فجّر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الحملة الانتخابية رسميا للانتخابات النيابية المقبلة من عدن بينما انفجرت أحزاب المعارضة من أمام مجلس النواب (البرلمان)، في ظل التوجه الرسمي نحو صناديق الاقتراع ولو بدون منافسة انتخابية مع المعارضة. الرئيس صالح فاجأ الجميع بإعلان تدشين الحملة الانتخابية لحزبه الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، من عدن، رغم أن الوقت لا زال باكرا لإجراء الانتخابات النيابية في البلاد المقرر إجراؤها في 27 نيسان (إبريل) القادم.
وقال صالح أمام تجمع جماهيري كبير لأعضاء وأنصار حزبه في عدن « من هنا من عدن ندشن الحملة الانتخابية مثلما دشنا من هنا الكثير من الفعاليات الهامة والتحولات في تاريخ الشعب اليمني العظيم » .
« وفي الوقت الذي يقود فيه صالح اليمن لأكثر من 32 سنة، اتهم قيادات المعارضة بالشيخوخة وقال إنها قيادات (شاخت) ودعا الناخبين اليمنيين إلى الابتعاد عن (المكايدة) و(المكابرة) و(التمترس العقيم) » وراء بعض قيادات شاخت ولم تعد تعطي لهذا الوطن شيئاً إلا بضاعة الكلام « . متهما قيادات الأحزاب المعارضة بأنها » باعة ومشترون في الكلام.
« وهدد صالح بفتح ملفات الماضي للحزب الاشتراكي اليمني، وهو الحزب الذي كان حاكما في جنوب اليمن قبل قيام الوحدة عام 1990، غير أن صالح استدرك الأمر وقال » لا نحب فتح الملفات الدسمة (للاشتراكي)... فلا داعي لنبش بيوت الدبابير وفتح الملفات فلنتجه نحو التصالح والتسامح والمصارحة ولندع الماضي فهو بكل المقاييس سيئ.
وجاء هذا الخطاب الرئاسي اليمني متزامنا مع اعتقال السلطة للقيادي الاشتراكي البارز محمد غالب أحمد في صنعاء، بتهمة تمويل عناصر الحراك الجنوبي لتعكير أجواء بطولة خليجي عشرين المنعقدة نهاية الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري بعدن، غير أن المعارضة اليمنية قالت انها (تهمة كيدية) وفبركة سياسية لإشغال المعارضة عن معركتها الانتخابية ووصفتها ب(السخيفة). « وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية أنها ستقوم بإخضاع قيادات تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض » للمساءلة القانونية في حال « ثبت أنها دعمت قوى الحراك الجنوبي، وذلك بعد ساعات فقط من اعتقال القيادي الاشتراكي محمد غالب احمد، بناء على هذه التهمة التي قالت ان تكتل أحزاب المشترك المعارضة دعم الحراك الجنوبي بمبلغ 10 ملايين ريال (حوالي 47 ألف دولار) عن طريق محمد غالب أحمد.
وذكرت المصادر أن نيابة أمن الدولة المتخصصة بقضايا الارهاب مددت اعتقال القيادي الاشتراكي محمد غالب أحمد لمدة سبعة أيام على ذمة التحقيق. وكانت وزارة الداخلية اليمنية اعتمدت في اتهاماتها للقيادي الاشتراكي على أقوال أدلى بها العنصر البارز في الحراك الجنوبي العقيد المتقاعد طاهر طمّاح وهو الذي أعلن مسؤوليته عن اختطاف ضباط وجنود في الجيش خلال الفترة الماضية.
الحزب الاشتراكي اليمني استنكر بشدة اعتقال عضو مكتبه السياسي، رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالحزب عملية سجنه في سجن المباحث الجنائية بصنعاء بين مرتكبي الجرائم. » واعتبر مصدر مسؤول في الحزب اعتقال غالب وإحالته إلى النيابة العامة « جريمة وعملا خطيرا قد يصعّد من أعمال التوتر في البلاد. » في غضون ذلك اضطرت الكتل البرلمانية لأحزاب المعارضة والمستقلين في مجلس النواب إلى الاعتصام في الشارع أمام مجلس النواب بصنعاء بعد اعتصامها لأكثر من أسبوع داخل المجلس النيابي، احتجاجا على إجراءات السلطة حيال العملية الانتخابية، التي اعتبرتها المعارضة « إجراءات غير دستورية، ومخالفة لكل الاتفاقات المبرمة معها لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد. الكتل البرلمانية لأحزاب المعارضة اعتبرت الإجراءات التي اتخذتها السلطة مؤخرا بشأن إقرار تعديلات قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من قضاة موالين للسلطة بدون أي اعتبار للمعارضة والرمي بمطالبهم عرض الحائط مخالفة لكل قيم الديمقراطية ومبادئها. وكانت المعارضة طالبت خلال السنوات الماضية بتسوية الملعب الانتخابي قانونيا وإجرائيا لكي تضمن إجراء الانتخابات النيابية القادمة بالحدود الممكنة من النزاهة والمصداقية وتضمن لجميع الأطراف حقوقهم في ذلك، في ظل شعور السلطة بأن المعارضة تستمر في ابتزازها سياسيا من أجل عرقلة الانتخابات وبالتالي قررت إجراء الانتخابات ولو بدون معارضة.
ويرى مراقبون يمنيون أن الوضع السياسي في اليمن يتجه نحو التأزم بشكل كبير مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، في ظل تمترس كل من السلطة والمعارضة بمواقفه التي يرفض التنازل عنها وفي ظل صعوبة الوصول إلى نقاط التقاء بينهما، منذ ثلاثة أعوام تقريبا، والتي كانت تسببت في تأجيل هذه الانتخابات لمدة عامين تنتهي في نيسان (إبريل) المقبل وغير قابلة للتجديد وفقا للدستور اليمني.