- متابعات سميت اليمنية رضية المتوكل واحدة من أكثر الأشخاص تأثيرا في العالم بفضل شجاعتها وعملها في زمن الحروب - ومع ذلك فهي لا تمتلك الجرأة على إنجاب طفل في اليمن. حرب صعدة الأولى عام 2004 كشفت لرضية الطريق الذي كرست حياتها من أجله: توثيق الانتهاكات بحق الناس، خاصة أثناء الحرب. تلك الحرب كانت الأولى فقط، تلتها خمس جولات من المعارك بين قوات حكومة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة أنصار الله (المعروفة باسم الحوثيين)، وحملة عسكرية على اليمن تقودها السعودية ضد الحوثيين، بدأت في مارس/آذار 2015، ولم تنته. "إنجاب طفل (في اليمن) مغامرة"، تقول رضية عبر اتصال على واتساب. "سعيدة أنه ليس لدي طفل أخاف عليه من أن يكون قتيلا، أو أخاف عليه من نظرة خوف في عينيه - هذه النظرة تقتل. وللأسف هذا ما يشاهده اليمنيون في عيون أطفالهم". تعلم رضية، التي سميت من قبل مجلة تايم الشهيرة كواحدة من بين 100 شخص مؤثر في العالم، أن تأثير عملها غير مباشر وبعيد الأمد، ومع ذلك لم تتوقف؛ فهي توثق ما يحدث ليكون "ذاكرة حقوقية لتحقيق العدالة" يوما ما. على القائمة ذاتها اسما رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن وميشيل أوباما. علمتها الحروب التي شهدتها أنه "لا نتيجة أبدا من العنف"، لذا فهي ومنذ نحو عام تجوب عدة دول في حملة مناصرة تلتقي فيها بصناع قرار لطرح رؤيتها في كيفية التوصل إلى حل، وتردد دائما: "اليمن ليس جائعا، بل تم تجويعه، الحرب على اليمن ليست منسية بس يتم تجاهلها عمدا". كانت في زيارة لأمريكا عندما تحدثت معها قرابة الساعة - سألتها عن شعورها وهي ترى اسم نائب وزير الدفاع الإماراتي، محمد بن زايد، الذي تشارك بلاده في الحرب الدائرة في اليمن، على القائمة ذاتها. أجابتني فورا: "كنت أحدث نفسي بأن القائمة تتحدث عن مؤثرين، والتأثير قد يكون سلبا أو إيجابا. محمد بن زايد ساهم في تدمير اليمن وهذا تأثير كبير جدا". على مدار أربع سنوات، قتل نحو 10 آلاف شخص في اليمن، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، في حين تضع جماعات حقوق الإنسان حصيلة أعلى لضحايا الحرب. ووجهت منظمات دولية اتهامات إلى قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وإلى الحوثيين بارتكاب أفعال يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وأدرجت الأممالمتحدة قوات التحالف على القائمة السوداء لقتله وتشويهه الأطفال. ويقول التحالف إنه تدخل في اليمن لدعم شرعية حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، كما يرفض عادة تقارير المنظمات الحقوقية. منظمة "مواطنة" درست رضية، ذات ال 43 عاما، في جامعة صنعاء الإعلام، ثم العلوم السياسية وتخصصت في الدراسات النسوية، وعملت لفترة مع جهة حكومية مهتمة بأوضاع المرأة، لكنها قررت التحول إلى العمل الحقوقي. "رأيت أثناء حرب صعدة الأولى أسوأ أنواع الانتهاكات كالاعتقالات، والقتل والدمار. استفزتني الحرب فأخذت أكتب عنها في وسائل الإعلام، فبدأت عائلات المعتقلين والمختفين قسريا تزورني وتحكي لي، حتى انخرطت في العمل الميداني الحقوقي. وعلقت فيه". عام 2006 التقت رضية بعبد الرشيد الفيقه، وبعدها بعام أسسا منظمة اسمياها "مواطنة"، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية رفضت حينها توثيق المنظمة. "لو عملتو فرقة رقص لن نعطيكم تصريح"، هكذا قالوا لهما. تزوجت رضية وعبد الرشيد عام 2010، وبقي فريقهما مقتصرا عليهما فقط، وأخذا يتعاونان مع عدد من المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش. شاركا في ثورة عام 2011 ضد حكومة الرئيس السابق علي عبدالله صالح - لا كثوار بل كحقوقيين؛ إذ لم يعجبهما كثيرا مما رأياه من "تغيرات" في مسار الثورة. عن تلك التحولات، تشرح رضية، أنه حدثت حالات استقطاب حادة في الثورة، وسقط جزء كبير من النخبة في لعبة الاستقطاب السياسي تلك، كما وقعت انتهاكات داخل ساحات المظاهرات، وأصبح التركيز على فكرة "التخلص أولا من الرئيس، بدلا من فكرة تغيير النظام الفاسد كله". تمكنا من إشهار المنظمة عام 2013 وكونا فريقا، وصل عدد أفراده اليوم إلى 71 شخصا، يعد تقاريرا عن انتهاكات الحرب في 20 محافظة بعد إجراء المقابلات والتحقق مما جرى. "منظمة مواطنة إنجاز كبير جدا؛ فليس من السهل أن تنشأ منظمة حقوقية تنافس في مهنيتها وأدائها وقوتها المنظمات الدولية في فترة صعبة كالفترة التي يمر بها اليمن". تعرضت رضية ورشيد لحملات تحريض وكراهية، ويتهمان بأنهما عملاء للحوثيين (خاصة وأن عائلة رضية تنحدر من جماعة الحوثيين)، وقرارهما البقاء في صنعاء لم يكن سهلا فهما يعيشان "في وضع مجنون وسط مجموعات مسلحة"، حيث يتوقع "أن يحدث أي شيء"، كما تقول رضية. نقلاً عن موقع bbc