إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    الدوري الاوروبي .. ليفركوزن يواصل تحقيق الفوز    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختفاء ترليون ريال من خزينة الدولة السعودية يثير جدل واسع
نشر في يمن برس يوم 07 - 11 - 2016

أثار مقال لأستاذ جامعي سعودي بجامعة الأمير سلطان والكاتب بجريدة الجزيرة حمزه محمد السالم جدل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان تضمن معلومات بالارقام حول اختفاء ترليون ريال من خزينة الدولة السعودية .
وتفاعل النشطاء مع هاشتاق #اختفاء_ترليون_من_خزينه_الدوله وانقسموا حول صحة المعلومات التي ذكرها الكاتب في مقاله والتي تكشف عن اختفاء ترليون ريال من خزينة الدولة السعودية بين متسائل أو مستنكرا هذه المعلومات الذي وصفوها بغير الصحيحة.
وقال ناشطون إن اخبار استهلاك الاحتياطيات يرددها العالم اجمع شهرا بعد شهر، مما يؤكد -لأي فطن دون رجوع لأرقام- بأن نقص دخل النفط في الثمانية عشر شهرا الماضية، قد تم تعويضه وزيادة بالسحب من الاحتياطيات، فكيف وقد عادت الاستدانة، وأصبحت المقدرة على الحصول على الدين الأجنبي، فخرا نطير به الأعلام.
وذكر ناشطون أن ارقام الميزانية والنقد وميزان المدفوعات هي مقياس نجاح خطط الاقتصاد وهي العلم الذي لا يخطئ ولكن لا ينفع أمرؤ علم ولا رقم ما لم يؤتى فهم معه. فهذا قياس اداءك يا وزارة الاقتصاد لا نريد عروض ملونة وارقام ملفقة. وهذا نتيجة عملك يا نزاهة.
"المشهد اليمني" يعيد نشر مقال الكاتب والذي حمل عنوان (ماهي حقيقة اختفاء ترليون ريال من خزينة الدولة 2-2)
هذا هو الجزء الثاني في اجتهادي لمحاولة بيان الحقيقة في تناقص الاحتياطيات الأجنبية بعد أن أثار موضوعها مقال استاذنا جمال خاشقي الأسبوع الماضي والذي أعاد نشر تصريحات -لم أطلع عليها من قبل - لمعالي الوزير المستشار محمد آل الشيخ في ابريل 2016 لبلومبرغ. والذي شد انتباهي لها، كون التصريحات مخالفة للواقع وعدم منطقية أرقامها.
وكيف لا تشد انتباهي، واخبار استهلاك الاحتياطيات يرددها العالم اجمع شهرا بعد شهر، مما يؤكد -لأي فطن دون رجوع لأرقام- بأن نقص دخل النفط في الثمانية عشر شهرا الماضية، قد تم تعويضه وزيادة بالسحب من الاحتياطيات، فكيف وقد عادت الاستدانة، وأصبحت المقدرة على الحصول على الدين الأجنبي، فخرا نطير به الأعلام.
ارقام الميزانية والنقد وميزان المدفوعات هي مقياس نجاح خطط الاقتصاد وهي العلم الذي لا يخطئ ولكن لا ينفع أمرؤ علم ولا رقم ما لم يؤتى فهم معه. فهذا قياس اداءك يا وزارة الاقتصاد لا نريد عروض ملونة وارقام ملفقة. وهذا نتيجة عملك يا نزاهة.
فباختلاس نظرة خاطفة على الأرقام أدركت زبدة الواقع الخص أهمها في النقاط التالية، قبل الخوض في طريقة حسابها:
1. بأن مقدار النقد الأجنبي، من ريع النفط ومن السحب من الاحتياطيات والاستدانة الأجنبية، الذي دخل على الحكومة في عام 2015 وتسعة اشهر من 2016، هو أعظم مقدار دخل على البلاد في تاريخها. فقد بلغ قرابة 1.9 ترليون، منها ترليون إنفاق أكثر من متوسط إنفاق الأعوام الخمسة الذهبية لطفرة النفط التي جعلها معالي الوزير مرجعا لقياس النجاح والفشل.
2. كيف لا يشد الانتباه ولو أننا انفقنا في الثمانية عشر شهرا مثل ما كنا ننفق في السنوات الذهبية، لبقى لدينا ترليون ومائة مليار ريال، بعد خصم توقعات كلفة حرب اليمن. فأين الترليون والمائة مليار.
هذا المبلغ المفقود يساوى خمسة عشر عاما من قيمة الغاء البدلات جميعها دون استثناء. أي مدة دخول الطفل السعودي الابتدائية الى تخرجه من الجامعة. الترليون الشارد يشتري اكثر من 36 ألف طائرة حربية من طراز إف 15 ويبني عشر سدود كسد جورج ثلاثة في الصين، اعظم سد انتاج طاقة في العالم. الترليون المفقود يبني مليونا منزل للسعوديين 2 مليون.
هل لم نعد نفرق بين المليار والترليون بعدما ضيعنا الفرق بين المليار والمليون. الترليون هو مليون مليون. والترليون هو الف مليار . والمليار هو الف مليون.
اعتقد أننا اصبحنا لا نميز المليار بلا شك، بدليل عدم تمييزها من معالي الوزير، الذي لم يميز معني نقصان الاحتياطيات ثلاثين مليارا دولار شهريا.
