أقر مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي، عقده أمس الأول، برئاسة محمد سالم باسندوة، بقاء المجلس في حالة انعقاد دائم، لمناقشة ما سماه "مجمل القضايا والمشكلات الراهنة التي تواجه الوطن وأبناءه، والعمل على معالجتها". وقال المجلس إن الحكومة ستقوم بواجبها ومسؤوليتها في تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية التي تضمنها خطابه، وإنها ستباشر في وضع الإجراءات التنفيذية والعملية لتطبيقها على أرض الواقع. وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي، ألقى خطاباً، الأربعاء، بمناسبة الذكرى ال24 لتحقيق الوحدة اليمنية، قال فيه إنه سيتخذ إجراءات "قاسية وصعبة" لوقف التدهور الاقتصادي، في ما يشير بوضوح إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وإقرار جرعة سعرية جديدة. وشكل مجلس الوزراء لجنة وزارية مكونة من وزراء الدفاع، التخطيط، المالية، الكهرباء، النفط، الصناعة، الخدمة المدنية، والداخلية، ومحافظ البنك المركزي، تتولى وضع المعالجات العاجلة والكفيلة بمواجهة الاختلالات الأمنية، وإيجاد الحلول للتحديات الاقتصادية، وذلك في ضوء المقترحات المقدمة في اجتماع أمس الأول، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الحكومة "سبأ". وكرس المجلس اجتماعه، لمناقشة معالجة مشكلة شحة المشتقات النفطية، والأوضاع الأمنية وتحدياتها، بما في ذلك الأعمال التخريبية الممنهجة التي تطال أنابيب نقل النفط وخطوط وأبراج الكهرباء. ومن المتوقع أن يتخذ المجلس حزمة إجراءات اقتصادية تتضمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، مما سينتج عنه جرعة سعرية جديدة. وتحدث هادي في خطابه، عن أن "الموازنة العامة للدولة تواجه عجزاً في الموارد المالية، وجزءاً كبيراً من هذه الموارد يذهب في دعم المشتقات النفطية، وهذا العجز في الموازنة ناتج عن عدة عوامل؛ أهمها الاعتداءات المتكررة على خطوط أنابيب النفط، التي أدت إلى انخفاض كمية الصادرات النفطية". ومن شأن الجرعة السعرية على المشتقات النفطية أن تلقي بظلالها على أسعار السلع الأخرى. وساد التردد على توجه الحكومة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، منذ أعلن وزير المالية صخر الوجيه، عن الجرعة، في جلسة البرلمان المنعقدة في 1 أبريل الماضي، أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية "خيار لا بد منه" لتغطية عجز الموازنة الحكومية. وأثار هذا الإعلان استياءً شعبياً عارماً، وبدأت بعده بأيام أزمة خانقة في المشتقات النفطية، ما زالت مستمرة إلى اليوم، غير أن الحكومة لم تصدر قراراً رسمياً بزيادة سعر المشتقات النفطية للمستهلك المحلي. وبعد أن ألقى الرئيس هادي خطاب الأربعاء، بمناسبة عيد الوحدة ال24، وجدت الحكومة مبرراً لتنفيذ القرار، وأعلنت أن مجلس الوزراء سيظل في حالة انعقاد دائم، وأن "الحكومة ستقوم بواجبها ومسؤوليتها في تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية التي تضمنها هذا الخطاب الهام، وستباشر في وضع الإجراءات التنفيذية والعملية لتطبيقها على أرض الواقع". وقد يتخذ المجلس مجموعة قرارات تتعلق بالإصلاح الاقتصادي، والإجراءات التي تحدث عنها هادي في خطابه، ومن بينها استكمال نظام البصمة والصورة في الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية، بهدف إنهاء الازدواج الوظيفي، وإلغاء الأسماء الوهمية، وزيادة الربط المقرر هذا العام على الإيرادات الجمركية والضريبية، وتحسين مستوى كفاءة التحصيل، والحد من التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، كما أشار هادي في خطابه الذي قال فيه أيضا: "إن الجهاز التنفيذي لاستيعاب أموال المانحين سيبدأ في العمل الجاد بقيادته الجديدة، بعد أن استكمل بنيته الإدارية". وذكر هادي في خطابه بعض أسباب التدهور الاقتصادي، مشيراً إلى أن "الأعمال الإرهابية" تسببت في هروب الاستثمارات الخارجية، وفي توقف قطاع السياحة، وفي عزوف أصحاب رؤوس الأموال المحلية عن التوسع في أنشطتهم الاستثمارية. وكانت أنباء تحدثت عن تعرض الحكومة اليمنية لضغوط دولية، لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، إلا أن مدير البنك الدولي، وائل زقوت، صرح مؤخراً أن "البنك الدولي لا يشترط على اليمن تطبيق إصلاحات سعرية لتوفير الدعم له، أو تقديم المنح". وأضاف أن موقف البنك في هذا الصدد "كان وما زال واضحاً"، وأن "مسألة رفع الدعم هو خيار متروك تماماً للحكومة، وسيواصل البنك الدولي دعمه للشعب اليمني بصورة مستقلة عن ذلك". وقدم زقوت في مقال له منشور في موقع البنك الدولي بتاريخ 19 مايو الجاري، مجموعة مقترحاتٍ للحكومة اليمنية، من أجل تجاوز العجز، والإصلاح الاقتصادي، وقال إنها تحتاج إلى حزمة من الإصلاحات تشمل زيادة الإيرادات، وخفض النفقات. وأضاف زقوت: "تستطيع الحكومة زيادة الإيرادات من خلال حماية أنابيب النفط والغاز، وزيادة تحصيل الوعاء الضريبي (دون زيادة نسبة الضريبة). ويمكن خفض النفقات من خلال القضاء على الأسماء الوهمية في كشوفات الرواتب الحكومية، وكذلك الازدواج الوظيفي، وترشيد الإنفاق الحكومي، وخفض النفقات الضخمة لكبار المسؤولين في الحكومة، وإصلاح الدعم غير الهادف للديزل والبنزين". ولفت مدير البنك الدولي في اليمن، إلى أنه يتوجب على الحكومة وضع آلية لمساعدة الفقراء الذين سيتأثرون نتيجة إصلاح دعم أسعار المشتقات النفطية، وخاصة الفئات الأشد فقراً الذين يستفيدون من صندوق الرعاية الاجتماعية. ويرى مراقبون ومحللون اقتصاديون أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وما سيصحبه من رفع للأسعار، من شأنه أن يقود اليمن إلى الهاوية، وأن يرفع من معدلات الفقر، وأن يلحق أضراراً بالغةً بالفقراء.