البيان الأخير لتنظيم القاعدة تضمن هجوما على النظام السابق، فمن ذكره بالنظام السابق الذي كان قد نسيه؟ وفي البيان أن الرئيس هادي سرق الثورة الشبابية الشعبية ضد سلفه صالح والتف عليها، وسلم أجزاء كبيرة من البلاد لجماعة الحوثي.. وفيه هجوم على الرئيس هادي لأنه لم يوجه الجيش لمقاتلة الحوثيين في صعدة وعمران وحجة وأرحب وغيرها، إذ إن الجيش لا ينبغي أن يكون محايدا ها هنا.. وفيه هجوم على الجيش اليمني، وأنه عميل ومتآمر.. وفيه أن الحرب على الإرهاب في شبوة وأبين تشن بناء على أوامر أمريكية، وذلك بعد زيارة وزير الدفاع ومسئولين عسكريين للولايات المتحدةالأمريكية.. وفيه أن الحرب على الإرهاب هي حرب على أبناء الشعب المسلم، حيث وضع البيان المسلمين مكان الإرهابيين. سنفترض أن البيان من صياغة تنظيم القاعدة.. فما الفرق بينه وبين ما يقوله إعلام الإصلاح، وشيوخ الإصلاح، وسياسيو الإصلاح؟ هم الأصحاب الأصليون لتلك المفردات والعبارات وما فيها من توجهات، وأهداف.. نفس الهجوم على النظام السابق، ونفس الكلام عن هادي الذي لم يحقق أهداف الثورة الشبابية، والذي لم يحارب الحوثيين، والذي لا يطبق الشريعة، والذي والذي والذي والذي.. كل هذا خرج أولا من مشكاة حزب الإصلاح، ثم تلقفه تنظيم القاعدة وأعاد ترتيبه، وهذا لو افترضنا أن البيان صادر من التنظيم الإرهابي كما قلنا، ولم نفترض أن شيوخ الإصلاح تحديدا تحرجوا في هذا الظرف من الخروج للعلن لمهاجمة الرئيس، والتضامن مع الإرهابيين، وإدانة الحرب على الإرهاب، ففضلوا أن يعبروا عن موقفهم بهذا البيان المنسوب للتنظيم الإرهابي.. لم يتكلم التنظيم يوما عن الحوار، ولا يرغب بالحوار، ومع ذلك تضمن البيان إشارة إلى الوساطة التي تقدم بها رجال دين إصلاحيون وسلفيون، من أجل وقف الحرب الواسعة الأولى على جماعة أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة، كيف تذكروا هذه الوساطة التي نسوها منذ عامين تقريبا؟ لعل أصحابها الحافظون لها أرادوا التذكير بها للتشنيع على الرئيس، وقد سبق أن شنعوا عليه، ولعل التذكير بها، لفت انتباه الرئيس إلى إمكانية الوساطة. وبغض النظر عن أي من الاحتمالات هو الراجح، فالعبرة هنا في وحدة الخطاب، وتوجهاته وأهدافه، فهو يخرج من رأس واحدة.. ولا يختلف الأمر، سواء أكان تنظيم القاعدة أخذه من الإصلاح، أو كان شيوخ الإصلاح قد كتبوه للقاعدة، بحكم أن التنظيم في محنة وليس لديه وقت ليرد على خطاب الرئيس بهذه السرعة.