جُمعة دامية شهدتها العاصمة صنعاءواليمن بشكل عام ضرجتها (4) عمليات إرهابية استهدفت المصلين في مسجدي "بدر" و"الحشوش" بأمانة العاصمة مخلفة مئات الشهداء والجرحى من المصلين بينهم العشرات من الأطفال الذين امتزجت أشلاء أجسادهم بأشلاء المصاحف، فيما تم إحباط عملية انتحارية خامسة تستهدف المصلين في جامع الهادي بصعدة، لتقابل تلك الجرائم بإدانات واسعة من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية وسخط كبير من أبناء الشعب، بينما تباهى تنظيم "داعش" الإرهابي بإعلان مسئوليته عن قتل المصلين في مساجد صنعاء متوعداً اليمنيين بالمزيد من الدماء. وحتى التاسعة من مساء أمس تفاوتت إحصائيات شهداء وجرحى العمليات الإرهابية، حيث أكد ل"اليمن اليوم" قيادي في جماعة أنصار الله "الحوثيين" أن عدد ضحايا مسجدي بدر والحشوش ارتفع إلى 153 شهيداً وقرابة 372 جريحاً، يتقدم قافلة الشهداء العلامة الدكتور مرتضى المحطوري خطيب وإمام جامع بدر، وتصدر جرحى جامع الحشوش الدكتور طه المتوكل خطيب وإمام الجامع وعضو اللجنة الثورية التابعة للحوثيين وزميله في اللجنة الثورية خالد المداني، فيما قال مدير أمن الأمانة العميد عبدالرزاق المؤيد إن عدد الشهداء تجاوز المائة شهيد، بالإضافة إلى أكثر من 350 جريح، متوقعاً ارتفاع عدد الشهداء نظراً لكون الكثير من الجرحى إصابتهم خطرة، ليؤكد ذلك أيضاً مستشار مدير شرطة العاصمة العقيد عبدالقدوس المتوكل، موضحاً في اتصال مع "اليمن اليوم" بأن الشهداء بلغ عددهم حتى السابعة من مساء أمس نحو 140 شهيدا و345جريحا، بالإضافة إلى شهيد البحث الجنائي بمحافظة صعدة. تفاصيل العمليات وفيما يتعلق بتفاصيل المذبحتين، أفاد "اليمن اليوم" شهود عيان ومصلون في المسجدين إن انتحاريين أخفيا المتفجرات بمادة الجبس التي لفت على ساق كل واحد منهما وبدا وكأنه مصاب بكسور. وقال شهود عيان بجامع بدر الواقع في منطقة الصافية وسط العاصمة صنعاء "إن الانتحاري الأول قدم إلى الجامع وهو يتكئ على عكازين وإحدى قدميه ملفوفة بمادة الجبس موهماً اللجان الأمنية التابعة للحوثيين التي تتولى التفتيش في بوابات المسجد ومركز بدر التعليمي إنه مصاب بكسر في قدمه". وطلب الانتحاري من أفراد اللجان، بحسب رواية أحد أفراد اللجان، أن يساعدوه في الدخول إلى المسجد". مضيفاً: "تم مساعدته حتى بلغ المنطقة المقابلة لمنبر المسجد على بعد 9 أمتار فقط من المنبر"، وقال شاهد آخر إن هذا الانتحاري فجر نفسه بينما كان العلامة المحطوري في بداية الخطبة الثانية، موضحاً بأن الخطبة الأولى ركز فيها الشهيد المحطوري على العمليات الإرهابية وجرائم الاغتيالات التي تطال الكثير من العلماء والضباط وغيرهم من أبناء الشعب وحملة الفكر وأصحاب المسؤولية، بحسب تعبيره، وبعد لحظات من قيامه لأداء الخطبة الثانية حدث الانفجار وتناثرت الشظايا المتفجرة في كل مكان لتصيب العلامة المحطوري في رأسه متسببة في وفاته على الفور. الانفجار الثاني حدث بعد لحظات من الأول، حيث فجر انتحاري نفسه في البوابة الجنوبية لمسجد بدر مستهدفاً المصلين الذين حالفهم الحظ في النجاة من الانفجار الأول وفروا على شكل جماعات باتجاه البوابة الجنوبية (البوابة الرئيسة لدخول المصلين) ليتلقفهم انتحاري آخر مودياً بحياة العشرات منهم. وتزامن