بكل ثقة ،رغم ما عرف به القاضي من حذر ،ومع ذلك فقد حاول أن يجس نبض الملك سعود ،إلاّ أن سعود كان أسرع في طرح وجهة نظره بشكل قاطع .وهكذا نرى أن موقف الأمير فيصل ،هو أن السعودية حاسمة في رفضها للنظام الجمهوري ،وأنها في نفس الوقت كانت ضد إمامة ولي العهد محمد البدر بسبب قربه من مصر عبد الناصر ،ويصفه بالشيوعي ،والأمير الأحمر !
الإرياني ورفضه لتكفير عبد الناصر: يذكر الارياني حرص السعودية على تكفير جمال عبد الناصر والاشتراكية في مصر ،وأنهم عقدوا اجتماعاً لرابطة العالم الإسلامي في مايو 1962م بغرض إصدار فتوى التكفير ،وحين ذهب إلى مكة بعد أداء فريضة الحج ،تحدث مع الدكتور سعيد رمضان “وهو من كبار ومشاهير علماء الإخوان المسلمين الذي قضى عليهم عبد الناصر في مصر أنا أحاول برغم علمي بعدائه لعبد الناصر ،أن لا ينزلق العلماء إلى الهاوية التي يريدها لهم النجديون ،وطرحت الموضوع ،فقال إسمع مني إني لا أتحرج من تكفير عبد الناصر ،وعندي أن من قتل عبد القادر عودة ومحمد فرغلي وإخوانهم لا يمكن أن يكون مؤمنا ،ولكن سنربأ بأنفسنا عن أن نكون آلة بيد الحكام يستغلوننا سياسيا “ص419.ثم يذكر الارياني إقرار أبو الأعلى المودودي للاشتراكية ،كعدالة اجتماعية ،في ورقة وزعت على المشاركين في اجتماع رابطة العلماء ،إلاّ أن علماء نجد قاموا بسحبها من الحاضرين ،وطلبوا منه سحبها بنفسه ،فرفض ،وقال لهم يمكنكم أن تسحبوها أنتم .ص419.
*مذكرات الرئيس القاضي عبد الرحمن بن يحيى الإرياني –الجزء الأول 1910 1962-م-الطبعة الأولى –مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب-2013م،و يقع الجزء الأول منه في 591 صفحة من القطع الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.