البغل حيوان «شاقي» بامتياز وهو نتاج تزاوج بين الفرس وأنثى الحمار. وبشكل عام البغال لديها قوة التحمل على الجعث النفسي والذهني والجسدي معا، ولديها - أيضا - صبر الحمار، لكنها - في كل أحوالها - حيوانات بلا زهو . في علم النفس الأمر له علاقة بذهنية الإنسان الرخيص، إذ يبحث كثيرا من الحكام والمسؤولين والتجار - في وظائفهم كما في علاقاتهم الاجتماعية - عن الذات الرخيصة وعن الطاقة الرخيصة . الرخص بالمناسبة ليس مصطلحا ماديا فحسب بل هو أيضا مصطلح اجتماعي يشير إلى تلك العينات من البشر المكتنزة لديهم سمات البغال وملامحها أحيانا. وحتى لا نذهب بعيدا، يكفي مجرد إلقاء نظرة سريعة إلى عديد من البراويز التي تحيط بغالبية الوزراء وغالبية المحافظين وغالبية التجار وغالبية المسؤولين وغالبية قيادات المؤسسات الحكومية ليعرف - عن كثب - شيئا وجيزا عن سيكولوجية سلوك البغال، وملامحها أيضا . إذ يمكن لأولئك الشخوص الرخاص القيام- لدى هذه الصفوة أو غيرهم - بمهام البغال وهم مبسوطون وآخر فشخرة . البغال مثل الحمير لا يقولون «لا» أبدا، وتجدهم يتنطعون هنا وهناك، ويمكن أن يصبح للواحد منهم أكثر من وجه وأكثر من موقف متضاد ولا هم آسفين بشي! ستجد - على سبيل المثال- كثيرين ممن كانوا يهللون ليل الله مع نهاره ل»صالح» هم ذاتهم الآن يشتموه، ويهللون بنفس الطريقة ونفس السلوك للرئيس «منصور»، ومنصور الله يحفظه مبتهج بهم، لأنه أساسا يريد هذه العينات البشر ، ولا يريد أن يلم حوله الجياد. سيذهب «منصور» وسيأتي غيره، وستجد البغال في الصدارة ؟! حتى المجتمع نفسه، بات يتعامل مع البغال ويتعايش معها ويتبناها ويهتم بأخبارها باعتبارهم «زقرات» وحمران عيون ويقدروا يخرجوا رزقهم من تحت الحجر.. والجياد الأصيلة تسير تدور لها بقرة تلحسها . وإذا ما عكسنا سلوك البغال وحضورها المتكاثر في مجتمعنا العليل أصلا سنكتشف - وبسهولة - أن غالبية طاقات المجتمع الحقيقية والأصيلة «مقعللة» في البيوت والبغال تشتغل وتقود بلاد؛ وقلك ليش حال اليمنيين مربوط هكذا في الإسطبل ؟! الأمر طبيعي جدا ، عندما تصبح الحظوة للبغال ، تتكسر أصالة أي مجتمع كان ، ولا تجد - مع الوقت - شخوصا يقدرون ثمائن هذه البلاد الثمينة أساسا ، لكن مصيرها منذ دهر بات يؤول إلى أيادي البغال...!