3. كيف لا يُشد الانتباه والوزير المستشار، يشيد بحال الثمانية عشر شهرا، وقد كان معدل متوسط تناقص الاحتياطات 37 مليار ريال شهريا في الثمانية عشر شهرا. رغم انه قد توقفت فيها المشاريع السابقة لإعادة التقييم، وأوقف الابتعاث، وفرضت الضرائب واستهلكت الاحتياطيات وعاد الدين الأجنبي.
4. كيف لا أرفع حاجبا وقد تصاعد انهيار صافي الاستثمارات الأجنبية من غير الاحتياطيات بشكل مريع. فقد خسرنا في السنة الأخيرة 100 مليار ريال تقريبا ، بعد أن كانت تزداد بمعدل 100 مليار تقريبا، من عام 2010 اي نهاية 2014 . فلم نرى نزولا بعد خسارة صندوقنا 70٪ من قيمته في عامي 2008، 2009.
فهل كان خسارة 100 مليار ريال بدل ربح 100 مليار هو تغطية لتخفيف انهيار الاحتياطيات ؟ أم هو سوء إدارة للمحافظ الاستثمارية؟
فإن كان الثاني، فكيف نبيع أرامكو ثم نضع ريعها في صندوق سيادي استثماري وصنيديقنا "السيادي" الصغير الذي لدينا خسر 37٪ من قيمته في السنة الاخيرة 7/2015 – 6/. 2016 فهل تولي مدير جديد لإدارة الاستثمارات الأجنبية سيقود صندوقنا السيادي الموعود لنخسر ثلثه كل عام فتضيع علينا أرامكو في ثلاث سنين.
5. وحرب اليمن ليست السبب، فكلفتها إن بلغت فلن تبلغ حرب الخليج حسب ما ذكر المحللون. فحرب الخليج، على ضخامتها، كلفتنا نحو 70 مليار ريال تقريبا، حسب تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية. وأما حرب اليمن فحسب توقعات الخبراء البريطانيين والفرنسيين لا تزيد الكلفة إلى الآن في أسوأ الأحوال عن 15 مليار ريال سعودي. وهذه اقل من 1 ٪ نحو 0.7٪ من النقد الذي ثبت دخوله الخزينة السعودية. (. والمراجع لتوقعات حرب اليمن وكلفة حرب الخليج، والتفصيل سأتي بها في اخر المقال).
6. كيف وقد كان عام 2009 شاهدا ودليلا على المشكلة الخطيرة التي حصلت في الثمانية عشر شهرا الماضية. فقد كان انهيار الايرادات النفطية في عام 2009م اعظم من انهياره في 2015 ، ومع ذلك لم تتوقف التنمية ولم نستدين، بل سددنا جزء من دين التسعينات بل لم يشعر السعودي بالأزمة، ولم تنزل الاحتياطيات بربع المعدل الذي نزلت في الثمانية عشر شهرا الماضية.
7. كيف لا استنكر يا معالي الوزير وقد انهار النفط 20 عاما في انهيار الثمانينات والتسعينات، ولم تنزل الاحتياطيات، ولم يخسرنا انهياره مع التقشف وهدر الفساد إلا 400 مليار ريال وهي قيمة الدين جميعه بعد طرح زيادة الاحتياطات، أي أن الانهيار كلفنا خسارة بمعدل مليار ونصف شهريا، وقد كان هناك هدر فساد. فما بالك تفخر بثمانية عشر شهرا سبب انهيار النفط خسارة 25 ضعفا من خسارة عقدي الانهيار النفطي الأول.
8. كيف ولو أننا فقط استدركنا الهدر الذي ذكره ال الشيخ وأدعي استدراكه، أقول فقط الهدر، كما تثبته الأرقام الرسمية التي سأوضحها لاحقا، لاستطعنا ان نواصل نفس انفاق السنوات الذهبية المباركة ودون الحاجة لسحب ريال واحد من الاحتياطيات بل لأضفنا للاحتياطيات .
هذه الأرقام لا لعب عروض الخواجات باللصق والنسخ.
هذه الارقام تصدق سائلها ففي متونها العلم والقلم. حسابات موثقة لا تخرصا واحاديث ملفقة. فأين الريادة بل أين العوض في خبرات أجنبية لم تأت إلا بالكسل والغش. فجلاء الشك والريب يأتي في ارقام الميزانية وفي عرض النقد إذا ما إذا ما أجتمعا و ميزان المدفوعات.
كيف تكون الثمانية عشر شهرا افضل تدبيرا من سنوات الطفرة الخمس الذهبية -التي جعلها آل الشيخ مرجعا للقياس-، والسنوات الخمس الذهبية كانت أقل تحصيلا للنقد الأجنبي والمحلي. ومع ذلك ضخت السنوات الخمس نصف ما انتهت إليه الاحتياطيات قبل أن يتم استهلاكها في الثمانية عشر عاما، والتي يفخر آل الشيخ بحسن تدبيره فيها.
سنوات خمس مباركة قامت بتسديد قرابة نصف الديون التي تراكمت في خمسة عشر عاما بسبب السنوات العجاف.
سددت هذه السنوات ضعف قيمة الدين الذي تحصل بسب كلفة حرب الخليج التي تحملتها بلادنا. سنوات خمس مباركة نهضت باقتصاد البلاد لتجعلها العصر الاقتصادي الماسي بلا منازع للعهد السعودي.
سنوات خمس أعادت بناء البنية التحتية للبلاد بعد أن اُستهلكت وقاربت قيمتها المحاسبية الصفر، ففيها شُيدت عشرات الجامعات و المستشفيات و المدن الطبية و المرافق التنموية العملاقة ، و مُدت الآلاف من الطرق و السكك الحديدية.
