تواصلت أمس أعمال العنف في مدينة عدن مع اتساع مخيف في رقعة الفوضى والصراع بين مسلحي الحراك واللجان الشعبية التابعة لشقيق الرئيس المستقيل هادي، ورجال الأمن والجيش. الأحداث الدامية التي شهدتها عدن، أمس، أسفرت عن مقتل عقيد في الجيش وجنود ومواطنين، ولم تستثنِ حتى قيادات في الحراك لطالما جابت الشوارع برفقة مليشيات مسلحة. البداية كانت فجرا، عندما اغتال مسلح، مجهول، مدير شعبة الاستخبارات في مطار حربي بمعسكر بدر. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مسلحا اختبأ أسفل سلم عمارة بالمدينة التقنية، مديرية المنصورة، يسكن العقيد، محمد مهدي الزهراني، في الدور الثالث لها. الزهراني كان عائداً في الساعات الأولى من الفجر بعد سمرة مقيل مع أصدقائه، عندما باغته المسلح وأطلق عليه 3 طلقات من سلاح مسدس "كاتم للصوت" قتل على إثرها العقيد وهو في الدور الأول للعمارة. نقلت جثة العقيد إلى ثلاجة مستشفى الجمهورية بينما لاذ المسلح بالفرار، وسجلت القضية ضد مجهول. تصاعد العنف، صباحا، إثر مهاجمة مسلحون، يعتقد انتماؤهم للجان الشعبية، نقطة لقوات الأمن الخاصة في مديرية الشعب. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مسلحين من اللجان التابعة لشقيق الرئيس المستقيل هادي حاصروا بقيادة مازن العقربي نقطة فندق القصر وحاولوا الاستيلاء عليها بالقوة. ودارت اشتباكات في النقطة لعدة ساعات. والعقربي، وفقا للمصدر، من المسلحين الذين انخرطوا في صفوف اللجان الشعبية، التابعة لشقيق الرئيس هادي، غير أن مسئول عمليات اللجان، حسين الوحيشي، نفى في تصريح لموقع "عدن الغد" علاقة اللجان بمواجهات الحسوة، التي تأتي في ظل توتر بين اللجان والأمن الخاصة، جراء مواجهات دامية اندلعت بين الطرفين، مطلع الأسبوع. وقتل خلال المواجهات الأخيرة جندي في خفر السواحل يدعى، معاذ الكوري، كان ذاهبا إلى مقر عمله لحظة اندلاع الاشتباكات. كما أصيب في المواجهات القيادي في الحراك الجنوبي، بجاش الأغبري. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن سيارة الأغبري مرت من منطقة الاشتباكات في الحسوة وأن رصاصة مجهولة أصابته في فكه، غير أن نجل الأغبري اعتبر في تصريح صحفي، نقله موقع "الأمناء" العملية بأنها كانت مدبرة وأنها كانت كمينا لوالده، مشيرا إلى أن طقما عسكريا اعترض سيارة الأغبري وباشر بإطلاق النار عليه. ونقل الأغبري إلى مستشفى خاص حيث يتلقى العلاج فيه ووصفت حالته ب"المستقرة". مواجهات الحسوة انتهت بتسليم نقطة فندق القصر لقوات الجيش. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مدرعات عسكرية وأطقم عززت النقطة وانتشرت في محيطها فيما انسحبت قوات الأمن الخاصة منها. مواجهات الحسوة تأتي، أيضا، في وقت تواصل فيه لجنة أمنية برئاسة شقيق الرئيس المستقيل، ناصر منصور هادي وكيل جهاز الأمن السياسي لمحافظات (عدن، ولحج، وأبين) تنفيذ اتفاق بين قوات الأمن الخاصة واللجان يقضي بتسليم نقاط الطرفين إلى قوات الجيش. ورغم استلام الجيش لعدة نقاط تابعة للأمن الخاصة إلا أن مسلحي اللجان لا يزالون ينتشرون في نقاط استحدثوها مؤخرا في مديريات المحافظة. كما لا يزالون يسيطرون على مقرات حكومية استولوا عليها في مواجهات، الأحد. أحداث العنف اتسعت،أمس، أيضا لتشمل مديرية دار سعد حيث شهدت هي، الأخرى مواجهات بين اللجان وجنود من الأمن الخاصة أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخر. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن المواجهات بدأت عندما اعترض مسلحو اللجان 3 من جنود الأمن الخاصة كانوا في طريقهم إلى سوق قات في المديرية. وطالب مسلحو اللجان الجنود بتسليم أسلحتهم غير أن الجنود رفضوا، مما فجر مواجهات بين الطرفين استمرت لنحو ساعة. وقتل خلال المواجهات الجندي، عز الدين محمد قاسم، بينما أصيب رفيقاه ( أمين السبتاني، رشاد السبتاني). الحادثة الأخيرة، وفقا لمصدر أمني، زادت من حدة الاحتقان في أوساط منتسبي الأمن الخاصة، ممن اعتبروا الهجمات الأخيرة تبدو ممنهجة إلى حد بعيد. وقال المصدر إن عدن تشهد،حاليا، حالة من الترقب الحذر بين الطرفين، الأمن واللجان. وفي مديرية الشيخ عثمان، قتل شخص وأصيب آخر بعملية نفذها مسلحون مجهولون. