تستحيل الكتابة بإدماء وريد الطعنات , يستحيل الفرح المُظلل بالياسمين والموشى بخارطة تبدو لنا على هيئة جُثمان يُشيع ضحاياه كُل يوم بانتظار الضحية القادمة . فبراير عيد للفراغ , لأحلام تندثر في لحظة وتصفو في لحظات أخرى , مُدن عابرة تحتضن كُل الحرائق , كل المحارق , كل ملائكة الرحمة , كُل دموع الناس وتساقط أحلامهم . هُنالك أشهر في الذاكرة تمنحنا فُرصة لقول ما نُريد , هُنالك أشهر أخرى بورصة الموت فيه أعلى من ارتفاع منسوب الحياة . ثورة صوتها يبدو اليوم مالح , رفاقها مُغيبون مع صقيع الشتاء , رياحهم تبدو لنا مقرونة بدمعة وحُرقة لا تضوي إلا وقد مُتنا معها ألف موته , ألف تغريبه , ألف موت جُثمان عابر ومرض ما يفتى إلا أن يُمارس هوايته في العبث على الجسد المريض . أبتسم للخجل , لساحات الميادين والقتال , لساحات الحرب والسلم , لساحات القلب التي تضيق كُل ما حاولت التنفس برئة مُتحررة من احتقان القبيلة , من حُب ملوث ب بياض الموت المُجرد من الأغنيات . من يؤثث اليوم للذاكرة مساءات أكثر قُدرة على الفرح من الحُزن , أكثر قُدرة على الاحتفال والضحك من البُكاء , أكثر قُدرة على التصالح من التقاتل مُقابل حب لا ينتهي تحت رغبة مال أو جاه أو قوة لا تعي حُلم الناس وقُدرتهم على صُنع كُل الانتصارات . للغد بقية هذا ما نستطيع أن نُوجزه في كُل فرحة تعترينا , في كُل ضحكة تتمدد على شفاه كأقل تعبير عن ازدواجية الفرح والخوف , الفجيعة والموت , وكي لا تختفي كُل ذلك في مواسم قادمة . قصة قصيرة لثورة اختزلت كُل الدموع , كُل المعاني , ولم نصحو بعد سنتين إلا على رثاء الجرحى , على رفاق الشُهداء على وطن يموت في كُل لحظة , ويحيا في مواسم الدم والفرح . حاضر أنت فبراير في قلوبنا , حاضرة فيك كُل المحارق التي اجتاحت مُدن تعز , صنعاء , أبين وكُل المدن العارية من صوت الحُرية , من صوت الحق الذي بات يُباع في مواسم عشقيه مُحدده . رُبما تكون أنت للثورة وطن , ورُبما تكون وطن لكل الثورات , أو رُبما تكون شهر دون كُل الشهور كي ننفخ فيك في عهدنا القادم كُل عُهرنا , كُل فراغنا , كُل جلادينا القادمين . سوف نُؤنثك , سوف نؤنبك , سوف تسيل لُعابنا على أدراجك المُستفاضه . لتكن ك سيد البيض الذي يأخذ شعبي وشعبك كما قالها درويش في يوما ما , ولتكن لنا عيدا للحُرية , فصحا للأخا , وميلادا مجيدا نحتفل بك مع كُل الشعوب . بقاياك هي بقاياي , صوتك الجهور مازال مُبعثر بين الساحات التي لم تعرف للانتصار طريق , للثورة منفذ للخلاص , للقانون وطن يحتويه . من يحتوينا كشعب يريد أن يعيش دُون احتمالات الهلاك ! من يعُد لنا أصابعنا دون احتراق ! مازلنا بعد مضي عامين على الثورة نحلم بدولة وقانون ونظام لي ولك وللأخر , للحاضر وللغائب . ومازلنا نُجلد كُل يوم كثمن ندفعه وضريبة نحملها برديف مخروق لا يتحمل إلا حالات التعب . لتظل كُل شُهور السنة خير وبركة وفرحة نأمل أن تؤسس لدولة تصالح خارج مُفترقات العُنف والنشل والقتل والفساد . ولتضل فبراير عيدنا الحاضر والغائب , ونتمنى أن تنتقل ملائكية هذا العُرس إلى المناطق الأكثر غورا في القلب والخاصرة , في الذاكرة والفراغ المُستدام . لتعش أيها الوطن المُتعب , أيها الشعب المُترجل من جُند القبيلة فمنا إليك وإليك منا كُل الشجن القادم وكُل الثورات الخالدة . عاشت ثوراتنا , وليتغمد الله شُهدائنا , وليجعل هذا الوطن مفتوح للفرح بين شماله وجنوبه.