وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    الحوثيون ينقلون حربهم المزعومة مع إسرائيل إلى مساجد صنعاء وذمار    في أربعينية شهداء "26 سبتمبر" و"اليمن" شهداء الكلمة والموقف.. سلام على دمائهم الطاهرة    الاتحاد الأوروبي: فرض عقوبات على "إسرائيل" لا يزال على الطاولة    كتائب أبو علي مصطفى تعلن تسليم جثة جندي صهيوني    المغرب يتوج بلقب كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    تكريم 47 طالباً من طلاب حلقات القرآن الكريم في مديرية شعوب    الإسباني ألكاراز والبيلاروسية سابالينكا يحتفظان بصدارة التصنيف العالمي للتنس    برقيات التعازي باستشهاد اللواء محمد عبدالكريم الغماري .. تؤكد .. مسيرة الجهاد والمقاومة ولّادة للقادة العظماء أمثال الشهيد الغماري    "تنمية المهارات" يؤهل 20 كادر من مؤسسة الشهيد زيد مصلح في المونتاج والجرافيك    نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين 5.2%    مرض الفشل الكلوي (24)    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    تصريح العليمي الكارثة وطائرة الحوثي    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 68 ألف شهيد    سقوط إعلام الإخوان في اليمن.. تخادم مكشوف مع الحوثيين لضرب الجنوب    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    قتل أبناء عدن مستمر.. من عذاب الكهرباء إلى التهديد بالموت عطشاً    الخدمة المدنية بعدن تعلن عن فتاوى لآلاف الوظائف الجديدة وتتجنب الحديث عن معايير توزيعها    أسرة المتوكل توضح بشان الاتهامات الموجه له باختطاف طائرات اليمنية    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    برشلونة غارق في الديون: 159 مليون يورو مستحقة لأندية أوروبا    الراية الثقيلة... عام على رحيل صالح الناخبي الحاضر في الغياب    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور فرع مصلحة الضرائب في شبوة    العليمي: العدالة في تعز ماضية كمسار مؤسسي شامل لا استثمار سياسي    صنعاء.. تشييع جثمان رئيس هيئة الأركان العامة السابق    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    الدين العام الأميركي يسجل رقما قياسيا    الارصاد: أجواء باردة على المرتفعات وتوقعات بأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    اتفاقيات لدعم موازنة الحكومة اليمنية وتوفير نفط للكهرباء    أمين عام حزب الرابطة: الجنوبيون يدفعون ثمنًا باهظًا لجريمة "يمننة الجنوب"    عدن غارقة في الظلام والمرتزقة ينهبون الايرادات    قبل الكلاسيكو.. مبابي يعيد الريال إلى الصدارة    يونايتد يذيق ليفربول الخسارة الرابعة تواليا    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    مدرب ليفربول متفاجئ من خسارة فريقه أمام مانشستر يونايتد    في تشييع مهيب.. صنعاء تودع الشهيد الفريق الركن محمد الغماري    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن. "17"    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    الشهادة بداية حياة وليس نهايتها    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    الاتحاد السياحي اليمني يكشف عن فساد في مجلس الترويج السياحي    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    الإمارات شعلة العلم في سماء الجنوب .. من بناء المدارس إلى ابتعاث العقول.. بصمات لا تُمحى في مسيرة التعليم الجنوبي    أبعدوا الألعاب الشعبية عن الأندية!    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    قراءة تحليلية لنص "العيب المعوَّق للمعرفة" ل"أحمد سيف حاشد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيوط من القطن تنسج الهوية التهامية (تقرير)
نشر في يمن برس يوم 14 - 03 - 2016

في مدينة الحديدة تشكل المهن المعتمدة على المهارات اليدوية نسبة كبيرة، وغالبيتها اصبحت تعارك شبح الآلات الصناعية، التي تنافس منتجاتها في الأسواق المحلية.

وقد توقفت مصادر الدخل الوحيد للعشرات من الأسر التي كانت تعتمد على تلك الحرف اليدوية عبر تناقلها جيلا بعد جيل وهم يفخرون بما تنتج أناملهم من تحف جميلة قبل أن تكون سلعة تجارية يستفيد منها المجتمع.

ولنأخذكم في جولة قصيرة نستنشق فيها عبق الأيام الجميلة، لنرى جمال ومتانة العمل الحرفي المتقن ذي الطراز القديم، الذي يعتبره البعض من التراث والبعض الآخر هوية ثقافية.