وشعر المواطن السعودي وكانه لن يخاف فقرا أبدا. تلك السنوات الخمس كانت فيها نهضة صاروخية بالصرف الفلكي وقد صاحبه هدر الجهل والفساد، والذي قدره ال الشيخ في تصريحاته الرسمية للعالم أمام ولي الامر، بنحو ربع الميزانية لكل عام من تلك الأعوام المباركة.
فإذا ما نظرنا، وجدنا إن ذلك الإنفاق الفلكي على نهضة البلاد ورغد عيش العباد، ومع الهدر المالي، لم يبلغ في السنة ثلثي ما استُهلك في عام واحد بعدها.
رغم تقشف اقتصاد البلاد وفرض الضرائب على العباد و خنق القطاع الخاص و تكبيل الاقتصاد في وقت كان في أمس الحاجة للسياسة الاقتصادية التيسيرية، لمواجهة الأوضاع السياسية، ودعم اقتصاد البنية التحتية حتى نتوصل لخطة عملية تطبيقية لمواجهة ضياع فرص النمو وإيجاد الوظائف لمئات الآف من الشباب والشابات.
مقارنة أل الشيخ لم تكن غير صحيحة فحسب بل وغير عادلة. صحيح أنه كان هناك في السنوات الخمس الذهبية هدر وفساد إداري ومالي وأخلاقي ومهني، ولعله بحجم أكبر مما قدره ال الشيخ بأنه ربع الميزانية في سنوات الطفرة الخمس أو ما قبلها.
نعم هذه مقولة حق ، والهدر جاء مع الإنفاق على المشاريع وأسبابه تقع على اختيار القيادات من المسئولين. فكيف بقيادات المسئولين الذين حملوا الأمانة التي ائتمنها عليهم ولي الامر في الثمانية عشر شهرا، فأحدثوا هدرا مضاعفا ثلاث مرات عن هدر السنوات الذهبية، دون وجد مشاريع لتمرر الهدر خلالها.
ثم يصرح آل الشيخ أنه قد تم ضبطه الآن! فالذي تشهد الأرقام الرسمية المروعة بعكس تصريحاتك يا معالي الوزير.
وخلاصة ما شهدت به الأرقام:
1. فإن كان الهدر معلوما في السنوات الخمس، فقد أصبح مجهولا في الثمانية عشر شهرا.
2. وإن كان آل الشيخ قدر الهدر في تلك السنوات المباركة بربع الدخل، فإن الهدر في الأشهر الثمانية عشر التي يتغنى بها ، تقدره الأرقام بنصف ما دخل على الخزينة السعودية، وليس ربعه فقط.
3. وإن كان آل الشيخ قد قدر الهدر السنوي ب 330 مليار ريال سعودي فإن الهدر المجهول السبب في الثمانية عشر شهر التي يفخر بها تقدره الأرقام الرسمية بأكثر من ترليون ريال.
إن كون هذه تصريحات المستشار "لكبح الإنفاق الحكومي" قد ألقيت في محفل اعلامي عالمي وفي صورة وكأنها تقرير بين يدي ولي الأمر، أمر خطير قد دفعني لمحاولة معرفة حقيقتها، لإيضاح الحقيقة لولي الأمر.
جهد سعودي لا يخرج عن إطار جهد مواطن محب لوطنه ووفي لقيادته. رغم أني والله، أحرص على أن أتجنب سماع أو تحصيل معرفة عما يجري في بلادنا. لأنه سيضيق صدري وتعجز حيلتي، ولا ينطلق لساني. فقد انهكتني التجارب، ورأيت العجائب حتى يئست. فأينما نظرت وجدت أمورا، لا يتصور العاقل حدوثها.
فلا يسعني حينها السكوت أمانة وطنية ووفاء لبيعة ولي الأمر وحبا فطريا للوطن.
والحديث بها يحملني تبعيات مسئولية الإيضاح والتبيين. وهي تبعيات دائما ما تضر بي نفسيا واقتصاديا، واجتماعيا. وقد كبر سني وضعف بدني ورقت عظامي وضاق تحملي، ودون أي منفعة للبلاد.
ولكني لم أتصور أن أرى قط ضياع أكثر من نصف الدخل واختفاء أكثر من ترليون ريال في عام ونصف. فكيف لي أن أقدم راحة نفسي وخمولها، على ضياع موارد الوطن الحاضرة والسابقة.
فلم أقدر ان امنع نفسي هذه المرة فاختلست نظرة على الأرقام الرسمية المنشورة في احصائيات مؤسسة النقد فإذا بالذي لا يمكن تصديقه، يعرض نفسه بوضوح أمامي. فكذبت نفسي، وبذلت جهدي في ساعات طوال اسلك طرقا متنوعة ومصادر معلومات مختلفة أمني النفس بأن أجد ما ينقض الأرقام الصريحة الواضحة أمامي، إلا أني اعود لنفس النتيجة أيما طريقا سلكت أو أسلوبا تحليليا أتبعت.
وقد اجتهدت اجتهاد الناصح المحب لوطنه. واتبعت وفق اجتهادي الطريقة الموضحة لاحقا، فتوصلت للنتيجة المرعبة التي حاولت تفاديها باتباع طرق متنوعة.
