العالم دائماً مندهش من إنجازاتنا , ومن منعطفاتنا, ودائماً ما يفاجأ بقدرتنا على إدهاشه وإبقائه في حالة من الدهشة . هو لا يندهش من حروبنا , ومن صراعاتنا ونزاعاتنا الدموية اليومية ..ابداً لا تدهشه الحروب ولا النزاعات ,لا الاغتيالات والاختطافات , لا الفقر ولا الجوع ,ولا النكبات التي تحل بنا كشعب . فقط , هو يندهش دوماً للانجازات التي تحققها أحزابنا وحكوماتنا وقياداتنا السياسية . يندهش للمنعطفات التاريخية التي نمر بها وما أكثرها !. صحيح بأن المنعطفات التاريخية السابقة كانت كلها مدهشة وأدهشت العالم، لكن العالم كان أكثر اندهاشاً من المنعطف التاريخي الجديد.. منعطف الحوار الوطني .. منعطف موفنبيك . غير أن أكثر ما أدهش العالم هو أن الموفنبيكيين عندما سمعوا بنبأ اغتيال زميلهم عضو مؤتمر الحوار الدكتور أحمد شرف الدين لم يتوقفوا أمام دم زميلهم.. أدهشه أنهم لم يتريثوا , ولم يترددوا , ولم يخافوا ,ولم يؤجلوا جلستهم وفاءً أو حداداً على زميل لهم شاركهم في الجلسات والنقاشات وفي صياغة وثيقة الحوار, وإنما حرصاً منهم على نجاح الحوار أظهروا شجاعة أكثر من شجاعة قاتل زميلهم وكانوا أسرع منه . هذا هو ما أدهش العالم ..أندهش لكونهم واصلوا اجتماعهم وعقدوا جلستهم الختامية فوق بركة من دم زميلهم , وكتبوا وثيقتهم بحبر دمه , ثم سارعوا ليعلنوا للعالم نجاحهم وانتصارهم على قوى الشر. ولو أنهم تريثوا وتواضعوا أمام الموت وأجلوا جلستهم ليومٍ أو لساعات لما اندهش العالم كل هذه الدهشة . لقد أراد قتلة الدكتور أحمد شرف الدين أن يدهشوا العالم بجريمتهم, وأن يفشلوا المؤتمر , وأن يقولوا للعالم نحن من نجح وليس الموفنبيكيون . لكن الموفنبيكيين كانوا أذكى من القتلة وأسرع منهم.. تجاهلوا جثة زميلهم وقفزوا فوقها وفوق دمه وهرولوا باتجاه الميكرفونات وقالوا للعالم : لقد نجحنا .