في تعز تسكن الثقافة وفي تعز يتقد الفكر وفي تعز يتنور العقل وفي تعز ينمو الوعي وفي تعز يتلألأ الوجدان وفي تعز يزدهر كل شيء جميل فيها تاريخياً وحضارياً وثقافياً وثورياً وسياسياً.. وطبيعة تعز طبيعة ساحرة وجاذبة بجوها وأرضها وسهولها ووديانها وجبالها ومواقعها الأثرية وأسواقها الشعبية وطبيعة تعز طبيعة خصبة لولادة حقيقية للإبداع والمبدعين وللثقافة والمثقفين وللفكر والمفكرين وللعلم والعلماء ولولادة حقيقية لرجال ونساء قادرين على الإضافة وخلق التميز على كافة المستويات والمجالات المختلفة وطبيعة تعز طبيعة فريدة تؤصل وتؤسس لمشروع ثقافي كبير وواسع ورائع يشع في سماء الوطن الحبيب ويبلغ صداه في أرجاء المعمورة من أقصى صعدة إلى أقصى المهرة.. وإذا كان قد تم الإعلان عن تعز عاصمة للثقافة اليمنية ففي ذلك حديث منقوش بالعقيق والذهب عن طبيعة تعز الساحرة التي تشكل أرضية خصبة لهذا الحدث الرائع فتينع ثماره الزكية وفقاً لتلك الطبيعة والخصوبة وعن ما تتمتع به تعز من صفات ومميزات خلاقة قادرة على جعل هذا الحديث أن يكون أكبر من حجمه وأكبر من تصور الآخرين له، وعن ما تمتلكه تعز من مقومات تجعلها حاضنة حقيقية لهذا الحدث العملاق فتظهره في أبهى صوره يتغنى بها المواطنون على امتداد رقعة الوطن الأغر. وكما قال الأخ وزير الثقافة في لقاء معه في صحيفة »الجمهورية« يوم الثلاثاء 9/10/2012م إن القرار لم يأت بشيء سوى تقرير حقيقة أن تعز عاصمة ثقافية لليمن ويؤكد هذه الحقيقة ويعطيها معناها الطبيعي . فمنذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وقيام الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م كثر الحديث عن تعز عاصمة للثقافة اليمنية ولكن الأمر لم يخرج عن كونه حديثاً أو إعلاناً وحسب علمي أنه لم يصدر قرار في ذلك. إلا أن ذلك الحديث وذلك الإعلان عن تعز عاصمة للثقافة اليمنية وعلى امتداد الفترة منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية قد أثار الشجون واللهفة لدى المواطنين ولا سيما في محافظة تعز فطال الانتظار والترقب لهذا الحدث فكادت الأحلام أن تتبخر لولا الأمل الذي ما زال يشع في الأعماق حتى جاء الخبر اليقين يوم الثلاثاء 18/9/2012م عندما أقرت الحكومة في اجتماعها اعتماد محافظة تعز عاصمة للثقافة اليمنية وسيعطي هذا الحدث الهام الصفة الرسمية عند صدور القرار الجمهوري بذلك وحتى صدور القرار الجمهوري سيدخل هذا الحدث حيز التنفيذ وسيتم تدشين تعز عاصمة للثقافة اليمنية في شهر فبراير 2013م كما قال الأخ وزير الثقافة في ذلك اللقاء ولأن تعز عاصمة للثقافة اليمنية فالأمر لا يعني إقامة الفعاليات والأنشطة الثقافية المختلفة فهو أبعد وأكبر من ذلك لذا أقف عند هذا الحدث من خلال طرح بعض النقاط: 1 البنية التحتية: لا يمكن لتعز أن تكون عاصمة للثقافة اليمنية ما لم تكن هناك بنية تحتية متينة وقوية مخصصة لهذا الشأن وقد تحدث الأخ وزير الثقافة عن بعضها في ذلك اللقاء.. من هذه البنية التحتية تحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل ومنها تحتاج إلى تعديل وإضافة ومنها تحتاج إلى إنشاء من جديد وعندما أتحدث عن البنية التحتية لا أتحدث عن المعمار أو البناء فقط بل أتحدث عنه وعن غيره التي تعد من أساسيات البنية التحتية فمن هذا النوع الأخير مثلاً: فرقة موسيقية مكتملة الأدوات الموسيقية.. ففي تعز لا توجد هذه الفرقة ولا يوجد عازفون لمختلف الآلات الموسيقية ولم يتم تأهيلهم وتوظيفهم.. لا توجد فرقة إنشاد لإحياء التراث في هذا الجانب.. لا توجد فرقة للرقص الشعبي تعبر عن الموروث ، لا توجد فرق مسرحية رغم وجود الممثلين.. عدم وجود