توصلت إلى نتيجة لا أستطيع صرفا لها، وهي أنه بالمقياس والمرجع -الذي استخدمه أل الشيخ في تصريحاته الرسمية العالمية في إبريل – فإن هذا المقياس يظهر بأن هناك ترليون وتسعمائة مليار ريال سعودي تقريبا قد دخلت خزينة الدولة في الثمان عشر شهرا الماضية.
وإن مما دخل على الخزينة قد اختفى نصفه، فإن هناك أكثر من ترليون ريال لا تُعرف مصارفه. والترليون ريال ضخم في حجمه وفي نسبته للإيرادات. فهو ثلاثة أضعاف ريع النفط لعام 2015 . وهو أكثر من نصف مجموع ما دخل الخزينة من ريع نفط ومن سحب للاحتياطيات ومن الاستدانة.
ورؤية هذه الحقيقة لا تحتاج لخبير محاسبة ولا اقتصاد. فنحن لا نتحدث عن فقدان مليارات أو حتى عشرات المليارات، ليجد الإنسان مبررا هنا أو هناك، بل فقدان مئات المليارات.
وطريقة الحساب سهلة، وقد توصلت لها كحل لعائق المعلومات الشحيحة المتوفرة رسميا.
فأما بالنسبة لمصدر المعلومات فلا تكلف أحدنا إلا أن يرجع لثلاثة جداول في تقرير مؤسسة النقد: 1. جدول الأصول الاحتياطية. 2. وجدول الإيرادات والمصروفات الفعلية السنوية للدولة و3. جدول الدين العام، لتطلع بأرقام مجموع ما تم صرفه في تلك السنة. وبذلك نتجنب الخوض في المصروفات والعجز والفائض في جدول المالية، ففي أرقامها الشحيحة الموجزة، مكامن يسهل قلب الحقيقة فيها أو إخفائها.
4. أما مرجع معلومات المبالغ المفقودة فمصدره تصريحات أل الشيخ وتطبيقها حسابيا. فقد افادنا معالي الوزير المستشار في تصريحاته لبلومبرغ ، بأن الهدر كان في الأعوام الخمسة الماضية نحو من 80-100 مليار دولار سنويا، أي 330 مليار ريال. وصرح بأن الهدر قد تم القضاء عليه بجهود معاليه فيما وصفه استاذنا الخاشقجي ب «أزمة تأخر الدفعات لشركات المقاولات الكبرى» . وبما أنه تم إيقاف المشاريع والابتعاث وغيرها، ولم تستحدث مشاريع جديدة فبأشد التحفظ فإن ينبغي أن يكون الانفاق في الثمانية عشر شهر الماضية على الأقل مماثلا لمتوسط الصرف في سنوات الطفرة الخمس. وهذا يتضمن الهدر الذي كان موجودا.
لذا فعلينا طرح الهدر الذي حكم به أل الشيخ لنرى ما يمكن أن نبرر المبالغ المستهلكة من المبالغ التي دخلت على خزينة الدولة، وما عدا ذلك فهو مفقود غير معلوم مصيره . فإضافة التغيير في الاحتياطيات والدين إلى الإيرادات ينتج عنه مجموع ما دخل على الخزينة من نقود سرية أو علنية، أو اعتمادات مرحلة مجموع كل ما دخل الخزينة.
وهو نفسه يساوي مجموع ما صرف في تلك السنة حقيقة. سواء مما أعلن عنه أو لم يعلن أو كان سريا أو اعتمادات سابقة لم تصرف أو طوارئ أو أي ما يحتمل أن يخرج به المسئول بأي تبرير.
لذا دع عنك معادلات السياسة المالية التقليدية المتبعة، فهي لا تناسب سياستنا المالية البسيطة. ولا تنفعك شيئا في ظل شح المعلومات الرسمية وتجميعها لعشرات البنود في بند واحد، فتضيع ملامحها وتخفى تفاصيلها. واتبع معادلة بن سالم البسيطة التي سأضرب لها مثالا ليتضح بساطتها مع دقتها. وسأضرب مثلا ايضاحيا لمعادلة بن سالم.
فتصور لو كنت لا تدري كم صرفت الشهر الماضي وشككت بضياع بعض النقود من جيبك فأردت أن تعرف مقدار مجموع ما صرفت بالضبط، وتريد أن تعرف تقريبا مقدار مبلغ النقود الضائعة : فما عليك أن تأتي براتبك الشهري ( وهو الإيرادات ) ثم تطرح منه سداد قسط البنك أو تضيف إليه أي استدانة قمت بها (الديون). ثم تطرح أو تضيف قيمة المبلغ الذي أودعته أو سحبته من حسابك الادخاري (الاحتياطيات) . فما يبقى من الراتب أو يزيد عنه بعد ذلك فهو مجموع ما دخل عليك ذاك الشهر وهو نفسه مجموع ما صرفته في ذلك الشهر بالضبط.
لكن يبقى عليك أن تقدر قيمة كم ضاع من جيبك من مبلغ الصرف. فهنا يجب وضع مرجعا ترجع إليه لعملية التقريب بالقياس المقارن فمن المنطقي أنك ستجعل مستوى الصرف في الأشهر السابقة مرجعا لك، وتستثني من الأشهر أي مصروفات استثنائية، أي تجعل متوسط انفاق الاشهر الستة الماضية فيكون هذا المتوسط من الإنفاق الشهري هو مرجعك لمعرفة إنفاقك هذا الشهر، . ثم تقارنه بما دخل عليك من نقد فالذي ينقص هو المقدار الضائع تقريبا. ( بعد حسم الصرف الغير اعتيادي في شهر ما)
إذا فمعادلة اكتشاف مقدار الضائع من نقودك هي: (الراتب +/- التغير في قيمة حسابك الإدخاري +/- السداد/ الاستدانة - متوسط مصروفاتك الاعتيادية الشهرية في الأشهر الماضية = النقود الضائعة عليك.