الانفجاران في مسجد بدر مع انفجارين آخرين استهدفا المصلين بمسجد الحشوش الواقع في منطقة الجراف "شمال الأمانة"، حيث أفاد "اليمن اليوم" شهود عيان أن اللجان الشعبية للحوثيين المكلفة بحماية المسجد وتتبع جماعة الحوثيين اشتبهت بأحد الانتحاريين في الحزام الأمني الذي يحيط بالمسجد وحاولت منعه من الدخول فبادر بتفجير نفسه مودياً بحياة أربعة من أفراد اللجنة، ليستغل انتحاري آخر حالة الإرباك وتجمع المصلين مكان العملية ليتمكن من الدخول إلى الجامع وتفجير نفسه بين المصلين. وسقط في هذه العملية عدد من الشهداء بالإضافة إلى عشرات الجرحى بينهم الدكتور طه المتوكل الذي أصيب بشظية في إحدى قدميه وخالد المداني، عضوا اللجنة الثورية للحوثيين. وكشف ل"اليمن اليوم" مصدر في مسجد بدر أن العلامة المرتضى المحطوري اجتمع مع عضوا اللجنة الثورية للحوثيين الدكتور طه المتوكل، وخالد المداني في منزله الملاصق للجامع صباح أمس الجمعة، فيما يبدو أنه للاتفاق على الموضوع الذي ستركز عليه خطبتا الجمعة في المسجدين، بحسب المصدر الذي قال بأن الشهيد المحطوري كان منزعجا جدا من عمليات الاغتيال الحاصلة -آخرها الصحفي الخيواني- دون ضبط المجرمين والتي عبر عنها المحطوري بالقول " سوف نُقتل واحدا واحد إذا لم يتم وضع حد لهذا الأمر". إلى ذلك قال ل"اليمن اليوم" مصدر أمني بمحافظة صعدة إن اللجان الشعبية التابعة للحوثيين تمكنت من إفشال عملية إرهابية كانت تستهدف المصلين بجامع الهادي، موضحاً بأن اللجنة ألقت القبض على انتحاري تكفيري أثناء محاولة الدخول إلى جامع الهادي متنكراً على هيئة مصاب في قدمه ويخفي المتفجرات تحت مادة الجبس، وهي ذات الطريقة التي دخل بها الانتحاريون الأربعة إلى مسجدي بدر والحشوش في صنعاء. وأشار المصدر إلى أن الانتحاري تم إرساله إلى البحث الجنائي وقام بتفجير نفسه مع الجندي بالبحث الجنائي أثناء محاولة تفكيك الحزام الناسف لينتج عن ذلك استشهاد الجندي ومقتل الانتحاري. بيان داعش لم يكن قد مضى إلاّ وقت وجيز على العمليات الانتحارية في مسجدي بدر والحشوش بالعاصمة صنعاء، حتى دشنت الصفحات المعروفة بتبعيتها لتنظيم داعش الإرهابي على موقع التواصل العالمي "توتير" احتفاءها بتنفيذ تلك العمليات، تبعها بعد ذلك بيان رسمي مما يُسمى ب"تنظيم دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام" والمعروف ب"داعش" أعلن فيه مسؤوليته عن 5 عمليات انتحارية في صنعاء وصعدة، واصفاً تلك العمليات بأنها تأتي "ضمن سلسلة الملاحم التي يُسطرها جنود دولة الخلافة في كل يوم ضد أعداء الله ودينه وأوليائه" حد تعبيره. وقال بيان داعش إن خمسة ممن يصفهم ب"فرسان الشهادة" انطلقوا (ملتحفين أحزمتهم الناسفة في عمليّة مباركة يسّر الله لها أسباب التنفيذ لينغمس أربعة منهم وسط أوكار الرافضة . قيادي حوثي: حرب كبيرة وتعليقاً على تلك الجرائم قال ل"اليمن اليوم" عضو المكتب السياسي لأنصار الله ضيف الله الشامي إنها تأتي في إطار حرب كبيرة ضد الشعب اليمني وثورته وتتحرك فيها قوى داخلية ودول خارجية أولها أمريكا وإسرائيل. وأضاف الشامي:" استهداف المصلين يعتبر جريمة بشعة بكل المقاييس وبعيده كل البعد عن الأعراف والتقاليد والقيم"، مستغرباً تناول بعض وسائل الإعلام لتلك الجرائم وإضفاء الطابع المذهبي