في اليمن الذي كان ميموناً شعب ينتمي إلى نبات الصبار المعروف بصبره على قلة الماء ،وفي اليمن شعب يصبر على غياب الماء والكهرباء وعجز القدرة على اقتناء الحد الأدنى من الغذاء والدواء والأمن..ومع ذلك الويل والثبور لمن يصرخ من الوجع ،فالتهمة الجاهزة أنه فقط من الرافضين للتغيير ،وبأنه من الذين فقدوا مصالحهم فقاموا بإشعال التواير الانقلابية. ووفقا للتهمة الجاهزة "أنه من الذين فقدوا مصالحهم " يأتي السؤال وأي معنى للانتماء إلى بلد اذا فقد الشعب مصالحه وصار الحديث عن الحقوق نقيصة وعيباً ..أليس من حق الناس أن يحققوا مصالحهم وأن يصرخوا من الألم إذا تعرضت هذه المصالح للمصادرة من مسئولين يجمعون بين الفساد والعجز وعدم الخوف من الله أو الحياء من الناس ؟ في الدنيا كلها يجري تعريف الحكومة بأنها مجموعة موظفين مع الشعب إلا في اليمن فإن الشعب خادم للحكومة , يتلقى العقوبات المزدوجة حيث لا وظائف جديدة ولا لجم لتوحش الأسواق، ولا توفير لخدمات مدفوعة الثمن كالكهرباء والماء والبترول والديزل.. لقد رضي الناس بإدارة أنفسهم ،ومع ذلك تتمسك الحكومة بعادة التخلي، وفي الوقت نفسه ترى في كل من يتألم أو يعبر عن آلام الناس مجرد فاقد لمصالحه. والمشكلة أنه ليس من مؤسسة أو فرد في جاهزية لتصويب خطايا الحكومة أو محاسبتها على ما تبديه من عدم الإحساس بأوجاع الشعب الممتدة من البطالة إلى الفقر إلى تردي الخدمات إلى إهدار المال العام وتردي الأمن.. وليس من التهويل في شيء القول أن الذي نسمعه من إكليشات المعالجات تجعلك كمراقب لا تعرف إذا ما كانت تستحق الورق الذي كتبت عليه.. نحن في زمن يمني مضطرب بأزمات إدارة حكومية لا تعرف شيئاً عن الدور الاجتماعي في وظيفة الدولة .. حكومة تفتقر للإحساس بالشعب ومعاناته ولا تعترف بأي دور أو مسؤولية عن البطالة وعن إهدار المال العام وعن التصرف بانتهازية تجاه مصالحها وعدم مواجهة الأخطار التي تهدد حياة الناس ولو بالحد الأدنى من السرعة. وعندما يجري تعليب البرلمان في الصناديق إلى حين ميسرة ويجري فرملة الانتقال إلى مرحلة يكون الناس فيها شركاء في تحقيق أحلامهم أو على الأقل مغادرة الكبير من أوجاعهم لا يبقى إلا إطلاق المزيد من أسئلة الرجاء بإيقاف عجلة إدارة أمور المجتمع بالفاشلين والملوثين. وهنا لا بد مما ليس منه بد . الأخ الرئيس.. متى يكون عندنا حكومة تدير أمور الناس بآليات فاعلة ونزيهة قادرة على التخطيط والتنفيذ والمحاسبة..؟ ولماذا الفرجة على مسؤولين يفعلون كل شيء إلا أداء واجباتهم تجاه الشعب ؟ أخيراً .. هل ننتظر بأن يكون لهذه البلاد عموداً للحكمة .. وأين هي أركان البيت وأحجار الزاوية ؟