إن المهم في مسيرة أي أمة هو أن تستمر في السير ولاتتوقف، لأن التوقف إذا زاد عن حده يعطل وظائف الدورة الدموية فتتورم الأقدام ثم يبدأ الاحتقان الذي يحيط بالمراكز الحيوية في الجسم، فتتعطل وظائفها فيعاني الجسم من جراء ذلك مايعاني من آلام وأوجاع.. فإذا به - أي الانسان - قد وجد نفسه محاطاً بمشاعر الخوف والقلق في انتظار النهاية المحتومة لكل من يتوقف عن السير أو تتوقف به همته عن التفكير السليم في تحديد وجهة سيره، إلى أين يسير؟ هذا هو شأن الأفراد أو الجماعات مع الحياة، كماهو شأن الدول والأمم.. فالتوقف عن السير يعني الهلاك ، كما أن السير في الاتجاه الخاطىء فيه ضياع يعقبه الهلاك نفسه. فالكرة الأرضية تسير دون توقف وفي اتجاه مرسوم سلفاً لاتخطئه أبداً ، وكذلك هو حال الشمس والقمر وحال الكواكب والنجوم والمجرات وكل مافي الكون من مخلوقات فالحركة دأب الجميع في مسارات واتجاهات لاتخطئه أبداً.. فهل يظن الإنسان أنه يستطيع أن يتوقف عن السير حسبما يمليه عليه خموله وكسله وفتور همته دون أن تصيبه لعنة الجمود ؟ دون أن يتعرض لخطر الاحتقان ثم الهلاك؟ وهل يعتبر الناس «الصوت» حركة ؟ هل يكفي الإنسان أن يقف ساكناً لايفعل شيئاً سوى أن يصرخ أنا جائع.. أنا عاطل عن العمل.. أنا احتاج إلى من يسمعني ليطعمني ويبحث لي عن وظيفة ويخلصني مماأعانيه من مشاعر البؤس والفقر والإحباط ؟ هل يكفي ذلك ؟ ويكون قد ألزم المجتمع الحجة وأعفى نفسه من أية ملامة ؟ وهل يكفي الذين يسمعون صراخه وشكواه وأنينه أن يبادروا إلى الصراخ تشبهاً به فيقولون له: اسمع ياهذا : ماذا نستطيع أن نفعل لك..؟ وكيف يمكننا مساعدتك في إيجاد عمل لك من أي نوع أو إيجاد وظيفة لواحد مثلك قليل المعرفة، عديم الخبرة فإن أمسكناك وظيفة أضعتها وإن سلمناك عملاً أتلفته.. ؟ أنت ياهذا لم تتعلم في الجامعة مايفيدنا أو يجعلنا نحتاج إليك ولم تكتسب من المعهد الذي تخرجت منه أية خبرة.. كما أنك كغيرك من الشباب لم تتلقوا تربية متوازنة لا في بيوتكم ولا في مدارسكم.. فلماذا تريدوننا يامعشر الشباب وأنتم على هذا النحو من التردي في تربيتكم وسلوككم وفي علمكم وخبرتكم أن نجد لكم حلولاً في توظيفكم في مؤسساتنا لكي نجد أنفسنا وإياكم على الأرصفة أو على أبواب أهل الخير نسأل الناس «يامحسنين» بعد أن تكونوا قد أضعتم كل شيء بسبب جهلكم وعدم خبرتكم وسوء سلوككم ؟؟ أعيد السؤال ثانية : هل يكفي الذين يسمعون صراخ الشباب وأنينهم الحزين ألاّ يفعلوا شيئاً سوى مجاراتهم في الصراخ ؟ كلا.. فأين التراحم إذاً ؟ وأين مسئولية الإنسان تجاه أخيه الإنسان ؟ أليس للفقير حق ؟ أليس الإسلام دين تعاون وتكافل وتراحم؟ فكيف يفهم الناس حق الفقير ؟ أن يعطيه لقمة ثم يتركه يواصل سؤاله يتكفف الناس ليهرق ماء وجهه ويحط من قيمة نفسه ؟ كيف نفهم توجيهات رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» لذلك الرجل الذي جاء يطلب أن يعطيه صدقة.. فأرشده إلى حل مشكلته من أساسها، يشتري فأساً ويصعد الجبل ليحتطب.. وكيف نفهم الأمثلة التي نسمعها من هنا وهناك عن أهمية أن نعطي الإنسان «صنارة» يصطاد بها أفضل من أن نعطيه رغيفاً.. أمثلة كثيرة تسير في هذا الاتجاه تؤكد أهمية هذه الرؤية التي نطرحها أمام الإخوة في المؤسسات والبنوك وكل مسئول فتح الله عليه في أن يكون رئيساً أو مديراً للمحلات التجارية والاستثمارية في عموم بلادنا نقدم هذه الرؤية كمشروع لخدمة الشباب العاطلين الذين لم تسعفهم خبراتهم العملية أو العلمية أن يجدوا وظائف في مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص هذه تجربة ناجحة، ثم الأخذ بها وتطبيقها في كثير من بلدان العالم ومنها بلادنا فقد نجحت التجربة في صنعاء وتخرج في الدورة الأولى 76 شاباً من الذكور والإناث، وحسب علمي الجميع وجدوا قبولاً لدى المؤسسات المختلفة في صنعاء ، يعني صاروا موظفين مؤهلين بعد أن كانوا عاطلين مهملين.. ولأن هناك وظائف شاغرة في البنوك والمؤسسات ومكاتب الوزارات والدواوين الحكومية إلا أنه لايوجد الموظف الكفء والمؤهل الذي يصلح أن يتعامل بجدارة مع المواقع الشاغرة في مختلف الأمكنة, أجد أمامي هنا ملفاً خاصاً - باللغة الانجليزية - تحت عنوان : التعليم بهدف التوظيف. (Edueatiou for Employment foundation (EFE لاستحداث وظائف من خلال تدريب الشباب وتأهيلهم في العالم الإسلامي. هذه منظمة إنسانية لاتبحث عن الربح ولا عن الدعاية ، بل تبحث عن جهة إنسانية خيرية يمنية،لاتبحث عن الربح ولا الشهرة وإنما تبحث عن الشباب العاطل أو الضائع لكي تقوم بإعدادهم وتأهيلهم ليكونوا قادرين على فهم واستيعاب متطلبات الوظيفة، ومن جهة ثانية فإن هناك عدداً كبيراً من الموظفين في مكاتب الحكومة والقطاع الخاص يجلسون فوق المكاتب باسم أنهم موظفون، لكنهم في حقيقة الأمر، لايفقهون شيئاً من أمر الوظيفة فإذا استطعنا إقامة مثل هذا النشاط الخلاق بالتعاون مع هذه المنظمة أو غيرها فإننا نكون بذلك قد خطونا خطوة إيجابية في طريق التخفيف من البطالة الحقيقية والبطالة المقنعة ، وقدمنا شيئاً مفيداً للشباب بدلاً من تبادل الشكوى والنواح.