لا فلوس ولا سكن.. نريد ترابك يا يمن".. بهذه العبارة وغيرها عبَّر آلاف اليمنيين العالقين في مطار القاهرة، منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، بتاريخ 26 مارس الماضي، حيث تتواصل معاناتهم طوال قرابة الشهرين التي شهدوا فيها أوضاعاً معيشية صعبة، وزادت المعاناة خلال الأيام القليلة الأخيرة إثر استعانة السفارة اليمنية في القاهرة بالشرطة المصرية للاعتداء على اليمنيين الذين يتظاهرون أمام مقرها، فيما اشتكى عدد من العالقين من تصرفات بعض مسئولي السفارة والجالية اليمنية، والتي وصل الحد إلى استغلال حالة إحدى الأسر العالقة ومساومتها بين الزواج من ابنتها وبين تقديم المساعدة.. وكشف بعض العالقين عن ممارسة ضغوط عليهم تتمثَّل في رفع صور ملك السعودية، سلمان بن عبدالعزيز، مقابل تسفيرهم إلى اليمن. وفي هذا الصدد قال ل"اليمن اليوم" مصدر في لجنة إعادة العالقين في مطارات "عمّان والقاهرة ومومباي" التي شكَّلها القائم بأعمال وزير المالية، الدكتور محمد زمام، أبريل الماضي، إن اللجنة اجتمعت، أمس، مع بعثة منظمة الهجرة الدولية في اليمن لمناقشة موضوع إعادة اليمنيين العالقين في المطارات الخارجية، ومنها مطار القاهرة.. موضحاً بأن الاجتماع خلُص إلى الاتفاق على أن تتولى منظمة الهجرة الدولية عملية استخراج تصاريح من قيادة حلف العدوان على اليمن بالسماح بنقل اليمنيين العالقين في الخارج وإعادتهم إلى اليمن، وعلى أن تتكفَّل منظمة الهجرة الدولية باستئجار طائرات لنقل العالقين. وأشار المصدر إلى أن اللجنة بذلت، خلال الأيام الماضية، جهوداً كبيرة لنقل العالقين في الخارج، لافتاً إلى أنه بعد أن كان قد تم الاتفاق مع حلف العدوان، بقيادة السعودية، على السماح بإعادة العالقين وتم انتقال طائرتين تابعة لشركة طيران "اليمنية" إلى القاهرة، نقضت السعودية اتفاقها ورفضت السماح بإقلاع الطائرات اليمنية، واستخدمت في ذلك وزير المالية المستقيل بدر باسلمة، ورياض ياسين، المكلف من قبل عبدربه منصور هادي بأعمال وزير الخارجية من مقر إقامتهما في العاصمة السعودية الرياض. وكان رياض ياسين وبدر باسلمة قد عملا جاهديْن، منذ بدء العدوان، على عرقلة أي جهود يمنية لحل أزمة العالقين في الخارج. وذكرت وكالة "سبأ" الحكومية في خبر لها، أمس، أن اللجنة الفنية لمعالجة قضايا العالقين في الخارج عقدت اجتماعاً لها بصنعاء، برئاسة وكيل وزارة النقل عبدالله علي العنسي، وضم رئيسة بعثة منظمة الهجرة الدولية في اليمن، نيكولا تاجيوارد لانو، حيث ناقش الاجتماع الجوانب المتصلة بقضايا العالقين في اليمن وخارجها، والإجراءات المشتركة التي ينبغي القيام بها لمعالجة قضايا العالقين على نحو عاجل. مشيرة إلى أن الاجتماع تطرق إلى آلية تحديد مقاعد لنقل الأشخاص الذين تستدعي حالتهم السفر من اليمن إلى الخارج، سواء للعلاج أو لغرض مواصلة تعليمهم في المؤسسات التعليمية في الخارج. اعتداءات الشرطة المصرية وتزايدت معاناة اليمنيين العالقين في مطار القاهرة بشكل كبير، خلال الأيام القليلة الماضية، حيث كشف عدد من الناشطين العالقين في مصر- عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"- عن