إذا فالمعادلة لحساب مصروفات الدولة في اي عام من الأعوام هي (مجموع الإيرادات النفطية وغير النفطية التي أقفلت وزارة المالية الحسابات على ارقامها المعلنة +/- التغير في الاحتياطيات من مؤسسة النقد +/- سداد/ استدانة من المؤسسة النقد ) = مجموع ما دخل على الخزينة السعودية = مجموع الصرف تماما.
إذا فناتج مادخل على الخزينة هو ما تم صرفه بالضبط. لأن التغيير في الاحتياطيات والتغيير في الدين يغطي أي إنفاق سري أو علني أو اكتساب لم تتضمنه الميزانية الفعلية المعلنة، أو اعتماد ولم يتم صرفه . فبهذا تجنبنا خطأ مضاعفة الحساب (دبل العد) وحللنا مشكلة عدم توفر المعلومات.
وهو أصح من أي حساب للمصروفات الحكومية، بمقدار صحة معلومات الإيرادات والدين والاحتياطيات المعلنة.
اللهم الا أن يكون قد أُنفق أو سُحب من حساب الاستثمارات الأجنبية. وأرقام الاستثمارات الأجنبية منطقة ضبابية حمالة احتمالات، سنبيها لاحقا.
وعموما لو أخذنا بها فهي لا تزيد النتيجة إلا تأكيدا وتزيد من حجم المبالغ المفقودة. وسأتي بها في أخر المقال، ولكن تجنبتها هنا لأن آل الشيخ ذكر الاحتياطيات ولم يذكر الاستثمارات الأجنبية، ولكي لا تصبح احتمالياتها ، هي الطبل الذي يُضرب عليه للإزعاج عن رؤية الحقائق المسرودة هنا.
ولكن لا يتبين لنا قيمة الضائع مما دخل على خزينة الدولة إلا بمرجع مقارنة. وهنا علينا اتباع المرجع الذي وضعه الوزير المستشار أل الشيخ، وهو متوسط إنفاق ما دخل على خزينة الدولة في السنوات الخمس الماضية 2010-2014 الذي هو كذلك متوسط ما صرف فيها سنويا.
إذا فالمعادلة لاستخراج المرجع هي : "متوسط مجموع إيرادات متوسط السنوات الذهبية 2010- 2014 + متوسط التغيير في الاحتياطيات + متوسط سداد الدين = متوسط المصروفات السنوية في السنوات الخمس الذهبية مع الهدر المالي) .
فنقارن متوسط الصرف السنوي مع هدره المالي بما دخل على خزينة الدولة في عام 2015 وتسعة اشهر من 2016 ، فما زاد فهي مبالغ ضائعة بلا شك. لأننا نقيس سنوات القمة في الانفاق على المشاريع والابتعاث مع الهدر فنقارنها بفترة التوقف عن الانفاق والتقشف وعدم الهدر. فعلى الاقل تتماثل الاعوام في الانفاق. فكيف أن وجدنا أن فترة الإنفاق التقشفي للعام والنصف الماضي تبلغ 150٪ من الإنفاق الذهبي، أي مرة ونصف.
ونسبة 150٪ ليست دقيقة، لأنه يجب علينا أن نقوم بطرح قيمة الهدر المالي الذي حكم به بن الشيخ (330 مليار ريال ) . لسببين: الأول أن وجود الإنفاق على المشاريع هو الذي أوجد فرصة الهدر. والانفاق قد توقف في 2015- 2016. والسبب الثاني أن آل الشيخ صرح مفتخرا بأن هذا الهدر قد ثم وقفه . فمتى طرحنا الهدر من المصروفات التي نتجت عن المعادلة السابقة سيتبقى لنا مستوى الإنفاق السنوي الذي لا هدر فيه، وعندها سنجد أن فترة الإنفاق التقشفي تبلغ 250٪ من متوسط الإنفاق الذهبي.
وثم بعد ذلك وفي عملية للتأكد، سأخرج عن مقياس ال الشيخ واقارن مجموع ما دخل علي خزينة الدولة مع ارقام الانفاق الفعلي التي اعلنت عنها وزارة المالية ، وهذه لا تتوفر الا لنهاية عام 2015. لأرى هل النتائج عموما متفقة مع النتيجة المتوصل إليها أم لا. وسنجد انها متفقة.
فإلى الأرقام، فلنبدأ على بركة الله :
فحسب الأرقام الفعلية للميزانيات التي تنشرها وزارة المالية،(فالمتوسط السنوي لمجموع إيرادات الدولة الفعلية من 2010 إلى 2014 من النفط وغير النفط بلغ 1.06 ترليون اي( 1061 مليار ريال سعودي - سداد دين التسعينات 37 مليار ريال بالمتوسط السنوي - متوسط ايداع في الاحتياطيات سنويا 241.7 مليار ريال سعودي= 783.6 مليار سنويا معدل الصرف السنوي في السنوات الذهبية الخمسة.
