عمالقة البريميرليغ وجها لوجه في ربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    راجح القدمي: ما يحدث في اختيارات الإعلاميين المرافقين لبعثات المنتخبات "أمر مؤسف"    النفط يتراجع ترقباً لمحادثات التجارة بين واشنطن وبكين    رفع الجاهزية الشعبية في السواحل الغربية    الرئيسان الأميركي والصيني يسعيان لاتفاق ينهي الحرب التجارية    إعصار ميليسا يخلف عشرات القتلى ودمارا غير مسبوق في الكاريبي    حضرموت.. ستنتصر بأهلها ولأهلها وللجنوب معا    أمن أبين يعلن القبض على أفراد نقطة تقطعت لمصري    المصائب تتوالى.. كريستال بالاس يطرد ليفربول من كأس الرابطة    مقتل 119 شخصا في أكبر عملية ضد تجار المخدرات في البرازيل    بريطانيا رفضت استقبال علي سالم البيض خشية قيادته المعارضة من أراضيها(وثيقة)    ضبط 397 جهاز اتصالات وإلكترونيات مهربة في ذمار    هل أخطأنا في الوجهة؟ (2)..متى أصبح ال "تيك توك" منبراً والمتنبي "مُتحفاً"؟    تصريح لميسي يثير ذعر الأرجنتينيين قبل مونديال 2026    العفو الدولية تطالب بتحقيق في ضربة أمريكية على سجن في اليمن    مليشيا الحوثي تصعّد القمع.. مئات المختطفين في إب وذمار وسط صمت دولي مريب    عدن.. البنك المركزي يحذر من التصرف بممتلكات وعقارات البنوك في صنعاء    إصلاح حضرموت يؤيد ميثاق قبائل حضرموت والمهرة ويثمّن موقفهم الوطني    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    الهيئة النسائية بأمانة العاصمة تدّشن فعاليات الذكرى السنوية للشهيد    تنفيذية انتقالي شبوة تبحث المستجدات السياسية والتنظيمية بالمحافظة    قراءة في نص "غصة ندم وجودية" ل"أحمد سيف حاشد"    اكتشاف اثري في ذمار ..!    لقاءات الرياض.. محاولات إنعاش في واقع يزداد اختناقاً    بمشاركة اليمن.. اتحاد كأس الخليج يحدد الثلاثاء المقبل موعدا لقرعة بطولة المنتخبات الأولمبية    من دارفور إلى لندن: خيوط الحرب السودانية تمتد إلى مصانع السلاح البريطانية    الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!    أمين العاصمة يتفقد سير العمل بمشروعي صرف صحي في مديريتي الوحدة ومعين    إشهار برامج الدكتوراه لتسعة برامج أكاديمية طبية بجامعة 21 سبتمبر    توقعات بموجة برد خلال الأيام القادمة.. وكتلة باردة جافة تسيطر على البلاد    إسرائيل تنتهك اتفاق غزة بقصف مكثف يقتل 91 فلسطينيا بينهم 35 طفلا    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يبحث مع وزير الخدمة المدنية أوضاع الوظائف والتسويات بمحافظة لحج    الأجهزة الأمنية تطيح بمتهم متخصص في نشل جوالات النساء بمديرية المنصورة    فضيحة.. الاحهزة الامنية بتعز ترفض تامين محطة عصيفرة للكهرباء    منفذ الوديعة.. والإيرادات المفقودة    مدير المواصفات يطلع على جناح الهيئة في معرض منتجات اليمن    مدفعية العدو السعودي تستهدف القرى الحدودية في صعدة    أستاذ قانون دولي: أساتذة الجامعة في الجنوب براتب "جائع"    وقفة.. اللجنة الإعلامية لكرة القدم إلى أين؟    تعز.. توجيهات بتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومعاقبة أولياء الأمور المخالفين    غزة: 983 حالة وفاة بسبب منع السفر للعلاج خارج القطاع    4 قطع أثرية يمنية نادرة بمزاد أمريكي في نوفمبر القادم    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرّف.. والتطرّف المضاد
نشر في يمن برس يوم 24 - 03 - 2016

مرّة أخرى، تفجيرات مدوية في قلب أوروبا. وكالعادة، لا متهم سوى الإسلام والمسلمين.
حتى قبل أن يعرف العالم عدد الضحايا الذين سقطوا في تفجيرات بروكسل، عاد الحديث عن المناهج الدراسية والتربية والدين والعادات والتقاليد، لتكون في طليعة الأسباب التي ساقها مدّعو الليبرالية العرب لتلك التفجيرات. أكتب هذا المقال، بعد ساعات قليلة من الإعلان عن الحدث الرهيب، لكنها كانت كافية جداً لبعض هؤلاء، كي يتيقّنوا تماماً أن الفاعلين من المسلمين، وأن الأسباب في المناهج الدراسية، وفي طبيعة البيئة والتربية في البيوت والمدارس العربية والإسلامية. هكذا، بكل مجانية وبساطة، يتحوّل المناوئ المفترض للتطرّف "الديني"، بحكم هويته الفكرية المعلنة على الأقل، إلى متطرّف جديد، من دون أن يدري ربما، وبأسلوب المتطرّف الديني نفسه، أي أن من يقدّم نفسه للآخرين ليبراليّاً، يؤمن بحرية الأفكار والمعتقدات، يتصرّف عكس ذلك تماماً، فيحاكم الناس سلفاً على الهوية الدينية والقومية.
