خلافًا للتوقعات؛ لم يعلن الحوثيون في ختام مؤتمرهم الموسع الذي اختتم أعماله، الأحد، بالعاصمة صنعاء، عن مجلس رئاسي لإدارة البلاد بعد منح القوى السياسية ثلاثة أيام للتوافق على حل للأزمة الحالية، وهو ما يراه محللون تعبيرًا عن المأزق الذي يمر به الحوثيون وينتظرون من يبارك انقلابهم. وأكد البيان الصادر عن المؤتمر تفويض اللجان الثورية وقيادة الثورة باتخاذ الإجراءات الفورية الكفيلة بترتيب أوضاع سلطة الدولة والمرحلة الانتقالية للخروج بالبلد من الوضع الراهن، إذا لم تمتثل الأطراف السياسية للمهلة.
وقاطعت معظم القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم حضور جلسات المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام.
ودعا البيان إلى تحقيق مبدأ المواطنة المتساوية وإنصاف من تم إقصاؤهم في الفترات الماضية، ومنح امتيازات محددة لأبناء المناطق التي تتوفر فيها الثروات السيادية بما يحقق العدالة، كما دعا القوى الإقليمية والدولية إلى تقدير المجتمع اليمني.
ردود فورية
وفي أول موقف على مهلة الحوثيين؛ أعلن عبدالله نعمان، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، انسحاب حزبه من حوار القوى السياسية، ردًا على تهديد الحوثيين. وقال نعمان في تصريحات صحفية إن: “الحوثيين يريدون فقط الحصول على غطاء سياسي لاستكمال انقلابهم وتحميل القوى السياسية ما قاموا به وما سيقومون به بعد ثلاثة أيام“.
وأكد أن أي حل للأزمة الحاصلة في اليمن لابد أن يكون عبر البرلمان، كونه المعني بقبول استقالة الرئيس أو رفضها، لأنه المؤسسة التشريعية الوحيدة المتبقية في اليمن.
من جانبه، قال خالد الرويشان، وزير الثقافة السابق: إن المجلس الرئاسي الذي يعتزم الحوثيون تشكيله، لن يكون حلًا؛ مدللًا بفشل الحوارات والاتفاقات السابقة مع الحوثيين الذين لم يلتزموا بها.
غطاء سياسي
بدوره، أرجع الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى راج؛ المهلة التي منحها مؤتمر الحوثي إلى حاجتهم إلى “ الغطاء السياسي” من قبل الأحزاب السياسية للمضي بخيارهم، وحتى لا يتحملوا كلفة الطريق لوحدهم.
وأوضح الكاتب، في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك“،أن هذا الخيار ليس مغامرة مأمونة العواقب؛ بل فاصلة هذه المرة، مؤكدًا أن الحل الأمثل هو اللجوء إلى البرلمان.
أما الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، فقد أكد أن: “هؤلاء الانقلابيين” أنهوا أمل اليمنيين في الوصول إلى دولة العدالة والمواطنة، واتهمهم باستخدام نفوذهم الجهوي والقبلي لإقصاء الشركاء، حتى وصل بهم الأمر إلى محاصرة منزل الرئيس وإجباره على الاستقالة، الأمر الذي جعل ممارسته مهامه الدستورية أمرًا مستحيلًا.
وأوضح، خلال مداخة مع قناة الجزيرة، أن الحوثيين: “تصرفوا ضد منطق الوطنية والشراكة”، وأن: “الانقلاب الذي قاموا بتنفيذه يعد مكتمل الأركان“، وأن: “صنعاء حاليًا تحت الاحتلال“.
مأزق كبير
من ناحيته، أكد الباحث والكاتب السياسي، الدكتور محمد جميح، أن: “الحوثيين في مأزق كبير“، واعتبر أن الدليل على ذلك: “محاولتهم توفير غطاء سياسي لانقلابهم بعقد هذا المؤتمر“.
وأكد جميح أن الحوثيين: “طائفيون وشعارهم إيراني طائفي، ويمارسون هذه السياسة على الأرض، ويناقضون أنفسهم بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي كان عدوهم اللدود حينما كان في السلطة“.
وبشأن توقعاته لما قد يحدث بعد انقضاء مهلة الأيام الثلاثة، قال جميح: إن عودة الرئيس هادي والحكومة عن الاستقالة تعتبر أفضل الحلول للأزمة إذا حدث ذلك بشروط محددة.
وأضاف أن: تعيين مجلس من “الدمى” حتى يستطيع الحوثيون أن يتحكموا في مفاصل الدولة من خلاله يعتبر خيارًا آخر، ولكنه أكد أن العودة من “المأزق” الذي وضع الحوثيين أنفسهم فيه وسحب مليشياتهم خارج صنعاء يعتبر أفضل الخيارات لحل الأزمة.
واتفق التميمي مع جميح في رأيه، وقال إن الحوثيين: “في مأزق لا يجعل أمامهم من خيار سوى إتمام العملية الانقلابية التي قاموا بها، لأنهم مواجهون برفض كامل داخليًا وإقليميًا“، وأكد أن: “الثورة ستتواصل لأن اليمن في حالة انهيار كامل بسبب انقلاب الحوثيين“. * التقرير