صحت عدن، أمس، على واقع مواجهات وصفت ب"العنيفة" بين اللجان الشعبية القادمة من أبين، وقوات الأمن الخاصة، اتسع نطاقها إلى معظم مديريات المحافظة وشوارعها مخلفة قتيلا على الأقل وعددا من الجرحى واعتقال آخرين. المواجهات بدأت الواحدة فجراً في مديرية خور مكسر، عندما شن مسلحي اللجان الشعبية هجوما بالأسلحة الخفيفة على نقطة لقوات الأمن الخاصة في جولة الرحاب أصيب على إثره جنديان من الأمن الخاصة، وفقا لمصدر أمني. وقال المصدر ل"اليمن اليوم" إن تعزيزات من قوات الأمن الخاصة وصلت إلى مديرية خورمكسر وشنت حملة تعقب للمسلحين الذين فروا إلى معسكر النصر، التابع للأمن العام، وتتمركز فيه حاليا قوات اللجان الشعبية إلى جانب تمركزها في المركز التدريبي لقوات خفر السواحل المحاذي لمعسكر النصر، لتبدأ المواجهات. القيادي في اللجان الشعبية، علي السيد، قال ل"اليمن اليوم" إن قوات الأمن الخاصة شنت هجوما وصفه ب"الاعتداء" على المعسكرين، سألفي الذكر، دون مبرر، وأصابت اثنين من مقاتلي اللجان (صدام محمد علي، عادل محمد عوض) أعقبها مواجهات استمرت لأكثر من ساعتين. وتمكنت قوات الأمن الخاصة، وفقا لمصدر أمني، من السيطرة على المعسكرين وطرد مقاتلي اللجان منهما بعد اعتقالها لنحو 11 فردا من اللجان، تم احتجازهم في سجن تابع لقوات الأمن الخاصة. وما أن توقفت الاشتباكات في مديرية خور مكسر لعدة ساعات حتى شن في منطقة العلم مقاتلو اللجان هجوما على النقطة التي تربط عدن بمحافظة أبين، وتمكنت اللجان خلال الهجوم من أسر 20 جنديا، قوام حراسة النقطة، ونقلهم مع معداتهم إلى أبين، مسقط رأس مقاتلي اللجان الذين استقدمهم إلى عدن قبل عدة أسابيع وكيل جهاز الأمن السياسي لمحافظاتعدنولحجوأبين ناصر منصور هادي شقيق الرئيس المستقيل، ناصر منصور هادي. وبررت اللجان الشعبية، وفقا لمصدر فيها، أسر الجنود بهدف الضغط على قوات الأمن الخاصة لإطلاق سراح أفرادها المحتجزين في سجن المعسكر، غير أن المواجهات اتخذت منحى آخر لتنفجر في مديرية التواهي حيث هاجم مسلحو اللجان الشعبية حراسة مبنى الإذاعة والتلفزيون، الذي يخضع لحراسة الأمن الخاصة. واستشهد قائد حراسة مبنى التلفزيون (هارون الحاج) وأصيب 3 من زملائه (أسامة القحيم، رشاد حفظ الله، محمد ناصر أبو سالم) في المواجهات التي استمرت لأكثر من ساعة، ودفعت المواجهات قوات الأمن الخاصة إلى الانسحاب من مبنى التلفزيون والأمن السياسي المجاور له. وأكد القيادي في اللجان الشعبية، علي السيد ل"اليمن اليوم" سيطرة اللجان على مبنى الإذاعة والتلفزيون ومباني المجالس المحلية في عدد من المديريات ومحطة الحسوة وغيرها، غير أن محافظ عدن، عبد العزيز بن حبتور، نفى في تصريح لموقع وزارة الدفاع سقوط المباني سالفة الذكر في أيدي اللجان الشعبية، وقال إنه زار مقر التلفزيون بمعية مسئولين آخرين. واتسعت رقعة المواجهات إلى مديرية المعلا إذ شن مقاتلو اللجان هجمات على قوات تابعة للأمن الخاصة في محيط قسم شرطة المعلا ومكتب المحافظ. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن قوات الأمن الخاصة انسحبت بعد إصابة مواطن يدعى (أحمد عادل) أثناء مروره بالقرب من مكتب المحافظ لحظة مواجهات اللجان والأمن. كما دارت اشتباكات في مديرية دارسعد، عندما شن مسلحو اللجان هجوما على مبنى المجلس المحلي الذي يخضع لحراسة طقمين من قوات الأمن الخاصة. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مقاتلي اللجان سيطروا على الطقمين بعد انسحاب الجنود. وأصيب في مواجهات دار سعد الجندي، عبد الجبار صالح ناجي، إضافة إلى أحد مقاتلي اللجان ويدعى، رشيد عبده عبد الله الظاهري. تواصل حشد الطرفان لمقاتليهما، وعادت المواجهات مرة أخرى، عند الثالثة صباحا، إلى مديرية خور مكسر لتستمر حتى العصر . وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن اشتباكات اندلعت بين اللجان وحملة من قوات الأمن الخاصة كانت تمر بالقرب من إدارة أمن المحافظة، أعقبها شن مقاتلي اللجان الشعبية هجمات على مبنى مكتب وزارة الإشغال العامة في المديرية . وأصيب اثنان من مقاتلي اللجان (محمد عنبور، صالح الخضر نصر) في المواجهات التي أعقبت قيام مسلحي اللجان