ذات حذاء، كانت المسافة لا تنهك الزمن، كان(ميركوري) يجتاز مسافات فلكية شاسعة كما يجتاز أحدنا المسافة بين ركني غرفته، والسر وراء سرعته الفائقة تلك هو حذاؤه المجنح، براقه الخارق الذي أهله بجدارة أن يكون رسول الآلهة. لكن الحذاء الأكثر إثارة هو حذاء (السندريلا) الشهير، فردة حذاء واحدة لا تناسب سوى قدم واحدة، ادعت كل عذراء في البلاد أنها قدمها، لكنها لم تفلح في انتعاله، حتى وصل إلى صاحبته الحسناء المضطهدة التي أخرجت الفردة الأخرى، وانتعلته، ودخلت به قلب الأمير وقصره. هذا الحذاء الشهير يشبه قصته الشهيرة التي ادعت كثير من الشعوب أنها (القصة) جزء من تراثها الأدبي أو الشعبي، بما فيها (ورقة الحناء)في اليمن، ومع وجود القصة في التراث الفرعوني القديم إلا أن فيلما سينمائياً حديثاً يحاول القول بأن الحذاء وصاحبته والقصة برمتها واقعة تاريخية حدثت في عصر النهضة، وأن الفنان الكبير (ليوناردو دافنشي) (1452-1519م) لعب دوراً مهماً في جمع الأمير بصاحبة الحذاء التي أصبحت صاحبة الجلالة، وخلد صورتها في أجمل لوحاته.! بجانب قيمتها الجمالية، الطابع الإنساني للقصة ورسالتها السامية .. منحاها كل هذا الشيوع، فهي إدانة لأولئك الآباء الذين يتجاهلون (أولاد القديمة)، وعبرة بالغة لتلك الخالات اللواتي يضطهدنهم لصالح أولادهن ويعاملنهم باحتقار وازدراء كالأحذية، وهن أولى أن يضربن بالأحذية.! قد لا تدرك أهمية الحذاء، وليس من الضروري أن تصبح فلاحا فقيرا في سوق السياب لتدرك ذلك, يكفي فقط أن تقترب من مجتمعك، لتدرك أن للحذاء قيمه وأبعاده الرمزية والثقافية، الحاضرة بشكل فاعل في مختلف الثقافات، فمن مهامه الشعبية أنه تميمة ناجحة لدفع العيون الحاسدة عن الأشياء المميزة، ومن خصائصه، أن خلعه في دورات المياه يجلب الأرواح الشريرة، وانتعاله في المقابر يقلق سكينة الموتى.. أما في الأحلام فللأحذية دورها في تأويل الأحاديث ورؤى النائمين، فتؤول الأحذية بالعامة والسوقيين.. هكذا فسر أحدهم رؤيا الذي رأى فيما يراه ألنائم أن الشمس انطفأت والدنيا أظلمت، ورفع الناس أحذيتهم يستضيئون بها.. أوّله بسقوط الحاكم واستيلاء الرعاع والغوغاء على مقاليد الأمور!.