والأرقام الفعلية التي تنشرها وزارة المالية، تنص على أن نقص دخل النفط عام 2015 بأكثر من أربعمائة وست وستين مليار ريال سعودي. ولكن سُحِب من الاحتياطيات في نفس العام ما يقارب أربعمائة وخمسين مليار ريال سعودي كما تم استدانة مائة مليار ريال تقريبا. وهذا يعني أن مجموع ما دخل على خزينة الدولة لعام 2015 زاد عن الترليون بمائة وخمسين مليار ريال سعودي (مجموع إيرادات الدولة الفعلية 616 مليار ريال سعودي + 98 مليار استدانة + سحب من الاحتياطيات 435 مليار ريال سعودي = 1150 مليار عام 2015) .
وأما عام 2016 فلم تظهر ارقام الإيرادات الفعلية بعد عند مؤسسة النقد. (وطبعا وزارة المالية تبكي حالها في المعلومات، فهي لم تنشر عام 2015 الى الأن، فما بالك بمعلومات شهرية. فلولا الفتات الذي نجده عند مؤسسة النقد لما وجدنا الا المعلومات من المصادر الاجنبية لنرجع اليها).
وعموما، فأسعار النفط في 2015 و2016 في الرسم البياني تظهر وكأنها صورة مرايا تطابقا. فقد انخفضت الاسعار في نهاية 2015 حتى وصلت القاع بين العامين ثم عادت وارتفعت وكأنها تحاكي نزول 2015. فإذا عرفنا أنه في الاشهر الماضية قد زاد حجم التصدير للنفط زيادة كبيرة، فهذا يعني ان حجم ايرادات النفط ينبغي ان يكون في التسعة الاشهر الأولي لعام 2016 اكثر من التسعة الأشهر الأولى لعام 2015 . ولكن تحفظا، فسنفترض نفس الإيرادات ثم نضيف اليها التغيير في الاحتياطيات التي تزودنا ساما به شهريا. فهو متوفر لنهاية شهر سبتمبر. والدين معلوم قد طنطن به الاعلام حتى أسمع من في أذنه صمما. فعجبا لنا فقد أصبحنا نفخر بقدرتنا على الاستدانة. وافتخارنا بالاستدانة يحكي عن حقيقة خطورة الوضع القائم. فليست الاستدانة مما يُفخر به.
عموما نرجع الى ما دخل على الدولة في تسعة اشهر الأولى من 2016
= 461 مليار ريال ايرادات نفطية وغير نفطية (قياسا على 2015) +231 مليار ريال سحب من الاحتياطيات فعلي + ونحو 65 مليار ريال الدين الذي طنطنا به = 757 مليار ريال.
إذا، وقبل إدخال مقارنة ال الشيخ وحكمه، فإين ذهبت ثلاثمائة وستون وسبعون مليار ريال الزيادة في 2015(1150مليار ريال - 780 مليار ريال متوسط السنوات الذهبية = 370 مليار ريال ؟؟؟ أين ذهب الفرق وقد توقف الانفاق في 2015 وحصل ما أسماه استاذنا الخاشقجي " «أزمة تأخر الدفعات لشركات المقاولات الكبرى» ؟ واستهلكت الاستثمارات الأجنبية؟
فكيف إن أضفنا تصريحات أل الشيخ ، بأن الهدر البالغ 330 مليار ريال قد توقف؟ فهو يجب أن يتوقف لان الصرف على المشاريع قد توقف. فهنا يصبح السؤال فأين 330 مليار ريال قيمة الهدر + 367 مليار ريال قيمة الفرق السابق . هذه نحو700 مليار ريال لا ندري اين ذهبت فقط في عام 2015 .
واذا أضفنا التسعة اشهر المنصرمة في عام 2016 فسنقارنها بتسعة اشهر من متوسط السنوات الذهبية . يعني (757 مليار عام 2016 - 585 مليار ريال متوسط الانفاق في تسعة اشهر في فترة السنوات الذهبية ) فأين 172 مليار ريال.
فإذا حسبنا الهدر الذي ادعى بن الشيخ القضاء عليه فيصبح الضائع ( 757 مليار ريال لما مضى من 2016 وبعد القضاء على الهدر - 337.5 مليار ريال متوسط الانفاق في تسعة اشهر في فترة السنوات الذهبية بدون هدر). فالمفقود في التسعة أشهر الماضية 418 مليار تقريبا.
فالنتيجة المروعة هي : أنه قد دخل خزينة الدولة في ثمانية عشر عاما ما يقارب 1.9 ترليون ريال،( 700 مليار عام 2015+ 418 مليار في التسعة الأشهر الماضية) لا نستطيع أن نجد تفسيرا معقولا لإنفاقها. وبالتحفظ الشديد بمقارنة بإنفاق سنوات الطفرة الذهبية الخمسة، وقلنا أن حرب اليمن قد استهلكت 18 مليار ريال خلال 15 شهر منذ بدايتها إلى 9/2016 ، سنجد أنه على الاقل قد شرد 700 مليار عام 2015 + 418 مليار عام 2016 - 18 مليار ريال حرب اليمن = آلف ومائة مليار ريال قد شردت في ثمانية عشر شهرا، فتاهت عن سجلات مؤسسة النقد.
وهو مبلغ عظيم في حجمه وفي نسبته لدخل الدولة فالضائع أكثر من نصف مجموع ما دخل على الدولة.
