الشائعات أو الأخبار الكاذبة تكون عادة من صنع أشخاص مستترين، أو مطابخ ذكية متخفية، أما عندنا في اليمن فيسبكها أفراد حمقى ظاهرون أو معروفون، وإذا شعروا أنهم قد وقعوا في ورطة، خاصة عندما تفضح الكذبة بمعلومات صحيحة، أو لا تتسق مع الواقع أو مع المعقول، فإنهم يلجأون إلى حذف الخبر، أو إلى التبرير، وهو أسلوب من الأساليب الدفاعية.. نادراً ما يكون لهذه الأخبار الكاذبة والشائعات تأثير حقيقي لوقت طويل، باستثناء التأثير الذي يحدث في المواطنين جراء الشائعات المرتبطة بأزمات الغاز والبترول والديزل. كثيرة هي الأخبار الكاذبة والشائعات التي كانت موضوعاتها تتعلق بالحرس الجمهوري، والأمن القومي، ومعسكرات تدريب مزعومة في اليمن لحزب الله وإيران، وشائعات التنصير.. كما هي كثيرة هي الشائعات التي استهدفت الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، منذ بداية 2011 إلى اليوم.. لكن ما فعلت؟ لا شيء تقريباً.. والطريف أن الذين ينسجون شائعة كريهة في العشية ينسجون في الصباح أخرى مناقضة لها وتسقطها، أو تأتي الوقائع على العكس من ذلك.. فمثلاً تقرأ خبراً كريهاً نُشر مساء الجمعة في غير صحيفة إليكترونية أن رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، كان يود السفر إلى الرياض لتقديم العزاء بوفاة الملك السعودي عبدالله، لكن الحكومة السعودية أبلغته أنه غير مرحَّب به، وفي الصباح يسافر الراعي ومعه وفد يمني لتقديم العزاء.. كذلك أشاعوا بشأن قيادة المؤتمر الشعبي، ورأيت إخوانييْن يمنييْن اثنين ظهَرا أمس في قناة مصرية، يرددان نفس الشائعة وهما في غاية البِشر والشماتة، وبينما هما على تلك الحال كان وفد المؤتمر برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، نائب رئيس المؤتمر، يغادر صنعاء إلى الرياض بتكليف من رئيس المؤتمر الشعبي لتقديم العزاء بوفاة الملك.. هذا مجرد مثال طري على سُخف صُناَّع الشائعات والأخبار الكاذبة على اليمنيين.. يصنعونها بسرعة، وتموت بسرعة، وهم بذلك يغنون المستهدفين عن الرد على الكذب. وعندي، أن لا لزوم لتكذيب الكذب، لا لزوم للرد على شائعة قد تكفل أصحابها بإسقاطها، أو تسقط من تلقاء نفسها بعد ولادتها بزمن قصير.. وعلى وجه الخصوص، لا لزوم للرد على أخبار كاذبة وشائعات لا تمثل خطراً على المستهدفين بها، فما أكثر الأخبار الكاذبة التي قصد بها أصحابها الإساءة لشخصية عامة فكانت النتيجة إساءة لهم.. في كثير من الحالات يؤدي تكذيب الكذب إلى نشر الكذب، أو نقله إلى أشخاص لم يكونوا قد علموا به، أو استقوه من الكذاب.