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مسلحين يستقلون سيارتي شاص أطلقوا النار على شابين توقفا بسيارتهما لتعبئة وقود بالقرب من محطة المهدي. وقتل في الحادثة شخص يدعى، صبري محسن صالح، فيما أصيب قريبه فضل بن فضل محسن. العنف في عدن لم يقتصر على أعمال القتل إذ سجلت الشرطة، أمس، حالتي نهب سيارات بالقوة في مديرية المنصورة. وقال مصدر أمني ل"اليمن اليوم" إن مسلحين تقطعوا لسيارة شخص يدعى، محمد عبيد سالم، ونهبوها بالقوة. كما تقطع آخرون لسيارة تابعة لشركة العيسائي ونهبوها بالقوة بعدما أجبروا سائقها، فؤاد الشميري على الترجل. أعمال العنف المتصاعدة في عدن أثرت بصورة كبيرة على الحياة اليومية للمواطنين في المحافظة. فإلى جانب التزام غالبية السكان منازلهم تحاشيا لتداعيات أعمال العنف، فقد أغلقت المدارس الحكومية والخاصة أبوابها، أمس، في عموم مديريات المحافظة احتجاجا على الهجوم الذي استهدف، الثلاثاء، مدرسة النهضة في المحافظة وأسفر عن مقتل طالب وإصابة آخرين. وقال مصدر في مكتب التربية ل"اليمن اليوم" إن الإغلاق سوف يستمر اليوم، مشيرا إلى أن أهالي الطلبة طالبوا المحافظ في رسالة سلموها إلى مكتبه بتوفير حماية للمدارس قبيل إقرار إعادة فتحها. اشتراكي الجنوب ينتقد حشد الجماعات المسلحة انتقد الحزب الاشتراكي في الجنوب ما وصفها ب"ترحيل وتصدير أفواج من الجماعات المسلحة بمسمياتها المختلفة لأجل تدمير ممنهج للجنوب". وقال الحزب في بيان انبثق عن اجتماعات لقياداته في المحافظات الجنوبية، اليومين الماضيين، إن المخاطر العسكرية في الجنوب تتزايد بدعم مما وصفها ب"بقايا القوى المتنفذة وبتواطئ قيادات عسكرية وأمنية". وأشار الحزب إلى أن تحريك تلك الجماعات يهدف لإلصاق تهمة الإرهاب بالجنوب ويهدف إلى الالتفاف على حق الجنوب في تقرير مصيره. كما وصف ذلك بأنه يحول الجنوب إلى ساحة للاستقطاب السياسي وإذكاء الصراعات الداخلية، معبرا في الوقت ذاته عن إدانته لما وصفه ب"إرهاب دولة". وكان الحزب استهل مقدمة بيانه بتحية للجنوب وحراكه السلمي وقواه الوطنية. بروز الحزب الاشتراكي في الجنوب، يأتي في ظل استقطاب حاد تشهدها الساحة الجنوبية وتتسابق عدة قوى للسيطرة على الوضع في المنطقة. وكان الاشتراكي في بيان سابق له، مطلع الأسبوع، قال بأنه يجري حوارات مع قادة الحراك الجنوبي الذي باتت تتنازعه قوى عدة. وكانت أقرت سكرتاريات منظمات الحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية تشكيل هيئة قيادية جديدة وموحدة للحزب الاشتراكي في الجنوب خلافاً للقيادة المركزية للحزب، في خطوة بدت كما لو أنها (فك ارتباط) شطري داخل الاشتراكي، لكن الحزب الذي أعلن، منفردا، مجلسه الوطني في الجنوب وغابت عن حضور دورته المنعقدة في عدن، الأيام الماضية، قيادات كبيرة في الحزب يسعى - كما يبدو_ إلى البحث عن مكان في ساحة بات السلاح يفرض واقعها الجديد. فاللجان الشعبية التي سيطرت مؤخرا على مؤسسات حكومية بالقوة بدأت تطمح لاحتواء الحراك الجنوبي بفصائله المتناحرة في إطارها. وكشف مصدر في الحراك، أمس، عن إطلاق اللجان سراح اثنين من ناشطي الحراك الجنوبي محتجزين منذ أيام في سجون الأمن. ونقلت مواقع مقربة من الحراك أن السلطات أفرجت عن القياديين في الحركة الشبابية (وليد الضالعي، ووضاح سنان". واعتُقل الناشطان في مظاهرات يوم "الغضب" الأحد الماضي. والناشطان يميلان للحركة المؤيدة لتيار نائب الرئيس السابق، علي سالم البيض. ووصف ناشطون إطلاق سراح الناشطين بمثابة محاولة للتهدئة مع تيار البيض في الحراك والذي لم يعلن بعد موقفه من سيطرة اللجان على مقاليد السلطة في عدن.