جانب من تلك المعاناة، موضحين بأنهم تعرضوا، أمس السبت وأمس الأول "الجمعة"، إلى اعتداءات متكررة من الشرطة المصرية الذين استعانت بهم السفارة اليمنية لتفريق العالقين من أمام مبنى السفارة والحديقة المجاورة لها. وأشار بعض العالقين اليمنيين إلى أن قوات الأمن المصرية قامت، أمس، بتفريق اليمنيين الذين يفترشون أرصفة الشارع أمام مبنى السفارة والحديقة المجاورة لها، لافتين إلى تعرض عدد من اليمنيين، بينهم امرأة، لاعتداءات الشرطة المصرية بالضرب بالهراوات والدوس بالأحذية على الملفات التي يحملونها ومعظمها تقارير طبية، كون أكثر العالقين كانوا يتعالجون في القاهرة. وأمس الأول "الجمعة"، أغلقت الشرطة المصرية الشارع الذي تقع فيه السفارة اليمنية بعد أن قامت بتفريق اليمنيين وطردهم من الشارع بالقوة، إثر دعوة العالقين لأداء صلاة الجمعة في ذات الشارع والاعتصام أمام السفارة حتى يتم ترحيلهم إلى اليمن. والخميس المنصرم اعتدت الشرطة المصرية بالضرب على اليمنيين المتواجدين في الحديقة المجاورة للسفارة، معظمهم من النساء، ومساء ذات اليوم توفي أحد العالقين الذين ذهبوا إلى مصر لتلقي العلاج نتيجة تضاعف حالته المرضية إثر قرابة 60يوماً قضاها مع العالقين على أرصفة شوارع القاهرة، وكانت أمنيته أن يموت ويدفن في أرضه اليمن. ابتزاز جانب آخر من المآسي التي يتعرض لها اليمنيون العالقون في مصر كشف عنها بعض العالقين، من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها استغلال أحد المسئولين في السفارة اليمنية حاجة مواطنة يمنية عالقة في مصر وطلب منها الزواج مقابل إيوائها، مشيرين إلى أن الفتاة تدعى ( ر. ه. ح) قدمت إلى مصر لعلاج طفلها المصاب بالسرطان، واستغل أحد المسئولين في السفارة بالقاهرة ويدعى "خ. ش" نفاد المال على الفتاة ووالدتها وطفلها وحاجتهم إلى السكن والمعيشة، فطلب الزواج بالفتاة مقابل توفير السكن والمعيشة، إلا أنها رفضت. لتواجه بعد ذلك معاناة من هذا الشخص تمثلت في قيامه بشطب أسمائهم من كشوفات العالقين، والامتناع عن عدم تقديم أي مساعدات إنسانية لهم من السفارة . إلى ذلك قال أحد الناشطين، ويدعى "ماهر اليماني"، إنه تلقى رسالة من أحد العالقين أشار فيها إلى أن بعض المسئولين في السفارة بالقاهرة طلبوا منهم رفع صور ملك السعودية أمام السفارة وسيتم تسفيرهم على الفور. كما اتهم بعض العالقين السفارة باستلام مبالغ مالية كمعونات للعالقين من فاعلي خير ومنظمات إنسانية وعدم توزيع تلك المبالغ على العالقين، من بينها مبلغ 100 ألف دولار مقدمة من مكتب الأممالمتحدة. يُذكر أن الزعيم علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية السابق- رئيس المؤتمر الشعبي العام، تبرع بمليون دولار باسم مؤسسة الصالح الخيرية لصالح العالقين في القاهرةوالأردن وكل دول العالم. ويصل عدد العالقين في المطارات الخارجية إلى 20 ألفاً في دول مختلفة، منها 10 آلاف عالق في مصر، وألفان في الأردن، ونحو 800 عالق في الهند. ووصل أمس الأول "الجمعة" إلى مطار صنعاء الدولي 15 مواطناً يمنياً من العالقين في السودان، و127 من العالقين في الأردن.