تحدثت صحيفة أميركية عن دوائر مشاورات تخوضها عدد من الدول الغربية والعربية بشأن اليمن بقيادة واشنطنوموسكووبرلين.
ونشرت صحيفة المونيتور الأميركيَّة تقريراً عن مصادر مطلعة في 28 ابريل الماضي يفيد أن الولاياتالمتحدة الأميركيَّة ترعى مشاورات مشتركة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية من أجل تجنب معركة طاحنة لتحرير محافظة وميناء الحديدة، غربي اليمن.
وتشير المشاورات إلى تسليم الحوثيين للميناء والمحافظة إما إلى الأممالمتحدة أو الحكومة الشرعية كبادرة حسن نوايا لاتفاق أشمل، بما يضمن ألا يكون هناك تهريب للأسلحة عبره وضمان وصول المواد للمستثمرين والتجار.
وفي تعليقه على تلك المعلومات.. قال السفير الأميركي السابق في اليمن جيرالد فايرستاين "يبدو أن الناس يتراجعون عن فكرة العملية العسكرية".
وعلق على موقف السعوديين "إنهم يفكرون بشكل خلاّق أكثر بشأن كيفية تحقيق هذا الهدف دون الاضطرار إلى اللجوء ل(الحلول) العسكرية ".
وأضاف الددبلوماسي الأميركي، "ربما يحصلون (يعني السعوديين) على بعض الإشارات الإيجابية من الحوثيين، من حيث أنهم قد يقبلون بالتسوية هنا للخروج من المأزق الحاصل والسماح للمساعدات الإنسانية أن تتواصل".
يعتقد السفير السابق- في مقال كتبه في صحيفة دفينيس ون-بعد ذلك بأيام (2مايو/ آيار)- أن اليمن هي مفتاح المواجهة مع إيران، وأن تحرير الميناء الاستراتيجي من الحوثيين بأي طريقة هي وقف لزيادة النفوذ الإيراني في البلاد. مشيراً إلى اقتراح نقل السيطرة على الميناء الاستراتيجي، موضحاً أن حكومة هادي اليمنية، جنباً إلى جنب مع السعوديين والإماراتيين، تظهر استعدادها لقبول نقل سلمي للمدينة والميناء إلى طرف ثالث محايد. وسيكون هذا الطرف مسؤولا عن إصلاح مرافق الموانئ المتضررة، والسماح بالوصول غير المقيد لمنظمات الإغاثة الإنسانية، وضمان عدم استخدام الميناء لتهريب الأسلحة. وهناك دلائل مشجعة على أن المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق قد توافق على هذا الاقتراح.
وقال إن بإمكان سلطنة عُمان أن تكون جزءاً من العملية التي تضغط على الحوثيين من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، المرّجوة، والتي يعتقد فريستاين أن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف لنقل السيطرة على الميناء إلى طرف محايد قد يثير العودة إلى المفاوضات التي تقودها الأممالمتحدة.
ويعتقد السفير السابق أن اتفاقاً مرتقباً بشأن ذلك قد يكون قبل أسابيع قليلة من شهر رمضان المبارك، الذي قد يوافق يوم (27 مايو/آيار).
لكن يبدو الوصول إلى هذه النقطة أيضاً بحاجة إلى المزيد من الثقة بين الأطراف فيما لا يتوقع أن يقبل الحوثيون بإخراج ميناء الحديدة عن دائرة نفوذهم.
وأضاف التقرير إن هناك دائرة مشاورات ثانية تخوضها "موسكو" والإمارات العربية المتحدة وشخصيات محسوبة على الرئيس اليمني السابق/ علي عبدالله صالح، وكان معهد أميركان أنتربرايز أول من تحدث بتلك المشاورات.
ولا يبدو أن الرياض أو الأممالمتحدة لها علاقة بهذه المشاورات أو على إطلاع على تفاصيلها، كما أن الحكومة اليمنية مُغيبة فعلياً. وتحاول موسكو أن تبحث عن دور أكبر لها في اليمن من خلالها، وبما يضمن وقف التهديد الإيراني للبلاد، لكن المعهد الأميركي لم يُشر إلى التفاصيل في تلك المشاورات، إلا أن مركز "ذا اتلانتك كاونسل" للدراسات نشر تقريراً معمقاً عن العلاقات الروسية-الإماراتية، ويشير إلى أن "أبوظبي تسعى بشكل كبير لدى الروس للتسويق بأن يصبح رئيس الوزراء اليمني الأسبق "محمد سالم باسندوة" ليكون الرئيس المقبل لليمن".
وتشير هذه المشاورات إلى تمكين موسكو من انخراط أكبر في اليمن عبر تقديم مبادرة تحفظ أمن الحدود السعودية وتضغط من أجل وقف التدخل الإيراني في اليمن، مقابل حكومة انتقالية يُسلم لها الحوثيون السلاح. وتبدو هذه الرؤية مقاربة بشكل كبير للرؤية التي قدمها تحالف الرئيس اليمني السابق مع الحوثيين بشأن الحل في البلاد والتي تهدف إلى إنهاء الشرعية اليمنية في أغسطس الماضي ورُفضت حينها.
يقول ذا اتلانتك كاونسل إن "أبوظبي تسعى لأن يكون باسندوة رئيساً للبلاد لأنها ستتمكن من تنفيذ أهدافها في البلاد. .
إلى ذلك زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المملكة العربية السعودية والإمارات الأسبوع الماضي، وتحدثت عن إحلال السلام في اليمن وفق خطوط تحدثت مع قيادات البلدين بشأنها، ولهذه الخيوط جذور-كما تُعرف عادة السياسة الألمانية- والتي هي مبادرة لم تكتمل ملامحها في ذلك الوقت ولكن يبدو أن بدء المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ جولته الخليجية من أجل المشاورات من الرياض كانت تدور في ذلك الموضوع.
وتقول مصادر دبلوماسية ل"يمن مونيتور" إن برلين تحتضن لقاءات فردية برعاية إسماعيل ولد الشيخ والخارجية الألمانية منذ مارس/ آذار الماضي حيث يلتقي مسؤولون في الحكومة الشرعية مع دبلوماسيين ألمان وكذلك حوثيين وموالين ل"علي عبدالله صالح" إلى جانب فريق "الطريق الثالث" والذي يتضمن مسؤولين حكوميين سابقين -أغلبهم من الموالين للرئيس السابق- وتهدف إلى إنعاش "مبادرة كيري" مع بعض الترميمات.
كانت برلين قد أعلنت عن لقاءات ستعقد لحل الأزمة اليمنية في منتصف مارس/ آذار الماضي، بعد حديث عن مبادرة ألمانية.
الدبلوماسيون يشيرون إلى أن هناك ضغوطاً من سفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى اليمن من أجل التوصل إلى تسويه، كما أن سفيرة الاتحاد الأوروبي على إطلاع تام بما يدور في تلك المشاورات.
ولا تملك برلين طموحاً توسعياً كما هو الأمر لدى روسياوالولاياتالمتحدة الأميركيَّة، وبَعملٍ دؤوب تعتقد أنها ستحقق نجاحاً في اختراق حالة الجمود التي تصيب المشهد السياسي اليمني مقابل التحشيد العسكري المستمر في جبهات القتال.