أيها الإعلامي المتحرك حافياً في شوارع السؤال لغير الله مذلة ..إذا قبض عليك مواطن عابر بتهمة الاعتقاد بأن عندك الإجابة على أسئلته فلا تتهرب ولا تقل له "علمي علمك" حتى لا تزيده إحباطاً وإنما قل له ما تعرفه.. وحسبك أنك اجتهدت فأخطأت أو أصبت. سيسألك لماذا هذا الاحتشاد ضد قسوة الجرعة وفساد الحكومة؟ قل له بأن الثقافة السائدة اليوم هي أننا أمام حكومة لا تلتقط شكاوى الناس وكأنهم ليسوا مسؤولين وإنما أسماك نصف ميتة والنتيجة حضور خيار "طز عينه يستضيك". يكفي الإشارة إلى أن إبعاد وزراء تأكدت مصائبهم لم يتم إلا بعد موقعة "ذات التواير" مع أن الأصل هو الإحساس بآلام الناس دونما حاجة لمظاهر التعطيل للحياة وإهدار الوقت وتوتير الأوضاع بالفرجة على حال تكتوي فيه الجموع بثنائية الجرعة والفساد. سيقول لك مواطن صار الكيلو الطماطم عنده مجرد حلم صعب المنال ..كيف للفساد وسوء الإدارة - وليس نقص الموارد - أن يجتمعا في حكومة واحدة، فلا تكتم الشهادة بأن المواطنين مصلوبون في خانة ابتزاز مفادها: خوّفه بالفوضى الأمنية يرضى بحمى الجرعة مع أن هذه الحمى ليست سوى الموت البطيء . سيسألك ثالث وكأنك عبده فشفشي الفاهم في كل شيء هل تغيير الفاشلة بأخرى كفؤة وقوية ومتطهرة مايزال قراراً محلياً؟ ليس عيباً أن تحيل سؤاله إلى الضياء جمال بنعمر الذي إذا سأله سائل مثلي هل هناك في المبادرة الخليجية أو قرارات مجلس الأمن ما يمنع تغيير الحكومة فإنه يهرب من السؤال ويتحدث عن المعجزة اليمنية وأخيراً عن الحل اليمني . وأما الأسئلة المعلقة التي ليس هناك ما يمنع من طرحها على البائع وعلى المشتري فهي متى تكون الدولة اليمنية سباقة للإحساس بأوجاع مواطنيها والتعاطي مع مطالبهم بدلاً من الغرق في التحشيد والتحشيد الآخر للمزيد من إثارة العمى والتغطية على القضايا المثارة ..ثم متى يصطف الجميع بعيداً عن التضليل وراء ما هو أجوف .. والنتيجة هذا الصراع السياسي وهذه المبادرات التي لا تلقي بالاً لأصل الأزمة حيث تمخض غياب معايير العدل والنزاهة والتطهير والولاء الوطني فولد كل هذه المعاناة وكل هذا الاحتباس وهذه السجالات المكتئبة خصماً من رصيد الشعب في فضاء الأمل والعمل .