بعد ال21 من سبتمبر، تداول الإعلام أخباراً عن اقتحام "اللجان الشعبية" منازل قياديين في تجمع الإصلاح. كانت المبالغات واضحة ولم تحجب الحقيقة التي اعترف بها الحوثيون. سألت عضو المجلس السياسي (حسين العزي) عن سبب هذا التصرف فقال إنهم اضطروا إليه؛ "حماية لتلك المنازل من النهب"، وبعد أيام سلموها لأصحابها ليتولوا حمايتها بأنفسهم. وفي "اجتماع حكماء اليمن" تم تشكيل "لجان ثورية" منحت الضوء الأخضر لاقتحام الوزارات والمؤسسات؛ "لتطهيرها من الفساد والفاسدين"! وفي إجراء استباقي، تم اعتقال أحمد بن مبارك، قبيل تسليم مسودة الدستور المفخخة بالأقلمة والمليئة بالأخطاء اللغوية والتاريخية. ولا أشك في أن تلك المسودة التي أنفق هادي على طبخها مئات الملايين من أموال الشعب، كان فيها بذور كافية لصراعات ستمتد لنصف قرن على الأقل. وبعد اقتحام دار الرئاسة ومحاصرة منزل الرئيس السابق- الذي أربك الجميع باستقالته- خرجت مجاميع صغيرة من الشبان للاحتجاج ضد ما أسموه "الانقلاب على الشرعية"، وفي كل مرة كان الحوثيون يفضُّون تجمعاتهم بالقوة؛ "حماية لهم من حاملي الأحزمة الناسفة" الذين قد يندسون بينهم!! تتعدد الأساليب التي نظنها لأول وهلة- بتفكيرنا الساذج ونظرتنا السطحية- خرقاً للقانون وتعدياً على الحريات، لكنها في الحقيقة الحوثية ليست سوى احتياطات لحمايتنا من النهَّابين والفاسدين ومن الأوصياء والإرهابيين. ولا أظن اختطاف الكاتب (سام الغباري) إلا إجراء مماثلاً؛ لحمايته من نفسه. من المؤكد أنهم حين تحركوا لحمايته كانوا يتذكرون الحديث النبوي "وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم"!! وقد أشفقوا عليه من النار، بعد كل ما سطَّره ضدهم، وبعد كل ما نشره من "هرطقات" و"هذيان" عن الحرية والمساواة، وكأنها ستقف عائقاً أمام "المسيرة القرآنية". وربما يكون هذا هو مصير كل منتقدي دعاوى الحق الإلهي، ومحبي الغناء والتتن، والمتعاطفين مع الدكتور يحيى الراعي وأعضاء مجلس النواب "المنحل" أو المحتل، والمتمسكين بدستور دولة الوحدة حتى يصبح منسوخاً بدستور جديد يوافق عليه الشعب!! أنا لا أخشى على اليمن واليمنيين من الحوثيين بقدر خشيتي عليهم من أنصار الله الذين يتوهَّمون أنه يمكن تحليل المحرمات واستباحة الحرمات لحمايتنا. وبكل صراحة، أقول لكم: لقد حوربتم بالشائعات وأنتم لا تزالون في صعدة، وقام الناقدون والناقمون بإنعاش الذاكرة اليمنية، ونقل إبادة المطرفية وتهجير اليهود وترك الإسماعيليين يتعفنون في السجون، من كتب التاريخ إلى صفحات العقول والقلوب. بعض مناوئيكم نبش القبور وأحيا العصبيات المذهبية والسلالية، ليس حباً لليمن وإنما حقداً عليكم. فلماذا تقدمون الأدلة الواقعية لمن يخوِّف الناس منكم؟! إذا كان (سام الغباري)-في نظركم- ينفث السموم ويثير الغبار بانتقاداته اللاذعة، فلن يطالكم شيء من ذلك، ما دامت ممارساتكم في الواقع تكذِّب ما تظنونه افتراء وتكشف ما ترونه تزويراً وتزييفاً؛ فالأقلام لن ترتعش في أيدينا، وستنتصر الكلمة على البندقية ولو بعد حين، وأنتم أعرف الناس بذلك!!