وعلى الرغم من أننا كتبنا وتحدثنا كثيراً عن مغبّة الخلط الحاصل لدى هؤلاء بين الإسلام والمسلمين، وأيضاً بين المسلمين ومدّعي الاسلام، إلا أننا نجد أنفسنا، في كل عمليةٍ جديدةٍ، ناتجةٍ عن تطرّف ديني لبعض المسلمين، أو لبعض مدّعي الإسلام، بحاجةٍ لتكرار القول نفسه، فلم يعد يجدي الاعتقاد أن ذلك الخلط ناتجٌ عن سذاجةٍ أو قلّة معلومات، ذلك أنه يتصدّر، ويتم تعميمه مع سابق الإصرار والترصّد والتعمّد غالباً، والدلائل كثيرة؛ فهناك، مثلاً، معلومات إحصائيةٌ موثّقةٌ، أفصح عنها في السنوات القليلة الماضية، ومن أكثر من مصدر، تفيد بأن كثيرين من المنتمين للتنظيمات المتطرّفة، وأبرزها داعش، هم من بلادٍ تحكمها، أو كانت تحكمها، حتى فترة قليلة ماضية، أنظمةٌ مدنية وعسكرية، علمانيّة الهوى والادعاء، ولم يثبت أن هؤلاء المتطرّفين الدواعش وغيرهم درسوا مناهج إسلامية دينية كالتي ينتقدونها في بلادنا الخليجية، وبالذات في المملكة العربية السعودية. ومع هذا، يتغاضى مدّعو الليبرالية العرب عن هذه المعلومات والإحصائيات الموثقة، ليردّدوا الاتهامات نفسها ضد العرب والمسلمين.
يقول المنطق البسيط إن هذه المناهج، وهي ليست مثاليّة، ولن أدافع عنها، تلقاها جميع من درس في المدارس الخليجية، أو السعودية تحديداً، فإذا كانت هي السبب الأول لصناعة التطرّف، فهي تعني أن جميع، أو على الأقل، أغلب خريجيها ينبغي أن يكونوا من المتطرفين. ولكن، هذا غير صحيح، فالمتطرّفون الخليجيون، في أغلب الإحصائيات الموثقة، لا يمكن أن يتعدّوا نسبةً قليلةً من عدد خريجي المدارس والجامعات. فهل درس هؤلاء المتطرّفون التطرّف في دروسٍ خصوصيةٍ مثلاً، أم أن لهم عقولاً وقابليّاتٍ تعليميةً غير قابليّات البقية، جعلت منهم سريعي التأثر بما درسوه؟ هذا يعني، من جانب آخر، لو قبلنا به، أن المناهج، على سوئها الذي نعرفه، بريئة ممّا يدّعون.
ثم إن معظم من أقدم على التفجيرات في أوروبا، أخيراً، هم من مواليد البلاد الأوروبية الذين تعلّموا في مدارسها وجامعاتها، ووفقاً لمناهجها الدراسية العلمانية، وكثيرون منهم لا يعرفون حتى اللغة العربية، فكيف يتّسق ذلك مع تلك الادعاءات الجاهزة؟
بقي أن أشير إلى حجةٍ واهيةٍ، يختبئ وراءها بعض هؤلاء المتلبرلين العرب، عندما يواجههم أحدٌ بفساد منطقهم الاتهامي الجاهز لكل العرب والمسلمين، بأن من يُواجههم إنما يهاجمهم لأنهم يتعاطفون مع ضحايا هذه الاعتداءات من الأوروبيين غير المسلمين. وهذا تدليس حقيقي، فالأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين يتعاطفون مع الضحايا، ويدينون الاعتداءات والمعتدين، بغض النظر عن هويتهم ودوافعهم، وليس من العدالة، ولا الموضوعية، تحوير دفاعهم عن معتقداتهم ودينهم وفكرتهم الإنسانية العامة بهذا الهجوم الاستباقي، ومضاعفة الاتهامات لهم فقط لأن قلةً نادرةً منهم شذّت عن الحق في الدفاع عمّا تراه حقاً لها.
ندين تفجيرات بروكسل، وكل تفجيراتٍ عدوانيةٍ ناتجةٍ عن التطرّف في كل مكان على هذه الأرض، بكل قوةٍ ودائماً. وفي الوقت نفسه، ندين كل تصريحاتٍ واتهاماتٍ عدوانيةٍ لنا، عرباً ومسلمين، ناتجة عن التطرّف المضاد، فالتطرّف واحد، بغض النظر عن هوية المتطرّف.
"العربي الجديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.