أو حصرها في جماعة أنصار الله، لأنها –والكلام للشامي- تستهدف الشعب اليمني بأكمله وليس جماعة أنصار الله فقط ويجب على أبناء الوطن أن يتحركوا بقوة ضد الجماعات الإرهابية والأجهزة الاستخبارية الداعمة لها". ووصف الشامي جماعة تنظيم الإرهابية بأنه صنيعة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، وقال إن من يوجهون الانتقادات لجماعة أنصار الله فيما يتعلق بتمكن الانتحاريين من الدخول إلى المساجد هم قوى معروفه تحاول التشكيك في قدرات أنصار الله وتأليب المجتمع ضدهم. وقالت جماعة أنصار الله (الحوثيين) في أول تعليق لها بأنها تعرف من يقف وراء هذه العمليات الإرهابية ومن يحرض عليها ويمولها. مؤكدة بأن ما حصل أمس في صنعاء وصعدة جزء لا من معركة شاملة تقودها أطراف تتبادل الأدوار السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية. وربطت جماعة أنصار الله بين ما حصل في صنعاء وما حصل في عدن من اقتحام مسلحي عبدربه منصور هادي لمعسكرات قوات الأمن الخاصة وتهريب سجناء القاعدة من مركزي عدن، كما أشارت إلى مفاوضات الموفنبيك بأمانة العاصمة متهماً من يعمل على العرقلة بتوفير الغطاء للعمليات الإرهابية. اقتحام منزل (الزنداني) وفي أول ردة فعل، اقتحم مسلحو أنصار الله (الحوثيين) أمس منزل القيادي في حزب لإصلاح عبدالمجيد الزنداني في العاصمة صنعاء. وكان الزنداني قد توارى عن الأنظار واختفت أخباره منذ سقوط الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان التابع له بيد الحوثيين نهاية سبتمبر الماضي.. وتناقلت وسائل إعلامية وتقارير أمنية انتقاله إلى أرحب ثم إلى مأرب. وقالت وسائل إعلام حزب الإصلاح أمس إن الحوثيين اقتحموا منزل الزنداني، مشيرة إلى أن معظم أفراد أسرته غير متواجدين في المنزل. نسف منزل أمين عام الرشاد كما نسف الحوثيون منزل أمين عام حزب الرشاد السلفي عبدالوهاب الحميقاني في مديرية الزاهر محافظة البيضاء. السعودية توجه بإرسال مساعدات طبية من جهتها أدانت المملكة العربية السعودية الاعتداءات الإرهابية في اليمن وقالت إنها لن تؤدي إلا إلى المزيد من زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد. وذكرت وكالة الانباء السعودية "واس" أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وجه بإرسال المساعدات الطبية للجرحى واستعداد المملكة نقل من تستدعي حالته لتلقي العلاج في مراكز طبية في المملكة وذلك من المصابين في هذه الاعتداءات الإرهابية في كلٍ من صنعاءوعدن. وأكدت السعودية على أهمية الاستجابة العاجلة من قبل كافة الأطياف السياسية في اليمن الراغبين في المحافظة على أمن واستقرار اليمن للمشاركة في المؤتمر الذي سيتم عقده تحت مظلة مجلس التعاون في الرياض. روسيا: على طرفي النزاع في اليمن العودة إلى طاولة الحوار اليمن اليوم.. حثت موسكو طرفي النزاع في اليمن على العودة إلى طاولة الحوار تحت وساطة دولية، مؤكدة استعداد روسيا للإسهام في الجهود الدولية لحل الأزمة في البلاد. وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الروسية أمس بشان الأحداث الدموية في اليمن، أن موسكو لا ترى "مخرجا من الأزمة العسكرية السياسة التي عمت البلاد والتي لا تزال تتفاقم، غير مواصلة الحوار الوطني بمشاركة جميع القوى السياسية