أعادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حكومتها إلى دائرة الحرج القانوني والأخلاقي المتصل بتبرير عمليات القتل المتعمد لأهداف بشرية عن طريق الطائرات بدون طيار من خلال تبنيها لدعوى قانونية ضد وزارة العدل التي تتهمها الصحيفة بالمخالفة الصريحة الواضحة للقانون " قانون حرية المعلومات" إثر امتناع الوزارة عن نشر معلومات، تتعلق بالأسئلة الدائرة حول شرعية عمليات القتل المستهدف للأشخاص، تحديدا إذا كان الهدف مواطنين أمريكيين.كرجل الدين الأمريكي، اليمني الأصل، أنور العولقي،الذي تتمحور القضية حول واقعة مقتله في عملية نفذتها طائرة أمريكية غير مأهولة داخل الأراضي اليمنية بسبتمبر/أيلول الماضي. حيث اعتبرت الولاياتالمتحدة العولقي إرهابيا يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي الداخلي، كما صنفته الاستخبارات الغربية كقيادي بارز في "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، الذراع الأكثر نشاطاً للتنظيم. ورغم الضربة الموجعة التي وجهت للقاعدة بتصفية العولقي أعاد مقتله فتح الجدل حول المأزق القانوني والأخلاقي لحكومة تتعمد قتل أحد مواطنيها. ووفقا لموقع شبكة CNN الأمريكية الاخبارية فقد جاء في وثائق الدعوى، التي أقيمت الثلاثاء: "بالنظر للأسئلة المحيطة بمشروعية الممارسة في إطار كل من القانون الأمريكي والدولي، فقد دعا علماء القانون البارزون ونشطاء حقوق الإنسان، ومسؤولون حكوميون - حاليون وسابقون، الحكومة إلى الكشف عن تحليلها القانوني لتبرير استخدام القوة المميتة المستهدفة، وخصوصا على مواطنين أميركيين." وقال ديفيد ماكراو، مساعد مستشار "نيويورك تايمز": "لسنا مهتمين بتفاصيل حساسة.. الأمر برمته يتعلق بحجج قانونية صيغت داخل وزارة العدل والحكومة استخدمت لتبرير قانونية القتل." واستندت الدعوى إلى تقارير منشورة في مجلة "نيوزويك" وصحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" تشير إلى مذكرة قانونية، واحدة على الأقل، تحوي تفاصيل "التحليل القانوني المُبرر لاستخدام الحكومة اللقتل المستهدف." وفي يونيو/حزيران 2010، تقدمت "نيويورك تايمز" وبموجب قانون "حرية المعلومات" بطلب للحصول على المذكرة، وتقول وثائق الدعوى، إن وزارة العدل رفضت، حتى اللحظة، نشر أي من تفاصيل المذكرة المعنية. وفتحت قضية مقتل العولقي، الباب من جديد على النقاشات حول شرعية غارات الطائرات العاملة من دون طيار والعمليات التي تستهدف قيادات التنظيمات المسلحة، خاصة وأن القتيل أمريكي الجنسية. وأودت تلك الهجمات الجوية بحياة كل من نجل العولقي، وسمير خان، الخبير التقني للقاعدة. ويشار إلى أن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية قام، في وقت سابق، بطلب الحصول على توضيحات قانونية حول مقتل الأمريكيين الثلاثة. وطلب الاتحاد رفع السرية عن مذكرة إدارية يعتقد أنها صدرت العام الماضي من وزارة العدل، تتيح قتل العولقي، رغم أنه مواطن أمريكي يفترض أن يتمتع بحقوق قانونية ودستورية تحول دون تعرضه للقتل من قبل السلطات بهذه الطريقة. وفي هذا الإطار، كتب جاك غولدسميث، الذي كان مستشاراً قانونياً لوزارة الدفاع في حقبة الرئيس السابق جورج بوش، قائلاً إن نشر التبريرات القانونية لقتل أنور العولقي (أو سواه من الموجودين على قوائم القتل) سيخلق المزيد من المشاكل لأنه سيتيح للقانونيين والصحفيين والنواب انتقاد مرتكزاتها والتشكيك بها. وأضاف غولدسميث، في مقال كتبه على مدونته الشخصية: "كشف التبريرات القانونية سيتيح معرفة ما إذا كانت الحكومة (الأمريكية) تعتقد بأن للعولقي حق الاستفادة من التعديلات الدستورية الأولى والرابعة والخامسة، كما سيدل على الأسباب التي دفعتها إلى عدم إتاحة تطبيق هذه الحقوق عند استهدافه بضربة جوية." يذكر أن اتحاد الحريات المدنية الأمريكي كان قد رفع دعوى قضائية بالاشتراك مع مركز الحقوق الدستورية الأمريكي ضد السلطة الأمريكية بدعوى "القتل المستهدف" للمواطنين الأمريكيين البعيدين عن مناطق النزاع المسلح. واتهمت الجماعتان في دعواهما التي نشرت على موقع اتحاد الحريات المدنية على الإنترنت في التاسع عشر من يوليو/تموز الماضي، السلطات الأمريكية الممثلة بإدارة أوباما بتجاوز ما تسمح به القوانين الدستورية والدولية. وأشارا إلى أن القوانين الأمريكية والدولية تحظر القتل المستهدف خارج مناطق النزاع المسلح، إلا إذا كانت الملاذ الأخير لحماية ضد "التهديدات المباشرة والأكيدة والمحددة بالقتل أو الإصابة البالغة.