فعلاً سؤال يفطر القلب، ولا أدري هل السائل غبي، أم يدّعي الغباء؟! في كل الأحوال سأحاول أن أعمل مقارنة لأيامنا هذه بأيام عفاش. زمان، كان الأمن مستتباً، فكان الواحد منا يستطيع أن يذهب بسيارته إلى أي مكان يريد وفي أي وقت يشاء، وهو آمن ومطمئن، سواءً كان وحده أو هو وزوجته وأطفاله، أما الآن فعليه أن يعد إلى العشرة قبل أن يقوم من مقامه. زمان كنا إذا رأينا جندياً في نقطة تفتيش أو في أي مكان نشعر بالأمان، أما الآن فنشعر بالخوف عليه وعلى أنفسنا لأنه مستهدف في أية لحظة. زمان، كنا نسمع صوت المدفع من رأس جبل نقم معلناً بداية يوم صيام جديد ونهايته، أما اليوم فلم نعد نسمع إلاّ أصوات البنادق تتقارح، والبكاء والنحيب في كل بيت. زمان، كان الناس يستمتعون بأيام وليالي رمضان المبارك، فتراهم يودعون يومهم بألم ويستقبلون آخر باشتياق، يتبادلون الزيارات واللقاءات، يتسحرون ويفطرون في منازلهم، أما اليوم فهم يقضون أيام وليالي رمضان في قتال وصراع أمام محطات البترول والديزل. زمان كان العشرين اللتر بترول ب1500 ومتوفر، أما اليوم ب2500 ريال ومعدوم. زمان كانت الكهرباء تنطفئ ساعة أو ساعتين، وتقوم القيامة ولا تقعد، أما اليوم فالكهرباء تنطفئ أكثر من 14 ساعة في اليوم. زمان كان الوايت الماء ب1000 ريال ومتوفر، أما اليوم ب7000 آلاف ريال ومعدوم.. زمان، من كان يملك الجرأة على قطع الطريق أو الاعتداء على أبراج الكهرباء أو تفجير أنبوب نفط أو الاختطاف، لأن الدولة كانت موجودة ولا أحد يستطيع تجاوز حدوده. زمان كان الناس بكافة فئاتهم وأطيافهم يدخلون المسجد ويصلُّون إلى جوار بعضهم، دون غلٍّ أو ضغينة أو حقد، ويرجون من الله القبول.. الآن المواطن لم يعد يتذكر من ذلك الزمان إلاّ مطلع أغنية: زمان الصبا يا زمان الصبا.. عهودك رعاها الله.. الأعزاء الثوار والثائرات.. المتعصبون والمتعصبات... يا منعاه خفوا علينا شوية.. صدعتم رؤوسنا بثورتكم وشعاراتكم الزائفة.. قلتم ثورة على الظلم والجهل والفقر والفساد.. صعدوا إلى الحكم، فازدادت حالة الشعب بؤساً وفقراً، وأصبح الموت بالمجان.. الاقتصاد من سيئ إلى أسوأ.. والأمن بات كلمة نقرأها ونسمعها في وسائل الإعلام الرسمية.. أصبح الموت بالمجان يترصدنا أينما توجهنا، حماة الوطن في كل موقع.!! أما بالنسبة لمن يتغنون بالثورة وشعاراتها، فهل يملكون إجابات شافية لبعض الأسئلة التي تطرح نفسها كل يوم: أين الثورة؟ وماذا حققت؟! ومن هم أصحابها؟ وأين هم الآن؟! لا تخجلوا، فنحن مقدرون بأن الإجابة موجودة، لكن (أخذتكم العزة بالإثم) ومنعتكم من الإجابة عليها، لأنها- الثورة- كانت في البداية (ثورة شباب).. كانت ثورة (تغيير للأفضل).. مطالب بسيطة ل(شباب طموح) يرغب في أن يرى وطنه نظيفاً من الفساد والمفسدين، خالياً من الفقر والبطالة، عملة قوية، مستوى معيشياً أفضل للمواطن......إلخ. فماذا حققت تلك الثورة؟! ماذا صنع ثواركم الكبار الذين أوكلتموهم قيادة ثورتكم؟ صعدوا إلى كراسي السلطة على دماء الشباب الزكية؟! لا تستحوا، ورددوا: سلام الله على عفااااااش..