وأما التأكد من وجد الخلل، خارج هذه السنوات، فلننظر في عام 2009م ، فهو آنسب الاعوام لان فيه اعظم نكسة في دخل النفط. فقد نقص دخل النفط 118٪ نسبة لنقصان 2015م أي نقص بمقدار 82 مليار ريال أكثر من نقصانه عام 2015. فقد بلغ النقص في عام 2009 مبلغ 549 مليار حسب سجلات المالية ، بينما بلغ نقص دخل النفط 467 مليار ريال في 2015 . ومع ذلك لم تنقص الاحتياطيات في 2009 إلا بنسبة 28٪ مما نقصت في 2015. أي 131 مليار ريال نقصان في الاحتياطيات عام 2009 مقابل 435 مليار ريال نقصان الاحتياطيات في 2015 . بالإضافه أنه قد سُدد في 2009 مع ذلك من الدين نحو عشر مليارات ريال، بينما استدنا عشر اضعاف ذلك في 2015 ، و استهلكنا أربع اضعاف ما استهلكه انهيار دخل النفط 2009 .
والخلاصة من نظرتنا لعام 2009 :
المشاهدة: نقصان دخل النفط في 2015 كان أقل اقل من نقصان 2009 .
الإجراء الذي حصل : أن جميع نقصان دخل النفط في عام 2015 عن سنوات طفرة النفط، قدم تم تعويضه من الاحتياطيات والاستدانة . بينما لم يعوض إلا أقل من 20٪ من النقصان الذي حصل عام 2009.
الأثر: سبب انهيار النفط في 2015 شللا شبه تام على البلاد والعباد رغم تعويضه بالسحب من الاحتياطيات، بينما لم يغير ذلك شيئا على الانفاق في 2009.
. النتيجة : ان عام 2015 كان أكبر الأعوام على الإطلاق في الدخل الحكومي، ولكن كان الأضعف والأقل انفاقا على الإطلاق. والتسعة اشهر المنصرمة قريبة من نفس الحكم على عام 2015 .
ومقارنة أخرى بعكس عام 2009 . فلم يحدث قط أن يصل ما دخل حقيقة لخزينة الدولة إلى حد ما تم انفاقه في عام 2015 في أي ميزانية أبدا.
فأكبر إيرادات نفطية دخلت على الحكومة، كانت في الأعوام 2011 و2012 و2013. حيث انها تجاوزت الترليون بمائة وبمائتي مليار ريال في كل سنة. ولكن قد تم تحويل ثلثها للاحتياطيات وسداد دين التسعينات. مما يجعل الدخل الفعلي على الخزينة لأي سنة من سنوات طفرة النفط لا يتجاوز 68٪ من دخل عام 2015. فمثلا عام 2012 يمثل اعظم سنة في إيرادات النفط. (فقد بلغ مجموع الإيرادات النفطية والغير نفطية 1.25 ترليون ريال اطرح منها 51.6 مليار ريال سداد دين التسعينات ثم اطرح 422 مليار ريال قد استودع في الاحتياطيات، مما يبقى فقط 773.6 مليار ريال لصرف عام 2012 أعظم عام في الإيرادات. فإذا قارنتها بعام 2015
(مجموع إيرادات الدولة النفطية والغير نفطية 616 مليار ريال سعودي + 98 مليار استدانة + سحب من الاحتياطيات 435 مليار ريال سعودي = 1.149 ترليون ريال سعودي دخل فعلي لعام 2015)
ولو قارنا طريقتنا السابقة في تحديد ما دخل على خزينة الدولة ثم طرحناه من الأرقام الفعلية للمصروفات للأعوام 2010 -2015 لوجدنا أن هناك فائضا عن المصروفات في الدخل بأكثر من مائة مليار في كل سنة من سنوات الطفرة الذهبية بينما نجد عجزا بأكثر من 170 مليار عن المصروفات الفعلية التي أعلنتها وزارة المالية لعام 2015 م.
فلا شك أن الأرقام كافية بإعطاء صورة مروعة، قد وصلت حدا من الضخامة، يبتلع أي مصرف أو متسرب للأموال يمكن أن يُتعذر به.
فكيف إن أضفنا إلى ذلك أننا نعرف أن سنوات الطفرة قد أتت الاقتصاد السعودي بعد استهلاكه 20 عاما في السنوات العجاف. فقيمة بنية اقتصادنا التحتية محاسبيا كانت تساوي صفرا تقريبا عام 2005 ، لأنها قد اُستُهلِكت في سنوات انهيار النفط في العقدين السابقة. فحصل التوسع في الإنفاق لتعويض العقدين العجاف، وتُوسِع في البناء والمشاريع وجاء معه هدر الفساد حصاد عقوبة الجهل وأثر المحاباة و دفعت البلاد كلفة الترزيز لغير المؤهلين في المناصب واللجان.
فأين الهدر المالي الذي ذكره معالي الوزير المستشار محمد أل الشيخ، وأدعى انه ضبطه. فأي الهدرين أعظم وأخطر و أكثر غموضا. هدر مشاريع سنوات طفرة النفط ام الهدر الغامض للثمانية عشر شهرا التي بعدها والتي يفتخر آل الشيخ بانه قد ضبط الهدر الان، بل وأنه قد انقذ البلاد من انكسار وانكشاف كامل بعد ثلاثة اشهر من الان. فحسب قوله في بلومبرغ: " Saudi Arabia would have gone “completely broke” within just two years, by early 2017, Al-Sheikh says." لولا أنه استدرك الهدر.