أسرار متداولة عبر الأجيال

المرور في أحد الأزقة التي يجد عابرها عشرات المشاهد الممزوجة بالذكريات الجميلة تجبرك على الوقوف أمام سعف النخل التي شكلت الحرفي، الذي غلب عليه طابع البساطة، وقد استعرض فيه صاحبه عدة تشكيلات من المعاوز الحوكية المصنوعة بالأيدي بطريقة متقنة وجذابة، تجد من خلالها جذور التاريخ تتحدث بلهجة محلية لتحكي لنا عن قصة البردة اليمانية التاريخية، بعد أن سرقت عنها الأضواء منتجات الآلات الصناعية سواء المحلية او الخارجية، ذات السعر الزهيد التي يلبي احتياج المستهلك الباحث عن المنتج الأقل كلفة حتى وان كان ذات عمر افتراضي بسيط، تاركا خلفه انهيار الثقافة العتيقة في ظل الأوضاع المادية الصعبة، لتتحول تلك المنتجات إلى قطع أثرية.

أن مهنة الحياكة اليدوية صارت عبئا على من يزاولها في ظل الأوضاع الاقتصادية المنهارة، واصبحت الكلفة الإنتاجية باهظة الثمن، حيث أنه من الضروري أن يمر إنتاج هذا النوع من المعاوز الأثرية على عدة مراحل،بحسب قول الحرفي محمد حسن زبيدي، صاحب معمل صناعة المعاوز التهامية القديمة أو ما تسمى ب"المعوز الحوكي" في منطقة "منظر" التي تبعد 6 كيلو تقريباً عن مدينة الحديدة، وقال إن أولى تلك المراحل هي مرحلة التهيئة وإعداد وتجهيز المقاسات للقطعة التي ننوي صناعتها وتجهيز الكميات المطلوبة من خيوط القطن وتحديد الألوان التي ستستخدم في الحياكة، ويشترط أن يكون نوعية القطن درجة أولى 100%، وهذا ما يقف عقبة أمامنا في ظل ارتفاع اسعار الواردات التجارية إلى بلادنا جراء الحرب القائمة، وفي حالة قمنا باستبدال نوعية القطن بأخرى أقل جودة فإن القطعة تفقد قيمتها الفعلية تلقائياً.

يواصل محمد :"وفي المرحلة الثانية نقوم برش خيوط القطن بماء مخلوط بدقيق, ليقوم بعملية تقوية الخيوط ثم نقوم بتمشيطها، ويليها مرحلة الترقيع أو الحياكة والتي يقوم فيها الحرفي بالبدء في تشكيل المعوز بالمقاس الذي تم اعداده سابقاً، وبعدها تأتي عملية الغسل والتجفيف وتلحقها الكواية، وأخيرا يتم إضافة ما تسمى ب "الحضوة" لتشد نهاية الخيوط وتزين بطريقة مبدعة ليصبح حينها جاهزاً لعملية الترويج والتسويق والبيع".

وحسب ما ذكر محمد حسن أنه وبسبب حالة الاحتراب الحاصلة في البلد تراجعت نسبة المبيعات بدرجة كبيرة حيث أنها كانت تبلغ نسبة الأرباح بالسابق إلى 80% تقريباً، أما في الوقت الحالي فقد وصلت إلى أدنى المستويات حيث بلغت نسبة الأرباح في الأشهر الأخيرة إلى 10%، فيما في السابق كانت تصل التكلفة الإنتاجية للمعوز الواحد حوالي 3500 ريال يمني أي ما يعادل 16$ تقريباً، ويباع في الأسواق بسعر 6000 ر.ي، أي ما يعادل 27$، أما في الوقت الحالي فتصل الكلفة الإنتاجية إلى 10.000 ر.ي أي ما يعادل 50$ تقريباً، وبدورها ترتفع اسعار البيع فتصل إلى 12.000 ر.ي للقطعة الواحدة أي ما يعادل 60$ تقريباً، وبسبب هذا الارتفاع تضاءلت نسبة المبيعات، ويرجع السبب الرئيس في ذلك، إلى توقف حركة الصادرات إلى الأسواق الدولية التي كنا نغطيها في العديد من دول الخليج.

ويشير محمد الزبيدي الى مشاركته في العديد من المهرجانات والكرنفالات المحلية والدولية بغرض الترويج لهذه المنتجات اليدوية، يختم محمد حديثه بالقول" دائماً كنا نُقابل باهتمام كبير من جهة الزوار والمهتمين بالتراث التهامي أو المنتجات الحرفية اليدوية بصورة عامة".