المنتديات الثقافية والأندية والمراكز الثقافية باستثناء مركز واحد لا يعمل .. في تعز مؤسسة ثقافية واحدة وهي مؤسسة السعيد ويفترض أن تكون هناك أكثر من مؤسسة.. وغير ذلك. وعلى مستوى المعمار والبناء.. دور السينماء اندثرت باستثناء سينما واحدة غير مؤهلة والمسرح المؤهل والمجهز ليكون مسرحاً غير موجود عدم وجود الصالات المؤهلة لتكون معارض للفنون أو الكتاب أو غيره وكثير من هذه الأشياء. وليس المطلوب أن يتم إنشاء البنية التحتية في يوم وليلة ولكن على الأقل لا بد من وجود سقف زمني ممتد من خمس إلى عشر سنوات لاستكمال إنشاء البنية التحتية أو معظمها على الأقل. 2 الامكانيات: أقصد بها هنا الإمكانيات المالية فمشروع بهذا الحجم يحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة وكبيرة جداً وإذا أردنا مشروعاً كهذا وإنجاحه فلا يهمنا المال فالمال موظف لهذا المشروع وجميل أن الأخ وزير الثقافة قد أشار في تلك المقابلة إلى وجود سعي لإنشاء صندوق للإعمار الثقافي في المدينة إلا أن هذا وحده لا يكفي فإلى جانب ذلك لا بد من أن الحكومة ترصد موازنة كبيرة سنوياً لهذا المشروع على أن الإمكانيات المالية التي نتحدث عنها لا تقتصر على الإعمار وإنشاء البنية التحتية بل تمتد إلى دعم الفعاليات والأنشطة الثقافية المختلفة. 3 التخطيط والبرمجة: مشروع بهذا الحجم يحتاج إلى تخطيط سليم وبرمجة دقيقة يتناولان المشروع من كل جانب لذا أقترح إلى تشكيل لجنة برئاسة محافظ المحافظة مشكلة من الأكاديميين والمفكرين والمثقفين والمبدعين والمتخصصين ليقوموا بهذه المهمة بصورة متناهية الدقة خاصة أن الأمر لا يتعلق بيوم أو يومين أو سنة بل يتعلق بعمر ممتد إلى أن يشاء الله. 4 القطاع الخاص: لإنجاح مثل هذ الحدث أو هذا المشروع فلا بد من أن يكون القطاع الخاص شريكاً فعلياً وفاعلاً في هذا الحديث وألا يقف دورهم عند تقديم التبرعات والهبات بل يمتد إلى أكثر من ذلك فيتم تشجيعهم ليقوموا بعملية الاستثمار في قطاع الثقافة في ظل تعز عاصمة للثقافة اليمنية ويتم تقديم كافة التسهيلات لهم لتنفيذ ذلك مثلاً المسرح.. فالمسرح لن تقوم له قائمة في بلادنا إلا في ظل القطاع الخاص فنجاح المسرح في مصر سببه القطاع الخاص وما نجاح مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة هذا النجاح الباهر والرائع في تعز إلا لأن وراءها القطاع الخاص وهكذا فلا بد من الاستفادة من القطاع الخاص واستثماره الاستثمار الجيد. 5 بما أن تعز عاصمة للثقافة اليمنية فليست تعز عاصمة لنفسها بل للوطن كله فالمسؤولية كبيرة وكبيرة جداً والمسؤولية هنا مشتركة فالمسؤولية ليست منوطة بقيادة محافظة تعز وإن وقع العبء الأكبر عليها فهناك جهات مشتركة بالمسؤولية فالدولة مسؤولة والحكومة مسؤولة والوزارات المعنية مسؤولة فعلى كل جهة أن تقوم بمسؤوليتها بصورة كاملة وبمنتهى الصدق والأمانة فالمسؤولية هنا تعد مسؤولية تاريخية ووطنية وتعز في هذا الحدث لا تمثل نفسها وإنما الوطن كله. عموماً أنا متفائل بنجاح هذا الحدث رغم صعوبته ومبعث هذا التفاؤل اهتمام القيادة السياسية ممثلة بالمناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة واهتمام الحكومة بهذا الحدث وإصدار القرار وما يزيد من هذا التفاؤل أن هذا الحدث قد جاء في عهد الأستاذ شوقي أحمد هائل محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي لامتلاكه كامل المقومات لإنجاح هذا الحدث إضافة إلى ذلك ما فيه من طموح وحماس إزاء هذا الحدث وهو تعز عاصمة للثقافة اليمنية وقد أخذه الطموح والحماس أبعد من ذلك عندما صرح في أحد خطاباته بأنه سيجعل من تعز عاصمة للثقافة والرياضة اليمنية.