بمحاصرة جنود الأمن الخاصة المكلفين بحماية المكتب . كما حاول مسلحو اللجان السيطرة على مبنى المجلس المحلي في المديرية لكنهم فشلوا إثر تصدي قوات الأمن الخاصة لها. وأصيب في المواجهات بمحيط المجلس المحلي أحد مقاتلي اللجان ويدعى، حسين قاسم سعيد. ووصفت مصادر أمنية المواجهات ب"حرب شوارع" مشيرة إلى أن تبادلا لإطلاق النار من مختلف الأسلحة كانت تندلع بين الأمن الخاصة واللجان لمجرد التقاء مسلحي الطرفين في الشوارع. المواجهات التي تأتي بعد يوما على تظاهرات أفشلت لقاء موسعا كان من المفترض أن يدين ما تصفه القوى المناوئة للحوثيون ب"الانقلاب"، شلت الحياة اليومية في عدن وأجبرت الأهالي على التزام منازلهم، وفقا لمصادر أمنية، أشارت، أيضا، إلى وجود مخاوف من استمرار المواجهات في المدينة، لكن القيادي في اللجان الشعبية، علي السيد قال في سياق تصريحه ل"اليمن اليوم" إن توجيهات من قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء ناصر الطاهري ووكيل جهاز الأمن السياسي، ناصر منصور هادي، أوقفت إطلاق النار بين الطرفين، رغم انتشار المسلحين والجنود في الشوارع. يأتي وقف إطلاق النار في وقت تداعى فيه قادة اللجان الأمنية في المحافظات الجنوبية (عدن، لحج، أبين، الضالع) إلى عدن، حيث عقد المحافظون لقاء بمشاركة قيادات أمنية وعسكرية وبحضور قيادات في اللجان الشعبية. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن المفاوضات دارت حول إسناد مهمة حماية المنشآت والمدينة لقوات الجيش، غير أن قائد اللجان الشعبية، عبد اللطيف السيد رفض مقترح تسليم اللجان الشعبية المنشآت التي سقطت بيدها إلى قوات الجيش. كما اقترح محافظ عدن تسليم المنشآت الخاضعة لحراسة الأمن واللجان، للسلطة المحلية حيث تتكفل الأخيرة بحمايتها. وتواصل الاجتماع في عدن، حتى المساء، دون الخروج بنتائج. وتوقع مصدر أمني تجدد المواجهات بين اللجان والأمن مشيرا إلى وجود توتر من قبل الطرفين. وتواصل اللجان الشعبية حشد مقاتليها من محافظتي أبينوعدن، فيما تشكل عن لقاء المحافظين لجنة تحقيق في تفجر المواجهات. المواجهات الأخيرة ليست وليدة اللحظة إذ سبق لقوات الأمن الخاصة واللجان التي يديرها شقيق الرئيس المستقبل هادي وأن اشتبكت في أكثر من مكان منذ استقدام اللجان إلى عدن. وتتهم اللجان الشعبية قوات الأمن الخاصة بموالاة الحوثيين حيث نشرت أمس صورا لأطقم، كما قال المسئول الإعلامي للجان الشعبية في عدن، حسين الوحشي، في تصريحات صحفية أن اللجان عثرت على شعارات للحوثي في مقرات حكومية سيطرت عليها وكانت خاضعة لحماية الأمن. وأيا تكن تبريرات قادة اللجان للمواجهات في عدن، غير أن ناشطين جنوبيين هاجموا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اللجان الشعبية في عدن واعتبروا تفجيرها للحرب في المحافظة بمثابة انتقام من أبنائها الذين خرجوا، الأحد، في تظاهرات مناوئة للقاء سياسي كان من المتوقع أن "يجعل من الجنوب طرفا في صراع أقطاب السياسة في صنعاء". كما اتهموا شقيق الرئيس المستقيل ومحافظ عدن بتدبير سيطرة اللجان على المحافظة لسحب البساط على الحراك المتهم بموالاته لإيران، وتمهيدا لتسليم اللجان زمام الأمور في عدن وفرض سياسة الأمر الواقع على أبناء المحافظة. ونشر ناشطون صورا لمقاتلي اللجان وهم يرفعون أعلام دولة الجنوب، سابقا، مما عدوه تعديا على "نضالات الحراك الجنوبي" ومصادرة حقوق أنصاره مستقبلا. من جانبه اعتبر محافظ عدن، بن حبتور، ما شهدته عدن بمثابة مهاترات حصلت بين بعض مقاتلي اللجان وأفراد في الأمن الخاصة تطور إلى اشتباكات أسفرت عن سقوط ضحايا. وقال بن حبتور إن الأمور يتم معالجتها حاليا. من جانبه قال قائد اللجان الشعبية في ميناء عدن، ناصر النخعي، إن قدوم اللجان إلى عدن يعد امتثالا لأوامر القيادة السياسية بمحافظة عدن وأن الغرض منها حماية المنشآت العامة، وأن اللجان لن تتراجع عن أي مهمة تسند إليها في سياق ما وصفها ب"حماية الوطن". وأكد النخعي في تصريح لموقع "عدن الغد" وجود تنسيق بين اللجان في عدن واللجان في محافظات ( أبين، لحج، الضالع) مشيرا إلى أن اللجان تسير أعمالها وفقا لتوجهات "القيادة السياسية في المحافظة".