القائلون بالإعجاز العلمي في القرآن، يلهثون بنصوصه، وراء نظريات علمية تبطل، أو تعدل، وهذا أمر قد يهز مكانة القرآن في قلوب المؤمنين.. فمثلا عندما يقولون إن نظرية ما توصل إليها العلم في هذا العصر، قد وردت في القرآن قبل أكثر من 1400 عام، ويستشهدون لذلك بآية قرآنية، فما يكون مصير الآية التي استشهدوا بها على نظرية بطلت أو تعدلت؟.. عندما كان العلم يقول إن الكون نشأ من مادة السديم، أو السحابة المعتمة، سارع أنصار الإعجاز العلمي إلى القول إن القرآن قد سبق العلم الحديث في تقرير هذه الحقيقة، واستدلوا على ذلك بالآية «ثم استوى إلى السماء و هي دخان»، فقالوا إن السديم هو عينه الدخان المذكور في الآية القرآنية.. لكن ابتداء من عام 2009 تغيرت هذه النظرية، فلا سديم ولا سحابة معتمة، إذ توصل فريق بحث بجامعة توليدو بولاية أوهايو الأمريكية، يترأسه البروفيسور توم ميجيات إلى أن ما كان يعتقد العلماء منذ أكثر من مائة عام أنه سديم أو سحابة معتمة أصبح اعتقادا خاطئا، وقال البروفيسور رئيس الفريق البحثي إنه من المصادفة أن التليسكوب المسمى باسم الفلكي «وليم هيرسل» أول من سجل رؤية عدد من الفتحات المظلمة في السماء، ومن تلك اللحظة كنا كلما رصدنا غيمة في الفضاء اعتقدنا أنها سحابة، وذلك كان خطأ، وإنه لمن السخرية أن ترصد سحابا لمدة قرن ونصف ثم تكتشف أنه فتحات فارغة! وعندما كشف العلماء نظريتهم عن تكون القمر، القائلة إنه كان جزءا من الأرض، ثم انفصل عنها نتيجة ارتطام جسم سماوي عملاق بالأرض، وصار جافا لأن الارتطام تسبب في غليان كل الهيدروجين.. حينها زعم القائلون بالإعجاز العلمي أن القرآن قد سبق العلم الحديث إلى هذه النظرية مستدلين بالآية «أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما..»، وفسروا الرتق بالالتصاق، والفتق بالانفصال، وهو تفسير متعسف، كما أن الآية تتحدث عن السموات وليس عن القمر، إذ القمر ليس سماوات، بل كوكب في السماء.. لقد تعرضت هذه النظرية لهزة علمية عام 2013 عندما حلل باحثون في جامعة براون صخورا بركانية جمعت من القمر، ووجدوا أنها تحتوي على قطرات ماء تركيبها يطابق تركيبة ماء الأرض، فاستنتجوا أن التأثير الذي كون القمر هو نفسه الذي نقل إليه المياه الموجودة اليوم تحت سطحه وعند قطبيه، وهذا ما جعلهم يعيدون النظر في نظرية الارتطام، والانفصال.