في حقيقة الأمر، لست أدري ما إذا كانت هذه الأحرف ستصل القارئ الكريم وقد ضغطت الأصابع على الزناد.. أم أن مفاجأة اللحظة الأخيرة ستؤجل هذا الخيار إلى حين.. أو أن بادرة غير متوقعة ستنتشل هذا المأزق من جذوره !! وبالطبع فإن الأمل يحدو الجميع بأن ترفع الأطراف المعنية أصابعها عن الزناد .. وبأن يصار إلى حلحلة مشهد الاحتقان الذي وصل ذروته مع التصعيد الخطير في الشارع اليمني المنقسم على حالة – معا للأسف الشديد – بين شارعي المطار والزبيري. في تقديري الشخصي إن المسألة ليست مجرد عملية جراحية اعتيادية وسطحية كما ينظر إليها جماعة أنصار الله أو أنها – بالمقابل – منازلة عابرة لكسر عظم الخصم بنظر الإصلاحيين، بل لعل الأمر أكثر خطورة من هذه القراءة المُبتسرة، حيث ثمة مشروعين متناقضين في المنطقة، يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان لكل منهما أهدافه وطموحاته ولاعبوه أيضاً. ومن الطبيعي – والحال كذلك – أن تتسم هذه القراءة للمشهد الراهن والساخن على حد سواء بالموضوعية والمسؤولية، والنظر إلى أبعاده المتعددة وتناقضاته المختلفة وتداخلات عناصره وألوانه وأمزجة لاعبيه كذلك.. وبالتالي ضرورة إعادة تجميع أجزاء الصورة المتناثرة على نحو عشوائي في الشارعين والرأيين، ومن ثم إعادة وضعها في بروازها الطبيعي مع ما يتطلب ذلك من استيعاب لخطورة بقاء زجاج هذه الصورة مُهشماً، وفهم ما يجري في المنطقة من أحداث دراماتيكية وصلتها بما يحدث في الداخل من تصعيد خطير واستثنائي دون اعتساف لحقيقة هذا الراهن أو القفز على مجرياته. وفي هذا الصدد، لا بد من التأكيد على ضرورة العمل حثيثاً بين مختلف الأطراف لتجنيب اليمن أن يكون مجرد اسفنجة لامتصاص انعكاسات الصراع المحتدم والمؤسف في بعض دول المنطقة.. وبأن لا حاجة لليمن أن يكون – في إطار هذه المعادلة – ساحة صراع يدفع فيه كلفة باهظة ثمناً لاختلافات دول الإقليم. وفي ضوء ارتفاع (ترمومتر) الاحتقان الراهن على الساحة الوطنية من الأهمية بمكان الإشارة إلى تلك الظلال الداكنة من هذا المشهد والمرتبط –أساساً - بتلكؤ بعض مكونات أطراف الحكومة التوصل إلى توافق لترجمة حزمة الإصلاحات ذات الصلة بالزيادات السعرية على المشتقات النفطية ..فضلاً عن تشكيل الحكومة الجديدة والتعجيل في تنفيذ مخرجات الحوار .. وفي الطليعة سرعة إنجاز مشروع مسودة الدستور الجديد .. وهي اعتراضية بالقطع مسؤولية مشتركة بين كافة المكونات السياسية سواءً كانت ممثلة في الحكومة أم خارجها .. وعلى النحو الذي يفضي إلى مصالحة مجتمعية وشراكة وطنية لا يستثنى فيها أحد، خاصة في ظل ارتفاع أسهم قوى مؤثرة على الساحة الوطنية كالحوثيين والحراك الجنوبي السلمي وغيرها من القوى الصاعدة التي لا بد وأن يكون لها حضور في أية صيغة لبناء مستقبل اليمن الجديد، إذ إن ذلك أفضل بكثير من الذهاب إلى الفراغ الذي تتحينه أطراف تضمر الشر للجميع دون استثناء! وستبقى احتمالات الانفجار واردة ما لم يسارع الجميع إلى نزع فتيله !!