بل الصحيح انه لو استدرك الهدر دون فقط المساس بالمشاريع التنموية وعدم ايقاف الابتعاث ولم توضع ضرائب ولم يشعر الناس بأي تقشف ، لما لجأنا لسحب ريال واحد من الاحتياطيات بل لأضفنا للاحتياطيات ، فقط لو كان استدراك الهدر صحيحا.الفمتوسط الانفاق في السنوات الذهبية بعد طرح الهدر منه يبلغ تقريبا 450 مليار سنويا، ودخل النفط على سواء مستوى 2015 و 2016 فقط كاف لتغطيته. ثم نضع 150 مليار ريال عائدات غير نفطية كفوائض في الاحتياطيات.
يا معالي الوزير المستشار لو لم نبع برميلا واحدا، مع المواصلة على نفس مستوى انفاق سنوات الطفرة الخمس الذهبية مع وقف الهدر، لكفتنا الاحتياطيات 10 سنوات، لا كما زعم انها ستنتهي وننكشف بعد ثلاثة اشهر من الان. فقد كانت الاحتياطيات أكثر من 2.7 ترليون في نهاية 2014 . ومتوسط انفاق سنوات الطفرة الذهبية دون هدر وبطرح العائدات الغير نفطية قد بلغ 250 مليار ريال.
يا معالي الوزير انهار النفط عام 1985 تقريبا وكانت الاحتياطيات نحو 100 مليار ريال ورجع النفط عام 2015 والاحتياطيات كانت 314 مليار ريال بنهاية 2014. وتحملنا دين انتهي ب 610 مليار ريال بنهاية 2014 . أي أن انهيار النفط 20 لم يخسرنا إلا 400 مليار ريال ، بمعدل مليار ونصف شهريا. فما بالك تفخر بثمانية عشر شهرا كان يُفقد فيها بطريقة غامضة أكثر من 61 مليار شهريا.
ودعونا لنحاول أن نجد العذر ونكشف سر الغموض. فهل حرب اليمن سببا في ذلك. لا ليست سببا في ذلك ولا تشكل شيئا من الإنفاق. فلننظر حسابات الخبراء الرسميين. ثم لننظر لحرب الخليج عام 1991.
ففي مارس 2015 نقلت رويتر عن خبراء بريطانيين أن كلفة الطلعات الجوية في حرب اليمن بمعدل 100 طلعة شهريا ستكلف 175 مليون دولار ، أي نحو عشر مليارات ريال في 15 شهر.
بينما حسب خبراء فرنسيون رسميون كلفة الشهر ب 90 مليون دولار أي نحو خمس مليارات ريال إلى الأن، وكلفة تدخل بري لو حدث، لمدة ستة أشهر بأكثر من نصف مليار دولار، أي ما كلفته خمس مليارات ريال للحملة الجوية مدة 15 عشهرا مع كلفة حملة برية لمدة 6 اشهر لا سمح الله.
ولنقل أن هناك ما لا نعلمه، فلنضاعف الكلفة المتوقعة ، ولنعتمد حسبة البريطانيين المرتفعة ، فهذا يعني 20 مليار ريال سعودي كلفة حرب اليمن، على أعلى التوقعات بعد مضاعفتها، فأين هذا مع ترليون وتسعمائة مليار ريال دخلت على الخزينة، ضاع منها اكثر من ترليون ريال لا نعلم اين صرفت في 18 شهرا.
‏http://www.reuters.com/article/us-yemen-security-saudi-cost-idUSKBN0MR1KZ20150331
وحرب الخليج قد كلفت حسب وزارة الدفاع الأمريكية مبلغ 61 مليار دولار، تحملت دول الخليج 36 مليار منها، فلنقل اننا تحملنا ثلثيها، فهذه سبعين مليار ريال تقريبا. وحرب اليمن لا تقارن بحرب الخليج على الاطلاق.
‏http://www.cnn.com/2013/09/15/world/meast/gulf-war-fast-facts/
. قومي فدعي عنك الخمول، يانزاهة. قومي فابحثي وأخبري الوزراء بعظم جلل الخسارة. واديني وازارتهم بفساد الجهل وسوء الإدارة، بالأدلة القاطعة. فالجهل المركب والفساد الإدراي هو ما جعلنا نرضى بأن نسمن من اكل طعام غيرنا. فنصف قرن من النفط قدم لنا طعاما فاخرا وسلب منا عقولا وحلوما، فيا ليت شعري من منا يدرك فداحة الخسارة. فأنى أن يجتمع عقل وتخمة، وهل يحمل الهم من لا يدرك المصيبة؟.
فهذه القصة الصحيحة مع تبعياتها للاحتياطيات ، لا رواية ال الشيخ. وإني إذ أرفع التقرير لنظر ولي الأمر فيه، إنما باعتقاد مني أنه يحض السعوديين على تبيين الحقائق بالأدلة ودون مبالغة ولا تهويل.
وقد تأكدت من صحة اعتقادي برغبة ولي في ابداء المواطنين للرأي وبيان ما قد يخفى عليه.
تأكدت من ذلك بتأجيل هذا المقال عدة أيام لكي أتراجع عن نشره إذا ما وجدت أن عدم النشر هو رغبة ولي الامر، كإيحاء من الديوان أو نحو ذلك.
فلما لما أجد شيئا من هذا، تأكدت أن رغبة ولي الأمر هي ان ينشر كل بيان حقيقة مدعم بالأدلة.
فأسال الله أن يكون جهدي هذا نافعا وأن يحظى برضا ولي الامر على ما فيه من تقصير، واسال الله التوفيق والسداد لولي أمر بلادنا ، وأن يسخر له الرجال الصادقون الإكفاء وأن يحميه بلطف منه وقدرة إنه لطيف قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.