البارزة في البلاد". وتابع البيان قائلا: "نحن نشدد على ضرورة أن يتخلى الفصيلان اليمنيان المتنافسان عن العنف فورا وأن يعودا إلى طاولة المفاوضات بوساطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر". وأشارت الوزارة إلى أن "روسيا من جانبها مستعدة لمواصلة مشاركتها الفعالة في الجهود الدولية الرامية إلى مصالحة يمنية داخلية"، مؤكدة استعداد موسكو لاستمرار تواصلها مع القوى اليمنية المختلفة "لمساعدتها على إيجاد حلول سلمية للنزاع السياسي المستمر". كما ذكر البيان أن سفارة روسيا في العاصمة اليمنيةصنعاء وقنصليتها في مدينة عدن تواصلان عملهما بعد اتخاذ إجراءات أمن إضافية، مجددة دعوة موسكو إلى المواطنين الروس للامتناع عن زيارة المدينتين بشكل خاص والجمهورية اليمنية على وجه العموم. واشنطن: التفجيرات عمل مشين بدورها أدانت الولاياتالمتحدة الأميركية التفجيرات التي شهدتها صنعاء أمس، معبرة عن تعازيها لأسر الضحايا. وقالت الولاياتالمتحدةالأمريكية في بيان لها إن هذه التفجيرات عمل مشين ولن تساعد البتة في الدفع باليمن إلى الاستقرار ورفاهية الشعب اليمني. وأضاف البيان : نحن نواصل حث جميع الأطراف على الدخول في حوار سياسي هادف لحل الخلافات وعلى الجميع العمل من أجل مصلحة اليمن وشعبه الذي كان لفترة طويلة جداً. نص بيان أنصار الله ((إطار)) ندين ونستنكر الجريمة المروعة والجبانة التي أقدمت عليها عناصر التخريب والإجرام والتي ارتكبت بحق المصلين الآمنين وهم يؤدون صلاة الجمعة في جامع بدر وجامع الحشحوش والتي خلفت مئات الشهداء والجرحى متجاوزة بذلك كل القيم والأعراف والقوانين السماوية والإنسانية. ونعتبر مثل هذه الجرائم إنما تأتي في إطار الحرب الشاملة التي تستهدف الشعب اليمني وثورته وإرادته في التغيير والتحرر من الهيمنة والوصاية الخارجية. والمؤسف أن هناك من يساهم في التبرير لمثل هذه الجرائم البشعة من خلال تشويه الثورة ومعارضة أي عمليات أمنية تنال من هذه العناصر الإجرامية وكذلك من خلال التحريض الإعلامي ضد اللجان الشعبية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية ضد أبناء الشعب اليمني الواحد. وإننا نؤكد أن من يقدم أي تسهيلات لهذه العناصر أو يساندها سياسياً أو عسكرياً أو إعلامياً أو لوجستياً فإنه يعتبر شريكاً لهم في هذه الجرائم هذا إن لم تكن تأتي هذه التسهيلات في إطار تبادل الأدوار لاستهداف الشعب خاصة وقد عرفنا جميعاً حقيقة استقدام هذه العناصر من خارج اليمن بتسهيل وتمويل بعض القوى الإقليمية. وقناعتنا أن هذه الأعمال الإجرامية تحركها أجندات خارجية أمريكية وإقليمية لديها مواقف معادية للثورة وللشعب اليمني. كما أن عرقلة المفاوضات وتعطيل مسار الحوار وإطالة أمده إنما تأتي في سياق منح الوقت لهذه العناصر لترتيب أوضاعها مما يدفع بالبلد نحو الفوضى والاقتتال ويهدد السلم الأهلي والأمن الاجتماعي وأنه لذلك لا بد من تحرك جاد على جميع المستويات السياسية والأمنية والإعلامية للوقوف في مواجهة هذه العناصر الإجرامية. وإننا إذ نترحم على الشهداء الذين ارتقوا إلى الله في هذه الجريمة النكراء فإننا نعزي أهالي وأسر الشهداء ونسأل من الله الشفاء العاجل لكل الجرحى والمصابين. صادر عن المجلس السياسي لأنصار الله بتاريخ: 20/3/2015م ?