ماذا لو أعملنا قواعد علم الجرح والتعديل، الخاصة بمصطلح الحديث، في الصحافة، واليمنية على وجه التحديد، حيث يكثر فيها كل ما لا يمت إلى العمل الصحافي بصلة، حتى في الأمور الفنية التي يُفترض أن تكون من البديهيات. وهذا يعني أننا سنجري تعديلات في بعض أساليب صياغة الأخبار والتقارير والتحقيقات، لتتناسب مع هذا المستجد، كما أننا سنستغني عن بعض القوانين المعمول بها والمتعارف عليها دولياً، والتي تعتبر ملغاة أصلا في الصحافة اليمنية، إن جاز اعتبارها صحافة. على سبيل المثال: حدثنا مصدر مسئول عن آخر رفض الكشف عن اسمه عن جلال عن أبيه عن مصدر في الأمن السياسي قال إن الأجهزة الأمنية رصدت أكثر من 250 نقطة إحراق إطارات في العاصمة صنعاء قبل أكثر من أسبوعين. الخبر رواه عايش وحسان في صحيحي الأولى والشارع، وضعَّفه غير واحد لاحتواء السند على مجهولي عين وحال، حسب قواعد علم الجرح والتعديل، فلا المصدر المسئول معروف ولا الآخر الذي رفض الكشف عن اسمه، والقاعدة الحديثية تقول إن الخبر الصحيح هو الذي ينقله ثقة عن مثله، ولا يكون الثقة إلا معلوما. كما أن الخبر مضطرب من حيث المتن، فإحراق 250 إطارا في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء كفيل بأن يغطي العاصمة بسحابة من الدخان الأسود لساعات، ومن شأن هذه السحابة أن تحجب نور الشمس بشكل كلي، إلى درجة أنه لن يكون بمقدور الحرس الرئاسي تحديد موقع قناة "اليمن اليوم" وسيحول دون تصوير كاميرات المراقبة لأفراد الحرس وهم ينهبون القناة بكل هدوء وأريحية، وهو ما لم يحدث. وهكذا فإن من شأن إعمال قوانين الجرح والتعديل في الصحافة سيحد كثيرا من هذه الفوضى التي تعيشها معظم وسائل الإعلام اليمنية، المرئية والمقروءة والمسموعة، ولن يحتاج المتابع إلى قول هذا الدعاء "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" حين يفتح موقع "صحافة نت" الذي تتقيأ فيه معظم وسائل الإعلام أخبار المصادر المسئولة، والأخرى التي رفضت أو فضلت عدم الكشف عن اسمها لأسباب تتعلق بعدم صحة الخبر أو بعدم وجود مصدر أصلا.