أثبت الذين هبطوا على أهم مفاصل السلطة "بالبارشوت" أن قدرتهم على العمل وهم في سرادقات المعارضة والشكوى، أكبر بكثير من قدرتهم على الإنجاز بعد أن وصلوا إلى معتركات العمل.. فأينما ولّيت وجهك باتجاه محيط أعمالهم ومسؤولياتهم لا ترى إلا عجباً. لا أقصد هنا ما أضافوه على مفردة الفساد المالي والإداري من مفرقعات وبهارات، وإنما عجزهم في التعاطي مع وظيفة عامة لم يزيدوها إلا فشلاً.. وهو ما نشاهده حتى في بؤس ردود أفعالهم تجاه أمور لا تحتاج للفرجة، وإنما للمبادأة و المبادرة. "الفاشلة" التي غطت عجزها بالتوقف دقيقة حداد، دفعت المواطن الريفي الذي تابع نشرة الأخبار، لتعليق فطري لا يفتقر للتهكم والسخرية قال فيه: هذه الحكومة في حالة حداد دائم وليتها دعت نفسها إلى دقيقة عمل جاد يرى الشعب أثره في الواقع وليس في النشرة والجريدة. تبدو حكومة باسندوة وكأنها في عجلة من أمرها.. ليس باتجاه الإنجاز وإنما باتجاه إثارة الأعصاب ورعاية إحباط عام لم ينتج غير مبررات لمخربين عاثوا في اليمن فساداً وتجاوزاً لسلطة القانون، ليصل الأمر حد نيلهم الفاجر من كل ملامح سلطة الأخلاق, ودونما أي إدراك حكومي بأن الأوطان لا تدار بهذا العبث.. لو أخذنا فقط القضية الأمنية ،سنجد أنفسنا أمام حكومة تثبت عجزها في القبض على القاتل وقاطع الرؤوس والأرزاق ومختطف كل شيء, ما يفضي إلى تنامي إحساس الناس بقسوة الخناق.. فأي مروءة عند مسئولين يتفرجون على شعب غير قادر على العيش الإنساني الكريم.. * تشكو قاعدة شعبية عريضة من التشرد والظلم في مواطن الاغتراب والاقتراب وإهانات الحدود.. فضلاً عن الزيادة الكبيرة في أعداد الذين ينهضون عقب كل صلاة لسؤال الناس قهراً وبكاء، مصطحبين أطفالاً لا يعلم إلا الله حجم ما تصيب أنفسهم من الندوب والعقد. . ليس هذا الفشل والتردي في عمل الحكومة إلا انعكاساً لمرجعيات سياسية لا تنتج سوى العجز الداخلي على حساب الواجب، حتى صار الذكي والبليد معاً يلاحظان تراجع موروثنا من القيم الجميلة وصور التعايش الحميدة ببركات كل هؤلاء العاجزين. . مشهد سياسي مرتبك استبدل فيه كبار القوم في الحكومة والأحزاب والمشيخات مسؤوليتهم في تأمين الناس من الجوع ومن الخوف، بتأمين قصورهم وفللهم بالكتل الخرسانية العملاقة، وتأمين أنفسهم بالسيارات ضد الرصاص ومجاميع المرافقين, فيما لا ينتجون غير الفرجة والهروب، وكل ما يدفع البلاد إلى الاحتقان والانهيار. . ودائماً فإن وراء كل إحساس بالضيق من هذا الحال نظرة شعب يشعر باليتم، فينظر برجاء إلى رئيس طالما افتخر بأن الشعب اختاره في وقت صعب، وصار عليه أن يسارع إلى الوفاء بالحد الأدنى من استحقاقات ذلك الاختيار.. وإن الجميع لمنتظرون..!