إما أن تكون رئيس جمهورية، وتترك منصب أمين عام الحزب لغيرك، أو أن تبقى أمينا عاما للحزب وغيرك يكون رئيسا.. إما أن تكون وزيرا، وإما أن تبقى أمينا مساعدا في الحزب.. أن تجمع بين السلطتين الحكومية والحزبية، فهذا يعني أنك ستقوم بنصف مهمة هنا، ونصف مهمة هناك.. هل هذا هو المقصود بالفصل بين السلطتين الحزبية والحكومية، والذي من أجله شكلت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي، فريقا لوضع مشروع قانون بشأن الفصل بين السلطة الحكومية، والسلطة الحزبية؟.. لا ندري بالضبط، وهل سيقدم مشروع القانون لمجلس النواب، ليكون تشريعا عاما، تلتزم به جميع الأحزاب، أم أن المقصود مشروع قانون داخلي، أو لائحة تنظيمية تخص المؤتمر وحلفاءه فقط؟ في كلتا الحالتين، الفصل بين العمل الحكومي والعمل الحزبي مطلوب، لأسباب سنذكر بعضا منها: ففي حزب ما مثلا رئيس للحزب، ونائبان لرئيس الحزب، وأمين عام للحزب، وثلاثة أمناء مساعدون، وفي الهيكل التنظيمي للحزب قطاعات ودوائر تنظيمية.. وعندما يكون رئيس الحزب هو رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الحزب نائب رئيس جمهورية، والأمين العام للحزب رئيس حكومة، والأمناء العامون المساعدون وزراء، ورؤساء الدوائر وكلاء وزارات، ومديرو عموم، هذا الجمع بين السلطة الحزبية والسلطة التنفيذية عيوبه هي أنه يضعف الأداءين الحكومي والحزبي معا، فرئيس الحزب مشغول بحزب ومشغول برئاسة دولة، وسيقصر في الحالتين، سيقصر في إدارة شئون الحكم، وسيقصر في إدارة شئون الحزب، كذلك عندما يكون أمين عام الحزب، رئيسا للحكومة، إما أن يكرس جهده للحكومة، ويضعُف أداؤه الحزبي، أو أن يهتم بشئون الحزب ويضعف أداؤه الحكومي، أو يشتت جهده بين الجهتين معا.. ناهيك عن أن جمع السلطات بيد شخص واحد يقوي نزعة التسلط والاستبداد.. ثم هل الأحزاب ليس فيها إلا هؤلاء، يشتغلون هنا وهناك؟ وإلى أن يوجد ذلك القانون أو تلك اللائحة، نتمنى أن يبدأ المؤتمر وحلفاؤه، بتطبيق أو تجريب فكرتهم هذه، من خلال مشاركتهم في حكومة خالد محفوظ بحاح، بحيث يتخلى وزراؤهم في الحكومة عن مناصبهم الحزبية، ويتفرغون للعمل الحكومي، ومن يرغب منهم في البقاء في مناصبهم القيادية الحزبية، لا يرشحون للعمل الحكومي، إذ إن القياديين في هيئات الحزب ينبغي أن يكونوا متفرغين للعمل التنظيمي لكي يديروا العملية التنظيمية الداخلية إدارة ناجحة، وإدارة سياسة الحزب بطريقة ترفع فعالية أعضائه، وتقوي صلته بالجماهير من مختلف قوى وشرائح المجتمع، وتطور علاقاته مع الأحزاب الأخرى.