يؤكد الحرفي عبدالله محمد قحم، الذي يملك هو الآخر "عرين" أي معمل لإنتاج المعاوز الحوكية، أنهم ورثوا اسرار هذه الحرفة من أبائهم وأجدادهم وهكذا كل جيل، إذ يقدر العمر الافتراضي لهذه الحرفة أكثر من مائة ألف سنة تقريباً، وتعتبر منطقة "الدريهمي" هي موطن نشأة الحرفة، لكن في الوقت الحالي اندثرت فيها تقريباً، واحتضنتها "المنظر" ولا يكاد يخلو منزل هنا إلا وفيه من يجيد هذه الحرفة، حد قوله.

تجدر الاشارة الى انه في السابق انتقلت عشرات الأسر من قرية "المنظر" إلى مدينة الحديدة واتخذوا من بعض احياها مراكز لإنتاج وتسويق المعاوز الحوكية وسميت تلك المنطقة لاحقاً ب"الحوك" نسبة إلى حرفة الحياكة التي اشتهروا بها، كما قال محمد قحم.

البردة اليمانية مهددة بالاندثار

اصبحت حرفة حياكة المعاوز التهامية أو ما سميت قديماً ب"البردة اليمانية" مهددة بالاندثار بسبب وجود بدائل أكثر سهولة في وسائل الكسب لتغطية الاحتياجات المعيشية، وهذا ما جعل الجيل الصاعد ينظرون لهذه الحرفة أنها من الماضي، نظرا للمشقة والتعب في إنتاجها وتكلفة إنتاجها الباهظة، ناهيك عن المبالغ الضئيلة التي يجنيها الحرفي مقابل عمله.

يقول محمد زبيدي إنه" من الصعب الاعتماد على المردود المالي الذي نتقاضاه من هذه الحرفة والذي يبلغ 1700 ريال يمني فقط لإنتاج القطعة الواحدة والذي يستغرق فترة عمل ليومين، وفي حالة لم يكن هناك أي طلبات في السوق فتصبح مهمة بيعها بأسعارها المرتفعة نسبة للمنتجات الصناعية الأخرى المتوفرة بالسوق المحلي مهمة صعبة ".

ووفقا لمحمد قدم اصحاب الحرفة طلبا للمجلس المحلي بمحافظة الحديدة لفتح مراكز تدريب وتأهيل خاصة لمن يرغبون بتعلم هذه الحرفة ولتسهيل والتطوير في التسويق والترويج لها، وبدورها استجابت الجهات الرسمية حينها وقابلت الطلب بترحيب كبير، وبدء المشروع فعلياً في عام 2007م تقريباً وتم اعتماد برامج تدريب وتأهيل في كلاً من المنظر، بيت الفقيه ،الدريهمي، كما ابدت كل من هولندا وفرنسا رغبتهما لدعم هذه الحرفة عبر المجلس المحلي للمحافظة، إلا أنه توقف قبل أن يبدأ على أرض الواقع بسبب تغير قيادة المجلس المحلي في المحافظة حينها، واعيد فتح ملف المشروع مجددا السنة الماضية 2015م، ونأمل أن يستمر المشروع ليساهم في استمرار سير حياة الحرفة، أو كما قال الحرفي محمد حسن زبيدي.

الهوية التهامية

لا تكتمل مراسم الزفاف ضمن العادات والتقاليد التهامية حتى يرتدي العروس تلك القبعة المصنوعة من الخيزران ويأتزر بالطريقة التهامية بالقطعة القماشية ناصعة البياض المنسوجة من القطن النقي بطريقة فريدة وتزين اطرافه "الحضوة" ذات اللونيين الاسود والاحمر لتضفي عليه لمسة فنية مذهلة.

ويعتبر ارتداء المعوز الحوكي" فخراً لمن يرتديها، وتعتبر الزي التقليدي للمشائخ والوجاهات التهامية، لفخامتها وجودة صناعتها.
" المعوز الحوكي يعتبر هوية لأبناء تهامة بصورة عامة، ناهيك عن قوتها ومتانتها خلافا لمنتجات الآلات الصناعية حتى اليدوية منها التي تستخدم غالبيتها في عملية الإنتاج خيوط رديئة، هذا ما قاله الشيخ أحمد يحيى ضحوي، حينما سألناه عن سبب اهتمامه المتواصل باقتناء هذا النوع من المعاوز.

حياكة المعاوز الحوكية هي حرفة انتجت هوية، لتصبح مصدر رزق لعشرات الأسر، تحوم حولها المخاوف في ظل الأزمة الراهنة المجهولة النهاية.

*برنامج تمكين الشباب، المركز اليمني لقياس الرأي العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.