شرع الحزب الحاكم في تركيا، أمس الاثنين، في إجراء مشاورات بشأن شكل الحكومة المقبلة بعد فوز رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بمنصب رئيس الجمهورية، في انتخابات مباشرة هي الأولى في تركيا. ومن المتوقع أن يرأس أردوغان، في الأيام القليلة القادمة للمرة الأخيرة، اجتماعات حزب??? ???العدالة والتنمية الحاكم الذي أسسه، وسيشرف على اختيار رئيس جديد للحزب، وأيضاً رئيس الوزراء القادم، ومن المرجَّح أن يكون من الموالين له. وقال مسؤولون كبار في حزب العدالة والتنمية إن وزير الخارجية، أحمد داود أوغلو، من المرشحين الأوفر حظاً من داخل الهياكل الإدارية للحزب لتولي رئاسة الحكومة، لكونه من المقربين من أردوغان، في الوقت الذي يتطلع فيه وزير النقل السابق، بن علي يلدريم، إلى خلافة أردوغان في المنصب. وسينصب أردوغان (60 عاماً) الذي فاز بغالبية أصوات الناخبين، رئيساً للبلاد رسمياً في 28 آب/أغسطس الجاري. وتثير التصريحات بشأن "تركيا الجديدة" التي وعد بها رجب طيب أردوغان، الذي سيصبح رئيس الجمهورية الثاني عشر في تاريخ البلاد، مخاوف من سعي ذلك الرجل إلى الاستمرار في الاستئثار بالسلطة، وتوسيع صلاحيات مؤسسة الرئاسة. وكان أردوغان كشف عن نواياه بإجراء تغييرات جذرية في البلاد، أبرزها كتابة دستور جديد، ونقل صلاحيات من منصب رئيس الوزراء إلى منصب الرئيس، الذي كان فخرياً في السابق، وصرح أن "تركيا ستختار نظاماً رئاسياً" بهذه الانتخابات. ويحذر المحلل السياسي التركي، مصطفى أوزجان، من تعيين رئيس حكومة مقرب من أردوغان بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى "مخاوف من استئثار أردوغان بصلاحيات المنصبين، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة". ويضيف أوزجان لسكاي نيوز عربية "على أردوغان أن يستقيل من منصبه كرئيس لحزب العدالة والتنمية، ولكن حتى لو استقال شكلياً فسوف يحتفظ بقوته داخل الحزب، وقد يلعب دوراً مهماً في اختيار رئيس الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية" المقررة العام المقبل. وتابع "من المتوقع أن يتدخل أردوغان في تعيين رئيس للوزراء ملازم له وليس مستقلاً في قراراته وتصرفاته، بل سيكون تحت سيطرة الرئيس الجديد، وبالتالي فإن أردوغان سيقود المنصبين ويهيمن أكثر على مفاصل الدولة". ويسيطر أردوغان (60 عاماً) وحزب العدالة والتنمية، على الحياة السياسية في تركيا منذ فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية عام 2003 وتعيينه رئيساً للحكومة. وفي السياق ذاته، يعلق النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، فاروق لوغلو، قائلاً إن أردوغان "أقر بأنه سيستخدم كل قوته في الرئاسة". وحزب الشعب الجمهوري أحد أكبر حزبين معارضين في تركيا، إلى جانب حزب الحركة القومية، والحزبان دعما إحسان أوغلو في الانتخابات الرئاسية، لكن الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي حل في المركز الثاني خلف أردوغان، حسب النتائج الأولية. وتابع لوغلو "إذا فعل أردوغان ذلك واستخدم سلطات أكبر للرئيس فإنه سيخالف الدستور، لذلك فإن على أجندته الآن كتابة دستور جديد، لكنه كرئيس جمهورية ليست لديه صلاحية لذلك. وضع دستور جديد يجب أن يتم عبر البرلمان". وأوضح لوغلو أن أردوغان لديه القوة في حزب العدالة والتنمية للتدخل في اختيار خليفته كرئيس للحكومة، في حال حافظ الحزب على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الجديد وقتها "سيكون موالياً لأردوغان"، في إشارة إلى أن الأخير سوف يستغل ذلك في إدارة البلاد بشكل شبه كامل. لكن النائب يرى أيضاً أنه في حال ترك أردوغان منصبه كرئيس للحزب، فإن ذلك من الممكن أن يمنح المعارضة فرصة قوية لتشكيل حكومة في الانتخابات المقبلة. وتقدم أردوغان بفارق كبير على منافسيه في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت للمرة الأولى بالاقتراع العام المباشر بحصوله على نحو 52 في المائة من الأصوات. وحصل مرشح حزبي المعارضة الاشتراكي الديمقراطي والقومي أكمل الدين إحسان أوغلو، أستاذ التاريخ الذي تولى قيادة منظمة المؤتمر الإسلامي، على 39 في المائة من الأصوات، فيما جمع مرشح الأقلية الكردية صلاح الدين دمرتاش أكثر من تسعة في المائة. محلل: تركيا مقبلة على انقسام سياسي كبير من جانبه قال محلل سياسي متخصص في الشأن التركي إن البلاد تسير نحو مرحلة من التوتر والانقسام السياسيين، بعد فوز رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، بمنصب الرئاسة بنتيجة قاربت 52 في المائة من أصوات الناخبين، مع ميل أردوغان إلى جمع الصلاحيات بين يديه والسيطرة على مقاليد الحكم بتغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي تنفيذي. وقال فادي هاكورا، الباحث المتخصص بالشؤون التركية لدى معهد "تشاتام هاوس" للسياسة الدولية، في مقابلة مع CNN: "أعتقد أننا سنشهد المزيد من الانقسامات في تركيا بطريقة لم نشهد لها مثيلاً من قبل بين الإسلاميين والعلمانيين والجيل الجديد، كما أن تركيا تعيش حالة من الركود الاقتصادي الذي بدأ ينعكس على شعبية أردوغان". وعن التطلعات المستقبلية الممكنة لأردوغان قال هاكورا: "أردوغان يريد وضع أكبر صلاحيات ممكنة في يديه ويطمح لتحويل النظام التركي إلى نظام رئاسي تنفيذي، على غرار النموذجين الفرنسي والروسي، وهو يرى هذا الانتصار تفويضاً كبيراً يسمح له بالسير قدماً نحو تحويل البلاد إلى النظام الرئاسي".