بعد متابعة لبرامج التوك شو السياسي في عدد من القنوات الفضائية اليمنية خرجت بسؤال: هل من لوازم السياسي والإعلامي أن يشغل نفسه على مدار ظهوره بإثبات أن السياسة لعبة قذرة، وأن العمل الإعلامي مربوط بسياسيين وممولين غارقين في فجور الخصومة.. حول فجور الخصومة وما يرافقها من الكذب تتمنى لو أن هؤلاء يسيرون ولو على منهج كفار قريش الذين لم يمنعهم كفرهم بالإسلام وبدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يعترفوا بصدقه وأمانته. هذا النمط الفاجر في إدارة الصراع السياسي يفسر كيف أن السياسة عندنا صارت عملية شد وجذب بين أطراف لا تتوقف عن تعطيل الحياة ،بدليل أن الشعب كله صار يسأل بعضه كيف تشوف الأمور فيرد البعض الآخر بما يؤكد أن الأمور في اليمن صعبة على القراءة. ولو تأملنا مواقف كثير من السياسيين وموجهي الرأي العام تجاه أهم مفردات الحياة اليمنية فسنقف أمام نتائج تكشف كمّ الأخطاء والمغالطات التي نمارسها إذا لم يكن بوقاحة وفجور فبسذاجة وضحالة دونما استفادة من موروثنا القيمي الحافل بحكايات تقدّس الصدق والمروءة واحتقار الكذب والفجور. هذه الثقافة الانتهازية حولت الوطن إلى مجرد كلمة يستحق من يرددها أن يوصم بالمزايدة بالثوابت الوطنية، وهي حالة مرضية مخيفة تبناها سياسيون بطريقة فجة ضربت في العمق وما تزال. ثابت الوحدة اليمنية هو الآخر تعرّض للكثير من العواصف الاصطناعية أوصلتنا إلى التسليم الانفعالي بحتمية الردة عنها والانشغال بقضايا استعادة الدولة الشطرية وهل يكون الجنوب شطراً واحداً أم شطرين أم ثلاثة ليصيب الفيروس الشطر الآخر بالكثير من الإعاقات -وإن بدت مؤجلة- وكأن وحدة اليمنيين مجرد حالة طارئة أو نزوة عاطفية عابرة وليست حقيقة تاريخية يقينية مرتبطة بالوجود والهوية. وما يزال العوار يتوغل ويتغوّل في ثابت الديمقراطية حيث صار الكلام مخالفاً للفعل وحرية الأحزاب هي في إغفال مصالح البلاد وقهر العباد.. حتى أن قادة أمميين وقوميين اجتهدوا في غسل التاريخ السياسي لأحزابهم السياسية ومواقفها الوحدوية فصارت مجرد اختزال في أشخاص حائرين بين مشية الحمامة ومشية الغراب حيث لا الوحدوية تأتّت ولا الحراكية تحصلت. ولا مبالغة في أنه ليس أسوأ من الفشل الحكومي المروّع إلا أحزاب ومراكز نفوذ انقلبت على كل إشراقات الماضي السري والعلني وسلّمت للإقليمي والدولي كل مفاتيح البيت المتصدع.