بدأت تونس تعيش نذر أزمة سياسية حادة مفتوحة أو مرشحة لكل التطورات والسيناريوهات، وذلك على خلفية الأحداث التي عرفها شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس يوم الاثنين، والتي منعت فيها قوات الأمن وبالقوة خروج تظاهرات من شارع بورقيبة. وتتهم أحزاب المعارضة وزير الداخلية علي العريض المنتمي لحزب النهضة الإسلامي الحاكم، باستعمال القوة المفرطة تجاه المتظاهرين في أحداث الثلاثاء، وبوجود "ميليشيات نهضوية" شاركت في الاعتداء على المتظاهرين. وهو ما كذبته حركة النهضة وكذلك وزارة الداخلية والنقابات الأمنية. وفي تصريح ل"العربية.نت" قال راشد الغنوشي رداً على اتهامات المعارضة "ليست لنا ميلشيات" وحذر أيضا مما أسماه "خطورة الابتعاد بالصراع والتنافس السياسي إلى المعارك الإيديولوجية التي من شأنها أن تعمق حالة الاستقطاب وتقسم المجتمع التونسي". كما نبه الى "خطورة التسرع بتلفيق الاتهامات دون أدلة وبراهين". وأضاف رئيس حزب النهضة أن تونس اليوم ليست مهددة بعودة الدكتاتورية، بل هي مهددة بإمكانية تعطيل المسار الانتقالي وفترة التحول نحو الديمقراطية. ودافع عن الحكومة مشيرا الى أن إسقاطها مجرد أضغاث أحلام. وفي مقابلة مع "العربية.نت"، دعا القيادي في حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) عادل الشاوش الى "ضرورة الإسراع بفتح حوار وطني شامل، والعمل على تكريس روح الوفاق وتغليب المصلحة الوطنية على الصراعات الحزبية". وأوضح أن "هناك ضعفا في أداء النخبة السياسية الحالية، وأن الساحة السياسية في حاجة الى بناء حزب وسطي من شأنه أن يحدث التوازن مع التيار الإسلامي". ورأى الشاوش أن الباجي قائد السبسي الوزير الأول السابق أكثر الشخصيات السياسية القادرة على توحيد المعارضة التونسية، نظرا لخبرته السياسية ولقدرته على تجميع كل الفرقاء إضافة الى استناده الى تراث سياسي قريب من وجدان التونسيين، ويعني هنا التراث البورقيبي. من جهته شبه المحلل السياسي سفيان بن فرحات في تصريح ل"العربية.نت" المشهد السياسي التونسي الحالي، بتلك الصورة التي عبر عنها الشاعر أبو العلا المعري، في وصفه لتنامي الصراعات في عهده. إذ قال: "في اللاذقية فتنة ما بين أحمد والمسيح. هذا بناقوس يدق وذا بمأذنة يصيح... يا ليت شعري ما الصحيح". وتابع قائلاً: "من خلال تتبع ما يكتب في الصحافة أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية، أو في الندوات ومنابر الحوار وحتى في الفضاءات العمومية نلاحظ وجود كل مظاهر "الفتنة". من خلال "تمترس" كل فريق وراء موقفه وزمرته. وما يعني ذلك من إلغاء أو تكفير للآخر المخالف". فمثلما توحد التونسيون لإسقاط الرئيس السابق بن علي. فإنهم اختلفوا حتى "التناحر" بعد 14 يناير وانتخابات 23 أكتوبر. إذ برزت الخلافات السياسية، وانقسم المجتمع الى فريقين، الأول يقدم نفسه على أنه إسلامي ومدافع عن الهوية. في حين يتقدم الفريق الثاني كممثل وناطق رسمي باسم الحداثة ومدافع عما تحقق من مكاسب تقدمية. في تضارب لا يعبر إطلاقا عن روح الثورة التونسية. التي انطلقت من الأطراف أي من الوسط الريفي رافعة شعار الحق في الشغل والكرامة.