تصاعدت، أمس، حدة الأزمة بين رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وجماعة أنصار الله (الحوثيين) بعد ظهورها للعلن نهاية الأسبوع الفائت عندما أطلق الرئيس ثلاثة من مستشاريه لشن هجوم ضد الجماعة في وسائل الإعلام. مؤشرات تصاعد الأزمة جاءت صباحاً من وزارة الدفاع، حيث قام وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي بإخراج ممثلي جماعة أنصار الله من مبنى وزارة الدفاع وتحديداً الدائرة المالية، متحدثاً أمام عدد من الضباط عن ضرورة (استعادة هيبة الدولة). وفي السياق، جاء موقف سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية مؤيداً للرئاسة ضد أنصار الله (الحوثيين)، حيث اشترطت لتجنيد عدد من مسلحي أنصار الله في الجيش والأمن نزع سلاح الجماعة، وأن يكون ذلك بالتزامن. وفي البيان الصادر عنها أمس أعربت الدول العشر عن قلقها المتزايد مما وصفته محاولة التأجيل والتصنع من الأطراف التي لم تسمها في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، مشيرة إلى البند 15 من اتفاق السلم والشراكة الوطنية المتعلق بإزالة جميع نقاط التفتيش غير التابعة للدولة في صنعاء ومحيطها عند البدء في تشكيل الحكومة الجديدة، في إشارة إلى نقاط الحوثيين، وكذلك البند 5 من الملحق الأمني باتفاق السلم والشراكة الوطنية بخصوص وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في الجوف ومأرب فورا، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين مع ترتيب الوضع الإداري والأمني والعسكري. من جهته توعد زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي، رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بلهجة حادة وغير مسبوقة: "الشعب لن يصبر إلى ما لانهاية"، متهماً إياه ب"عرقلة المطالب الشعبية" و"الفساد وتمويل الإرهاب". وفي إشارة إلى قوة جماعته، قال عبدالملك الحوثي في كلمته أمام وفد من قبائل خولان محافظة صنعاء وبثتها قناة "المسيرة" التابعة لجماعته، أمس، "إن الشعب قادر على فرض إرادته على أي حزب وأية قوة سياسية". ورغم تصاعد الاتهامات للرئيس هادي من قبل خصوم الحوثيين، حزب الإصلاح، بأنه من فتح المعسكرات أمام الحوثيين ورفض إشراك الجيش والأمن في الدفاع عن العاصمة قال عبدالملك الحوثي: إن الرئيس هادي وقف أثناء ثورة 21 سبتمبر في صدارة القوى الفاسدة المناهضة للمطالب الثورية الشعبية"، مشيراً إلى أنه كان معذوراً حينها لكونه تحت ضغط القوى النافذة التي ربما كان يشعر بأنه مدين لها. وتابع: أما الآن وقد ذهبت تلك القوى وإلى غير رجعة فإنه لا عذر لديه، ويفترض أن يتعاطى مع الأمور بحدية ومصداقية. وتحدث عبدالملك الحوثي ولأول مرة عن فساد الرئيس هادي وعلاقاته بتمويل تنظيم القاعدة. وقال إن المليارات تذهب من الرئيس هادي لتنظيم القاعدة، كما أنه اقتطع جزءا كبيرا من ميزانية الدولة وجعلها في متناول نجله جلال ليحرك من خلالها الإعلام باتجاه سيئ. وكان جلال هادي قد أنشأ مجموعة مواقع إلكترونية تعرف في الوسط الإعلامي بالمواقع الإلكترونية الصفراء، كونها مخصصة لنشر الشائعات. وبلغة تهديد صريحة وتعبيراً عما بلغته الأزمة بين الطرفين، قال زعيم جماعة أنصار الله في سياق كلمته: "في نهاية المطاف شعبنا اليمني لن يبقى متغاضياً إلى ما لانهاية.. يكفي عبثا، وعلى الرئيس هادي أن يتنبه وأن لا يظل أسيراً لتلك القوى التي يلحق لها الأموال إلى حيث هي"، في إشارة إلى اللواء علي محسن الأحمر وبعض قيادات الإصلاح النازحة إلى الخارج. وكان مستشار رئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الإرياني قد شن هجوما غير مسبوق ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) متهماً إياهم بعرقلة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة. وقال الإرياني في حوار مطول أجرته معه صحيفة "26 سبتمبر" التابعة لوزارة الدفاع، إن اليمن تعيش وضعاً شاذاً وإن مليشيات الحوثي هي التي تحكم وأنها في أي اتفاقيات ملزمة بما يملى عليها من إيران. وكان مستشارو الرئيس هادي (الإرياني، العتواني، السقاف) شنوا خلال الأسبوع الماضي سلسلة هجمات ضد أنصار الله. الجدير بالإشارة أن هذا الهجوم من قبل جماعة أنصار الله تزامن مع هجوم مماثل من قبل حزب الإصلاح والذي بات يتهم الرئيس هادي صراحة بأنه من فتح المعسكرات للحوثيين وسهل مهامهم في إسقاط العاصمة. وإلى جانب تصريحات حميد الأحمر اللاجئ في تركيا والتي وصف فيها الرئيس هادي بأنه خائن، وكتب مساعد أمين عام الإصلاح ووزير الصناعة والتجارة الدكتور محمد السعدي مقالاً له أمس الأول بعنوان (الرئيس الداهية) حمل من خلاله كامل المسئولية الرئيس هادي ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.