الذئاب التي لا تزيف نفسها، الذئاب التي لا تتقمص شخصية غير شخصيتها، الذئاب التي لا ترتدي جلوداً غير جلودها، الذئاب التي تتصرف على سجيتها وعلى طبيعتها، وتظهر أمامنا وأمام الرعيان على حقيقتها. ذئاب تستحق منا ومن كل الرعيان أن نحترمها ونقدرها، وليس هناك ما يمنع من أن نغفر لها، ونسامحها، ونرقص معها، حتى لو كانت قد هاجمت قطعاننا، وافترست حملاننا، وألحقت بنا خسائر كبيرة وفادحة. أما الذئاب التي تزيف نفسها، الذئاب التي تتقمص شخصية غير شخصيتها، الذئاب التي ترتدي جلود الحملان، اعتقاداً منها بأنها بذلك تخدع الرعيان وتفوز بالحملان. فهي ذئاب في غاية الانحطاط. ومثل هذه الذئاب التي تحاول في لحظة ما أن تلعب دوراً غير دورها، وأن تظهر على غير حقيقتها تستحق منا الازدراء والاحتقار. الذئب ذئب، ويجب أن يبقى ذئباً، ويظهر كذئب، وهو بمقدار ما يتصرف كذئب، ينال احترام الأعداء من الرعيان، وقد تتسامح معه الحملان، كونه ذئباً متصالحاً مع نفسه. أما أن يتخفى ويتنكر بثياب حمل بهدف التسلل إلى القطيع فإنه بذلك لا يستحق الاحتقار والازدراء فقط وإنما يستحق أن يعاقب بتهمة انتحال شخصية غير شخصيته. ذئاب كثيرة ارتدت ثياب الحمل، وخدعت الرعيان، واندست بين القطعان الهائجة، مستغلة لحظة الهيجان. كان الذئب يقنع الرعيان بأنه حمل وديع، وأنه جاء لحماية القطيع من الذئاب.. وقد انطلت الحيلة على الرعيان وعلى الحملان، فكان أن راحت الحملان المخدوعة ترقص بفرح مع الذئاب معتقدة أنها أنبياء بعثتها السماء إليها لتخلصها من العذاب. يقول السيد المسيح محذراً: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة، من ثمارهم تعرفونهم" إنجيل متى، الإصحاح السابع – 15-16-